ملفات وتقارير

"عاشقات الشهادة" يوثق لنساء التحقن بالقاعدة وتنظيم الدولة

تناول الكتاب قصة "إيمان البغا" المعروفة بـ"فقيهة التنظيم" والتي تنحدر من عائلة سورية مؤيدة لنظام الأسد- عربي21
تناول الكتاب قصة "إيمان البغا" المعروفة بـ"فقيهة التنظيم" والتي تنحدر من عائلة سورية مؤيدة لنظام الأسد- عربي21
يكشف كتاب صدر حديثا بعنوان "عاشقات الشهادة.. تشكلات الجهادية النسوية من القاعدة إلى الدولة الإسلامية" للباحثين الأردنيين حسن أبو هنية ومحمد أبو رمان، عن قصص مثيرة لـ"نساء جهاديات" التحقن بصفوف تنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية، مظهرا تبدل النظرة لدى الجماعات الجهادية حول دور ومشاركة المرأة في أنشطتها.

وطرح الكتاب الذي صدر الثلاثاء عن مؤسسة "فريدريش أيبرت" في العاصمة عمان، قصصا لـــ50 سيدة "جهادية" تركن أثرا في مسيرة تنظيمي القاعدة والدولة، وعلى رأسهن "إيمان البغا" المعروفة بـ"فقيهة التنظيم" والتي تنحدر من عائلة سورية مؤيدة للنظام السوري، ووالدها الشيخ مصطفى البغا، ويعرف بـ"خطيب بشار الأسد".

وخلص الباحثان المتخصصان في شؤون الحركات الإسلامية، إلى أن هنالك تحولا كبيرا حدث في دور "المرأة الجهادية" وحجم مشاركتها، والنصوص الدينية المؤسسة لذلك، مع بروز تنظيم الدولة وإعلانه قيام دولته في العراق وسوريا عام 2014.

ويقع الكتاب في قسمين رئيسين؛ يتناول الأول تطوّر الجهادية النسوية، والمراحل التي مرّت بها، والتحولات التي عبرت خلالها أيديولوجيا وتنظيميا. ويعالج القسم الثاني عشرات الحالات النسائية الجهادية، متتبعا رحلتهن إلى عالم "القاعدة" والجماعات الجهادية، وصولا إلى "الداعشية"، في محاولة فهم الأسباب التي دفعتهن إلى هذه الطريق.

ويبدأ الكتاب بمفارقة التناقض بين طبيعة تنظيم الدولة "الدموية والذكورية" التي تذهب الفرضيات الانطباعية إلى تناقضها مع طبيعة المرأة من جهة، وبين قدرة التنظيم على تجنيد مئات النساء الأوروبيات والغربيات، ومثلهن عربيات، والوصول إلى طفرة حقيقية في "كم" النساء "ودورهن" في التنظيم.

وللإجابة عن هذا التساؤل؛ يذهب القسم الأول من الكتاب في فصوله الأربعة، إلى رصد تطور دور المرأة في التيارات الجهادية من زاوية، وخطاب تلك التيارات والفتاوى الدينية والنظرة إلى المرأة من زاوية ثانية، متتبعا الجذور الوهابية (نسبة لمحمد بن عبدالوهاب) والرؤية القطبية (نسبة لسيد قطب)، ثم الجماعات السلفية الجهادية المحلية، وخاصة في مصر وسوريا والجزائر، وصولا إلى تجربة الجهاد الأفغاني، وأخيرا تنظيم القاعدة، فتنظيم الدولة.

ويصل الكتاب إلى نتائج وخلاصات مهمة؛ تتمثل أولا بأن التحول الرئيس في حجم مشاركة المرأة ودورها جاء مع تنظيم الدولة خلال الأعوام الأخيرة، فقبل ذلك كانت مشاركة المرأة في تلك الحركات مرتبطة بأدوار ثانوية وليست رئيسة، وكان هنالك تأكيد في الخطاب الجهادي عموما؛ على رفض دخول المرأة في ميدان القتال والمعارك، وتفضيل عدم هجرتها إلى مناطق الصراع إلا بوصفها زوجة أحد المقاتلين، ويكون عملها في المنزل وفي تربية الأبناء، بينما مع تنظيم الدولة تغيرت الأمور تماما، وانقلبت رأسا على عقب في ما يتعلق بدور المرأة، إذ أصبحت "جهادية"، وليست فقط "زوجة مجاهد"، وأصبحت تقوم بأدوار متعددة، وهنالك كتائب متخصصة لها.

وتعقب الباحاثان ظاهرة "المرأة الانتحارية" منذ فترة أبي مصعب الزرقاوي (مؤسس تنظيم الدولة سابقا في العراق)، فبعد أن كانت التجربة مقتصرة على التجارب الإسلامية الوطنية، مثل حركتي حماس والجهاد، أو المقاتلين العرب في الشيشان؛ نقل الزرقاوي المرأة الانتحارية إلى العالم الجهادي العربي، وتطوّرت الظاهرة حسب الكتاب، فقد "أصبحت هنالك عشرات الحالات من الانتحاريات، ودخول المرأة إلى العمل القتالي، وتقديم الدعم اللوجستي، وعمليات الحسبة والدعوة.. لكن الجانب الأكثر أهمية في عمل المرأة مع تنظيم الدولة يتمثل في الدعاية الإلكترونية والتجنيد، إذ إن نسبة كبيرة من مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية تدار اليوم بواسطة النساء".

