ملفات وتقارير

غاب الحساب والانقلاب يدافع عن أذرعه الأمنية.. لماذا؟

وجهت اتهامات للسيسي والأجهزة الأمنية بالوقوف وراء التفجيرات أو التغاضي عنها على الأقل- جيتي
وجهت اتهامات للسيسي والأجهزة الأمنية بالوقوف وراء التفجيرات أو التغاضي عنها على الأقل- جيتي
"النزيف اللي إحنا بننزفه دَوَت، ولا النزيف اللي انتوا بتشوفوه في دول تانية؟"، كانت تلك إحدى كلمات قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي عقب حادثتي تفجير كنيستي مارجرجس بطنطا، والمرقسية بالإسكندرية، التي شهدتهما مصر الأحد.

ذلك التصريح اعتبره محللون؛ تبريرا لما أسموه حالة الفشل الأمني التي تعيشها البلاد في شبه جزيرة سيناء وطالت القاهرة وباقي المحافظات، منتقدين دفاع السيسي عن أذرعه الأمنية ونفي التقصير عن أجهزته السيادية، وعدم محاسبة أي مسؤول أمني على جرائم التفجير التي طالت البلاد على مدى ثلاث سنوات حكمها السيسي، قائلين له "إما أن تحاسِب وإما أن تُحاسَب".

واستيقظت مصر صباح  الأحد، على وقع تفجيرين في كنيستين في طنطا (وسط الدلتا) والإسكندرية (شمال) بالتزامن مع ما يعرف بـ"أحد السعف" عند الأقباط، في هجومين تبناهما تنظيم الدولة، مخلفا 42 قتيلا وعشرات الجرحى.

غضب قبطي

وحملت قوى سياسية نظام الانقلاب مسؤولية التفجيرين بشكل خاص ومسؤولية التدهور الأمني الذي يضرب البلاد بشكل عام، منذ الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي، منتصف 2013.

وعلى إثر التفجيرين انتشرت حالة من الغضب بين المصريين والأقباط، ما دفع مجموعة من الشباب الغاضبين للاعتداء على مدير أمن الغربية، اللواء حسام الدين خليفة، داخل كنيسة مارجرجس بطنطا.

كما خرج عشرات المسيحيين، في مظاهرات وقطعوا طرقا رئيسية في الإسكندرية والغربية، الأحد، رافعين الصلبان، ومطالبين برحيل رئيس الانقلاب عن الحكم، متهمين وزارة الداخلية في حكومة الانقلاب بالمسؤولية عن التفجيرين، كما أدانوا تقصير الشرطة بحماية الكنائس.

"تحاسِب أو تُحاسَب"

وفي مقال له الاثنين بصحيفة "المصريون" الموالية للانقلاب، قال الكاتب الصحفي محمود سلطان: "المُفزع.. أنه في كل الحوادث الإرهابية المروعة التي وقعت في الأعوام الثلاثة الأخيرة، لم يخضع بشأنها مسؤول واحد للتحقيق.. وتكتفي السلطة، بإذاعة الأغاني الوطنية.. وأفلام تسجيلية من قبيل المتاجرة بآلام أهالي الضحايا.. ولإبراق رسالة طفولية وشديدة التفاهة تقول: إن الإرهاب وحش.. وكأنه يوجد انقسام وطني بشأن ما إذا كان الإرهاب وحش ولا حلو".

وأضاف سلطان مخاطبا السيسي: "ولا ندري ما إذا كانت مهمة الرئيس الدستورية، هي حماية المقصرين والمهملين من رجاله.. أم حماية الشعب من الإهمال والإرهاب.. سلسلة التفجيرات الأخيرة التي استهدفت المساكين والغلابة من المسيحيين وهم يؤدون صلواتهم في الكنائس.. تضع الرئيس أمام خيارين: إما أن تحاسِب وإما أن تُحاسَب".

