يمكن الوصول إلى حل سياسي؟ ومع من؟ إذا كان هذا النمط من الاجتماعات واللقاءات يهدف بالفعل صناعة تسويات، هل مع المحتلين والتفاوض معهم على استقلال البلاد ورفع أيديهم عن مصادر ثرواتها ومواقعها الجغرافية؟ أم مع النظام الوكيل للحصول على الحقوق السياسية والاقتصادية وسواها؟
حال المراوحة في المنطقة باقية لأجل طويل، وقد تتكيف جميع الأطراف مع حالة الصراع المضبوط بدرجة كبيرة ولا تنزلق إلى حرب ساخنة، إلا في حال وقوع أحد الأطراف في خطأ تقديري أو حصول حادث خارج عن السيطرة
تشكّل الجغرافية أحد المعوقات التي تحول دون إمكانية تحقّق الدولة الكردية، فهي دولة حبيسة لا منافذ بحرية لها وتعتمد على دول الجوار من أجل الوصول للعالم الخارجي في تصريف منتجاتها وإستيراد حاجاتها
في مثل هذه الحروب، غالباً ما تقوم الأطراف الدولية الكبرى بإدراج رغبات اللاعبين المحليين، وحتى الإقليميين، في ذبل إهتماماتها لحظة إجراء الترتيبات النهائية للأوضاع بعد نهاية الحرب
كل ما سبق، لم يكن سوى إطار جرى رسمه بدقة، لعبة مصمّمة بمهارة لينجو نظام الأسد من عقاب المذبحة الكبرى بحق السوريين، وليحقق شعار جعل السوريين ينسون الثورة لمئة عام قادمة.
برز في سنوات الربيع العربي استخدام الثورات المضادة لمصطلح الدولة بكثافة، وذلك كوسيلة تبريرية للتغطية على الهجوم المعاكس الذي شنته نخب الحكم القديمة على ثورات الشعوب، وخاصة وأن هذه النخب تحتل جميع مفاصل الدولة وتتحكم بأليات تشغيلها وتعرف الإستفادة من مخرجاتها وتوظيف مواردها في خدمة مصالحهم.
ليس من الواقعية بمكان قبول شخصية"سياسية" اتهمت شعب البلد بالخيانة؛ لأنه اعترض على سياسات تتنافى مع القيم البشرية، فضلا عن الفساد والمحسوبية وتغوّل الأجهزة الأمنية، حتى لو أن الأسد استطاع البقاء على كرسي السلطة بمساعدة روسيا وإيران وأحزاب ومليشيات إرهابية خارجية، فهذا مبرّر غير كاف لبقائه في السلطة.
يرتبط اسم الجيوش العربية في الوقت الراهن بعالم الجريمة، حيث لا توجد مأساة أو كارثة إلا وللجيوش العربية نصيب كبير فيها، وهو ما يدفع للتساؤل عن سر هذا الارتباط وأسبابه، وما إذا كانت العلة في مؤسسات الجيوش أو في مشغليها من الأنطمة الديكتاتورية.
ثمّة ما يكسر الخاطر ويشق القلب في المأساة السورية، ذلك المتعلق بالبعد الإنتهازي الفاضح في الموقف الدولي، إذ بينما السوريون ينزفون موتأ وإقتلاعاً عن ديارهم تتسابق الدول للحصول على حصة من أرضهم وثرواتهم.
لا يجد الناظر في خريطة الشرق الأوسط مكانا واحدا لا تتحضر جغرافيته وسكانه لحرب محتملة أو وشيكة، ولا يقتصر الأمر على بقعة واحدة وطرفين محدّدين، على ما جرى في الحروب السابقة التي شهدتها المنطقة، بل خليط من أطراف محلية وإقليمية ودولية، ومساحة تمتد من ليبيا حتى البحرين.
لا شك أن هذه الأزمة ستصب في طاحونة مكاسب نظام الأسد والمليشيات الطائفية، وسترفع سقف التحدي الإيراني، ليس في مواجهة الثورة السورية وحسب، ولكن تجاه دول الخليج تفسها حيث ستتأكد إيران أنه بعد سقوط حائط الصد الممثل بالثورة السورية، لن يكون صعبا عليها نقل تجربتها في سوريا إلى دول الخليج نفسها.
ما بين إجتماعات عمان بين الأمريكيين والروس، والتصعيد والتحشيد المتسارع في جنوب سورية وجنوبها الشرقي ثمة سباق على إنتاج تسويات ما، أو الحصول على وضعيات مناسبة.
هل يخرج المشرق الذي تجاوز يوما كوارث الاستعمار والحروب والمجاعات؟ كل التقديرات تشير إلى أن هذه الواقعة مختلفة ولا بد أنها ستنتج متغيرات ووقائع على شاكلتها، رغم أن الذاكرة التاريخية ما انفكت تخبرنا أن هذا المشرق نفسه سبق أن تم إعلان وفاته على يد هولاكو، لكنه عاند وواصل صيرورة التحدي والحياة.