ويبرز الكتاب تغير الفتاوى المرتبطة بالمرأة، وتبدل بعض المفاهيم الدينية، كتبرير سفر المرأة من غير محرم، كما ورد في كتابات عبدالله عزام وفتواه الشهيرة حول "جهاد الدفع"، بأن تسافر المرأة من غير إذن زوجها أو ولي أمرها، مشيرا إلى أنه "تم وضع قانون خاص بالنساء وأوضاعهن في الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم".

ويبرز الكتاب أسماء لامعة من النساء الجهاديات في فضاء السلفية الجهادية، سواء في أراضي التنظيم أم خارجها، مثل: "فقيهة التنظيم" إيمان البغا، وريما الجريش، وندى القحطاني (أخت جليبيب)، ووفاء الشهري، وأم الرباب، وقبلهن فتيحة المجاطي، وأمينة العرودي، وغيرهن.

وتناول القسم الثاني من الكتاب حالات دراسية تقترب من الـ50، وأشار المؤلفان إلى صعوبة الوصول إلى تلك الحالات، وإشكالية مصادر المعلومات وعدم حياديتها على الأغلب.

وانتقل القسم الثاني من المستوى النظري إلى العملي لدراسة الحالات، وانقسم إلى خمسة فصول؛ تناول الفصل الأول حالة "الطبيبات السودانيات الثريّات"، وهن طالبات يدرسن الطب في جامعة مأمون حميدة، غادرن إلى التنظيم، وأغلبهن من الطبقة الثرية، ويحملن جنسيات بريطانية وغربية، وآباؤهن إما أطباء مشهورون، أو رجال أعمال، ومنهن ابنة الناطق باسم وزارة الخارجية السودانية، الذي كان للمفارقة يتابع أوضاع الفتيات.

والحالة الثانية تمثّلت بفتيحة المجاطي، وهي امرأة مغربية انتقلت من النقيض إلى النقيض، حيث إنها درست القانون بالفرنسية، وكانت متحمسة للثقافة الغربية، ثم أصابها سؤال الهوية مع حرب الخليج الأولى عام 1990، وبدأت تتدحرج في مواقفها وثقافتها إلى التدين والحجاب، ثم تزوجت، وتحولت هي وزوجها إلى العالم الجهادي، وصولا إلى التجربة الأفغانية، ثم السجون في السعودية والمغرب، وأخيرا العودة إلى أراضي تنظيم الدولة في سوريا.

وفي الحالة السعودية؛ أبرز الكتاب عددا كبيرا من النماذج المرتبطة بتشكل مجتمع جهادي سعودي، وأغلبها من زوجات المعتقلين أو المقتولين من أبناء تنظيم القاعدة في السعودية، ممن شاركن في مسيرات ومظاهرات "فك العاني" للمطالبة بالإفراج عن أقربائهن. فتناول الكتاب حالات وفاء الشهري، ووفاء اليحي، وهيلة القصير (أم الرباب)، وندى القحطاني، وأروى البغدادي، وحنان السمكري، ونجلاء الرومي وبنت نجد، ومي الطلق، وأمينة الراشد (نساء بريدة)، وهيفاء الأحمدي، ونجوى الصاعدي (مكة)، والجهاديات الجديدات.. لينتهي الفصل بتحليل معمق للأسباب والشروط المرتبطة بصعود الجهادية النسوية السعودية.

أما الفصل الخامس؛ فخصص للأوروبيات، وقُسم إلى البريطانيات والفرانكفونيات (فرنسا وبلجيكا)، فتناول في الحالة البريطانية المراهقات البريطانيات والتوأمتين وغيرهن. وفي الحالتين الفرنسية والبلجيكية عرض لنموذج مليكة العرود، وحسناء بولحسن، وإيناس مدني، وحياة بومدين.  

أما الفصل السادس؛ فتناول "الداعشيات" الأمريكيات، وبدأ بقصة تاشفين مالك، التي شاركت في عملية مسلحة مع زوجها متين عمر، متتبعا قصتها وتحولاتها، مرورا بآريل برادلي التي كانت تبحث عن هويتها، وانتقلت من عائلة متشددة مسيحية إلى جهادية، ثم هدى عثمان، وشانون كونلي، وأخيرا جايلين يونغ.

وينتهي الكتاب بخاتمة تحليلية للحالات الدراسية من جملة من النقاط، بداية من تحولات دور المرأة وحجم مشاركتها من "القاعدة" إلى تنظيم الدولة، ثم اتجاه الجيل الجديد من النساء الجهاديات إلى تنظيم الدولة وليس "القاعدة".

ثم تحدث الكتاب عن كسر الصورة النمطية؛ "فبالرغم من أن العينة المدروسة لا تستجيب للشروط العلمية الصارمة، إلا أنها تشير إلى وجود نسبة مهمة من الحالات التي كانت فيها النساء والفتيات الدارسات مثقفات ومتعلمات ومن الطبقة الوسطى، ما ينفي بدرجة رئيسة أهمية عوامل مثل الفقر والبطالة، ونقص التعليم، والبحث عن الزواج".

رابط الكتاب (https://bit.ly/2o6VTTK)
التعليقات (0)

خبر عاجل