أليس من المخزي أن يتجرّد الأعرابُ من أيّ ذرة خجل أو حياء ويجنِّدون أبواقَهم الإعلامية الذليلة وذبابَهم الإلكتروني العفن ليشنّ حملاتٍ حاقدة ومركّزة لتزييف الوعي العربي والترويج للتطبيع مع العدوّ بحجة أنه لم يعُد عدوا، بل أضحى “صديقا” و”حليفا جديدا”، حتى وإن واصل قتل الفلسطينيين بلا هوادة؟!
الكثير من خبراء اللسانيات بالعالم يؤكدون أن اللغة العربية هي إحدى اللغات القليلة التي ستبقى وتنتشر حينما تذبل آلافُ اللغات وتموت، ولذلك بدأت بعض الدول تهتم بتدريس العربية لأبنائها، وفرنسا قررت ذلك منذ أيام لتحقق بذلك العربية نصرا غير متوقع بعقر دار فرنسا فما الذي يمكن أن يقوله الآن أذيالُها بالجزائر
إما أن يكون “للذكر مثل حظ الأنثيين” كما قال الخالق، أو يكون “للذكر مثل حظ الأنثى” مثلما قال هؤلاء التغريبيون في إحدى مسيراتهم، والعياذ بالله، وليس هناك حلٌّ وسط بين الاثنين، ولا ينفع في هذه المسألة مسكُ العصا من الوسط.
بمصادقة مجلس الوزراء على مشروع القانون المتعلق بإنشاء الأكاديمية الجزائرية للغة الأمازيغية، وإحالته إلى البرلمان لمناقشته، تكون ساعة الحسم قد دقّت، وبدأت الأمازيغية تواجه أخطر امتحان لها منذ بدء المطالبة بترسيمها قبل عقود.
كما سقطت في الماء جميعُ رهانات الحركة الوطنية الجزائرية على انتزاع الحقوق سلميا من الاحتلال الفرنسي، بعد عقودٍ من “النضال السلمي”، واقتنعتْ أخيراً بحتمية تفجير ثورةٍ مسلحة لتحرير الجزائر بالقوة، فإننا لا نشكّ قيد أنملة أنّ هذا هو الطريق الصحيح للفلسطينيين.
لم يخطئ وزير الاتصالات الصهيونية أيوب قرا، حينما وصف تغريدة وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة التي أيّد فيها ضرب القواعد العسكرية الإيرانية في سوريا، وعدّه “دفاعا عن النفس” بـ”الدعم التاريخي لإسرائيل”؛ فلأول مرّة منذ 70 سنة، يتجرّأ مسؤولٌ عربي بارز على التأييد العلني للاحتلال الصهيوني!
لا ندري لماذا امتلأت قلوبُ بعض العرب بكل هذا الكمّ من الغلّ والكراهية والبغضاء للفلسطينيين الذين ذاقوا ويلات الاحتلال 70 عاماً وتعرّضوا لكل أصناف الجرائم والعذاب والاضطهاد والتنكيل…؟! لماذا أصبحت فنانةٌ يهودية أكثر شعورا بمأساة الفلسطينيين منهم؟!
لا نعتقد أن أشدَّ المتابعين للوضع العربي تشاؤما كان يعتقد قبل سنوات قليلة أنه سيأتي يومٌ وينتقل فيه العرب من خذلان القضية الفلسطينية وإدارة الظهر لها وترك الفلسطينيين يواجهون التنكيل الصهيوني اليومي وحدهم، إلى مرحلةٍ أخرى يصرِّح فيها بعض قادتهم وزعمائهم بأن لليهود “الحق في العيش بأراضي أجدادهم؟!”.
أين المصلحة في تقسيم الأمة إلى سلفيين مداخلة ينتمون وحدهم إلى أهل السُّنة والجماعة، وباقي الفِرق التي لا تنتمي إليهم كما يزعم شيوخ هذا التيار؟ ما الذي يمكن أن تجنيه الأمَّة من هذه التصنيفات الإقصائية الاتهامية والعدائية غير تغذية الفتن والانقسامات والاصطفافات التي لا تزيد المسلمين إلا تباعدا.
لا يُبدي الغرب القلق نفسه إزاء جريمة أخرى ضد الإنسانية تقع بميانمار منذ ثلاثة أشهر كاملة، وهي لا تقلّ فظاعة عن جريمة استرقاق الأحرار بليبيا؛ إذ يتعرّض نحو مليون مسلم من أقلية الروهينغيا بهذا البلد البوذي منذ 25 أوت الماضي، إلى مذابح مروِّعة، وعمليات اغتصاب جماعي للمسلمات، وتهجير قسري واسع النطاق.
الواضح أن داعش سيدخل بعد أسابيع قليلة مرحلة السرية، ويُنتظر أن يقدِم خلالها على ارتكاب الكثير من العمليات الانتحارية الدموية في مختلف عواصم العالم انتقاما لخسارة "دولته"، قد تُسقِط آلاف القتلى والجرحى، وتنشر المزيد من الرعب والهلع، ولكنها لن تنفع عمليا داعشَ في شيء.
الرابح الأكبر إذن من قيام دولة كردستان هو الكيان الصهيوني، فهو يدعم منذ الستينيات؛ أي منذ عهد مصطفى البرزاني والد مسعود البرزاني، الأكرادَ بالمال والسلاح لقيادة حركات تمرّد ضد الحكومات العراقية المتعاقبة.
ألم تجيِّش أمريكا في صيف 2014 تحالفا من 60 بلدا لمحاربة "داعش"، بعد أن هجَّر آلاف الأيزيديين والمسيحيين وعراقيين آخرين ينتمون إلى طوائف دينية قديمة مختلفة؟
هذه الحادثة دليلٌ آخر على أن الشعب الفلسطيني حيثما كان، لا يزال حيا يتحيّن الفرص لتحرير وطنه مهما طال ليلُ الاحتلال، وهذه بشارة أخرى بقرب تحقيق النصر الأكبر وتحرير فلسطين ولو بعد عقود أخرى من الآن، كما تحررت الجزائر بعد 132 سنة كاملة من الاحتلال.
أدرك الفلسطينيون أنهم إذا استسلموا لهذا الإذلال ودخلوا المسجد عبر البوابات الالكترونية للاحتلال، فسيكون ذلك بمثابة تكريس للتقسيم الزماني والمكاني، وهذا بدوره يمهّد لخطوةٍ أخرى أخطر وهي هدم الأقصى وبناء الهيكل المزعوم بدله، فهبُّوا للدفاع عن قبلة المسلمين الأولى ورفضوا الدخول من أبواب العار.
فلسطين، هي قضية المسلمين الأولى، وبوصلتُهم التي تشير دائما إلى الطريق الصحيح، وهي أيضا خط أحمر لهم جميعا؛ من يعادي المقاومة التي تريد تحريرَها، عادوه جميعا، فكيف تنزلق السعودية إلى هذا المنزلق الخطير وتعادي المقاومة وأكثر من 1.5 مليار مسلم؟