الجاني واحد

وأكد الكاتب الصحفي، أحمد حسن الشرقاوي، أن "استمرار النظام في انتهاج عدم الشفافية تجاه تلك الجرائم؛ يُشعل شكوك خصومه ومناهضيه في ضلوعه أو -على أقل تقدير- تغاضيه عنها والسماح بها لاستغلالها في تحقيق أهدافه".

وأوضح الشرقاوي، في حديثه لـ"عربي21"، أن "أساليب التفجير متشابهة، خصوصا ما يتعلق بتفجير الكنائس"، مضيفا: "نفس الأسلوب تم في كنيسة القديسين بالإسكندرية مطلع 2011، ثم في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية نهاية 2016، ومؤخرا في مارجرجس بطنطا".

وتابع نائب رئيس وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الساب: "في علم الجريمة والعقاب يقولون إن تنفيذ الجريمة بأسلوب متشابه يعني أن الفاعل واحد".

وأضاف: "ولأن النظام لا يسمح بتناول تلك الجرائم على نطاق مجتمعي وبشكل حر يطرح وجهات النظر المختلفة؛ فإن هذا الإصرار من النظام يعطي مبررا لخصومه لاتهامه بالتستر على الفاعل الحقيقي"، مؤكد "أنه لا يمكن لوم من يذهب لأبعد من ذلك ويتهم النظام تلميحا أو تصريحا بأنه يقف خلف تلك التفجيرات".

وحول احتمال أن يكون كل ذلك مرتبا لما سوف تشهده البلاد من قرارات كان يرفضها الشعب أو قوانين مقيدة للحريات، أكد الشرقاوي أنه "احتمال وارد؛ غير أنه من الصعب إثباته، خصوصا وأن النظام يصادر حرية الرأي والتعبير داخل مصر".

لا تقصير

من جانبه يرى مدير مركز الدراسات الأمنية والسياسية، اللواء علاء بايزيد، أنه "لو كان هناك تقصير في طنطا فقد تمت إقالة مديري الأمن والمباحث والأمن الوطني، أما الإسكندرية فقد تصدت قوات الشرطة للإرهاب وقدمت أرواحا فداء لواجبها الوظيفي لحماية الأقباط".

وقال بايزيد لـ"عربي21": "إذن فلا تقصير؛ ولا ننسى أننا نحارب الإرهاب وهو عدو خفي غير محدد وأن الشرطة بمعاونة الجيش أجهضت 90% من العمليات المستهدفة بالضربات الإجهاضية والاستباقية".
 
وأضاف بايزيد أن "الأقباط مدركون أن هدف تلك العمليات هو التفريق والغضب واستهداف مصر، ولن يزيدهم ويزيدنا إلا ثباتا وتضامنا"، مؤكدا أنه "في الأزمات وأمام المخاطر ينسى المصريون كل شيء متوحدين على قلب رجل واحد".

تفجيرات عهد السيسي

وشهدت مصر منذ الانقلاب العسكري منتصف 2013، وقائع تفجير وهجوم على كنائس بدأت عندما هاجم ملثمان على دراجة بخارية حفل زفاف بكنيسة العذراء بمنطقة الوراق بالجيزة 20 تشرين الأول/أكتوبر 2013، ما أدى لوفاة أربعة أشخاص وإصابة 18.

وطالت التفجيرات مقر الكنيسة البطرسية بمجمع كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس بحي العباسية في القاهرة 11 كانون الأول/ ديسمبر 2016، ما خلف 25 قتيلا وإصابة 50 شخصا.

وشهدت شبه جزيرة سيناء في شباط/فبراير 2017، سلسلة هجمات استهدفت أقباطا في العريش وقتل على أثرها سبعة أشخاص ونزحت بعض الأسر المسيحية من سيناء. وكانت آخر وقائع التفجير الأحد 9 نيسان/أبريل 2017، بتفجيرين استهدفا كنيسة مارجرجس في طنطا والكاتدرائية المرقسية في الإسكندرية.
التعليقات (0)