قضايا وآراء

تأشيرة السودان.. وإعلام عباس

قطب العربي
1300x600
1300x600
من الصعب الاقتناع أن التأجيل المفاجئ لزيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى السودان والتي كانت مقررة عصر السبت كان بسبب العواصف الترابية في الخرطوم، لكن من الأيسر الإقتناع أن التأجيل كان بسبب العواصف السياسية التي اجتاحت الخرطوم قبيل زيارة شكري مع تصاعد الدعوات لمظاهرات شعبية واسعة لاستقباله بدلا من الاستقبال الرسمي، وغالبا فإن تلك العواصف الشعبية هي التي منعت الوزير أن يكمل رحلته بناء على تقديرات أمنية وسياسية، وهي ذاتها التي دفعت الحكومة السودانية لإصدار قرار بفرض تأشيرة دخول على المصريين لتهدئة ذاك الغضب، والحقيقة أن الذي سيتضرر من هذه التأشيرة بشكل كبير ليس أنصار السيسي، ولكنهم المستضعفين من الشعب المصري، والمأمول من الحكومة السودانية أن تعيد النظر في هذا القرار مراعاة لأولئك المستضعفين.

قبيل الموعد المقرر لوصول الوزير شكري، تصاعدت دعوات التظاهر تحت عنوان مبادرة الشعب السوداني، وأعلنت جملة من المطالب منها إيقاف الحريات الأربع بين مصر والسودان، والتحرك الفوري في ملف حلايب، وإيقاف كل الاتفاقات الاقتصادية بين البلدين، ورفض الاستثمار المصري في السودان، ومنع الصادرات والواردات بين البلدين الخ، وهي جملة من المطالب الغاضبة، بعضها يضر بالسودان نفسه، لكنها على كل حال تعكس ألما من الزوابع الإعلامية في القاهرة ضد الشعب السوداني والتي شارك ويشارك فيها غلمان لا يعرفون قيمة العلاقات التاريخية والإمتزاج بين الشعبين الذي يندر مثيله، أكتب ذلك، وأنا لست بعيدا عن هذا الإمتزاج الذي جمع عائلتي المصرية بمصاهرة مع عائلة سودانية سياسيةعريقة منذ الأربعينيات نتج عنها أبناء وأحفاد، يعتبرون كلتا الدولتين وطنا لهم، لكن غلمان وسفهاء الإعلام في مصر الذين تضخمت كروشهم من قروش الشعب "الفقير قوي"، لا يقدرون خطورة الكلمة أو الكاريكاتير، أو حتى النكات التي يطلقونها سخرية من أشقائهم الذين امتزجت دماءهم بدماء المصرييين في الحرب ضد الكيان الصهيوني، والذين قاسمونا اللقمة، وشربة المياه، بل وتركوا لنا على مدار سنوات كميات كبيرة من المياه التي جرت عبر النيل شمالا لتروي الأرض المصرية.

الإعلام السفيه الذي سمم الأجواء بين الشعبين، لا يعمل وفقا لأجندة وطنية خالصة، ولا يتحرك بقرار ذاتي، بل يعمل بريموت كنترول يمسك به ذاك الجنرال الذي يحدد لـ "الواد يوسف" و"البت عزة" وغيرهما ما ينبغي قوله ومالا ينبغي، وبالتالي فالحملات التي شنتها تلك الأبواق الإعلامية على الشعب السوداني مؤخرا هي بالتأكيد "وارد مكتب عباس كامل" حتى لو نفى ذلك.

من مساخر القدر أن يكون أحد أسباب التوتر الحالي بين الدولتين هو "الخناقة" على الانتساب لفرعون، وليس الانتساب لسيدنا موسى مثلا، وهي "الخناقة" التي اندلعت عقب زيارة الشيخة موزة بنت ناصر والدة أمير قطر للآثار السودانية مؤخرا، والسعي لترميمها، فمثل هذه المعركة الهزلية التي شارك فيها إعلاميون وحزبيون وبرلمانيون ووزراء، ما هي إلا رأس جبل النار التي اشتعلت منذ مطلع العام 2017 وذلك مع صدور إتهامات إعلامية من القاهرة للسودان بدعم عمليات مسلحة ضد عناصر النظام المصري، وكذا اتهامات إعلامية سودانية لنظام السيسي بدعم الجبهة الثورية المعارضة للحكم السوداني، وعادة يتبع أي تدهور في العلاقات بين الحكومتين بروز مفاجئ لقضية حلايب، التي هي دوما" في الهم مدعية وفي الفرح منسية".

 ومع خروج الأزمة عن نطاق الإدارة الحكومية في كلتا الدولتين، ودخول قطاعات شعبية على الخط مباشرة، فإن الخوف أن هذا الغضب الشعبي لا يفرق بين النظام الحاكم في مصر وأذرعه الإعلامية التي تنهش السودانيين كما نهشت ولا تزال تنهش المصرييين أيضا، وتحرض على قتلهم، وبين عموم الشعب المصري الذي يعتبر السودانيين نصفه الآخر الذي لا غنى له عنه، والأمل معقود على عقلاء الشعبين للتدخل للجم الإنفعالات التي تزيد النار اشتعالا هنا أو هناك، وهنا يحضرني نموذج الراحل المهندس إبراهيم شكري رئيس حزب العمل الذي كان ينهض لإطفاء الحرائق التي يشعلها المحرضون ضد السودان في مصر، أو المحرضون ضد مصر في السودان، ويبادر على الفور لزيارة السودان لتهدئة الأجواء متحملا كل سخامات الإعلام المباركي، أيها المصريون..أيها السودانيون استقيموا يرحمكم الله، ولا تتركوا فرجة يتخللها الشيطان.
التعليقات (1)
يوسف
الأحد، 09-04-2017 09:30 م
تشكر كثير علي ما قلته انفا وهو عين الصواب فكل السودانيين الذين زاروا مصر وجدوا عكس ما يقوله المرضي النفسيين من الاعلاميين المصريين امثال الحسيني واحمد موسي واحمد ادم وبقية المعتوهين ولاننسي زاهي حواس. وجدوا شعبا اطيب من طيب لم يدخروا وسعا في مساعدة السودانيين الباحثين عن علاج او خلافه