قضايا وآراء

تصاعد ممارسات القمع في شهر عريضة الإصلاحات

أحمد الشيبة النعيمي
1300x600
1300x600
تصاعد ممارسات القمع في شهر عريضة الإصلاحات.. واستهلاك شعارات السعادة  للتشويش على واقع الانتهاكات

كلما مرت ذكرى توقيع عريضة مارس للمطالبة بالإصلاحات تنتاب الأجهزة الأمنية حالة من الهوس الانتقامي وتتصاعد ممارسة القمع في هذا الشهر بصورة جنونية تتزامن مع تصاعد شعارات التغني بأوهام السعادة وأحجيات التسامح.. ما يؤكد أن الهدف من ارتفاع جلبة الضجيج الاحتفائي بالسعادة والتسامح مجرد التشويش على صرخات المظلومين وآهات ضحايا القمع والاعتقال والتعذيب والإجراءات التعسفية حتى لا تصل إلى مسامع العالم الحر والضمير الإنساني.

وبمراجعة سريعة للحصيلة القمعية في مارس الماضي تتكشف للمراقب مظاهر هذه الحالة الهوسية الانتقامية التي تتلبس الأجهزة القمعية في هذا الشهر من كل عام ولعل أبرز هذه المحصلة تمديد اعتقال أسامة النجار رغم انتهاء فترة عقوبته، وإصدار محكمة استئناف أبوظبي حكماً قضى بسجن الأكاديمي الاقتصادي  د.ناصر بن غيث عشر سنوات مع غرامة مالية، كما قضت المحكمة نفسها بسجن الصحافي الأردني تيسير النجار ثلاث سنوات بسبب كتابة منشور ينتقد مواقف الدول العربية من القضية الفلسطينية، و من أكبر الأحداث في هذا الشهر اعتقال الناشط الحقوقي أحمد منصور، بالإضافة إلى قيام أمن الدولة بوضع عدد من المعتقلين السياسيين في سجون انفرادية في سجن "الزرين".

وامتدت الاعتقالات حتى إلى بعض المقربين من السلطة الذين يبدون بعض الميل إلى الإصلاحات كاعتقال الأكاديمي عبدالخالق عبدالله عشرة أيام ضمن إجراءات بث الرعب والإرهاب النفسي في نفوس كل ما من تحدثه نفسه بالمطالبة بالإصلاح ولو بالتلميح وهو امتداد لإرهاب منظم عبر الاعتقالات التعسفية والقمع الأمني ومصادرة كل مظاهر حرية التعبير ومع استمرار هذه الإجراءات فإن الحديث عن توفير الأمان والتغني بأحلام السعادة  مجرد أوهام تسوقها الجوقة الإعلامية الرسمية للتغطية على واقع القمع والتشويش على صرخات المظلومين وضحايا التعسفات.
   
وفي سياق الإمعان في التضليل وتزييف الوعي تواصل الجوقة الإعلامية الاستهتار بكل قيم الصدق والنزاهة والشرف الأخلاقي لمهنة الإعلام وتعمل ليل نهار على تشويه نخبة المجتمع من الشرفاء والمثقفين الأحرار والدعاة المصلحين والأكاديميين المتميزين والطعن في ولائهم في تهديم واضح للتماسك والسلم الاجتماعي فضلاً عن التأثير السلبي لهذه الحملات على منظومة القيم التربوية في تشكيل وجدانيات وعقليات تمجد النفاق وتتحاشى الصراحة و قول الحقيقة وتعيش ثنائية رهاب الخوف الحقيقي والتغني بأوهام السعادة.

إن تحصيل السعادة والأمن الداخلي يستحيل أن يمر عبر قنوات القمع ومصادرة الحقوق والحريات وإشاعة الإرهاب النفسي والمادي والمعنوي والجسدي ويوم أن نتصالح مع ثقافة حقوق الإنسان ونحترم كرامة الإنسان ونمتلك التشريعات التي تردع كل من تسول له نفسه المساس بالحقوق والحريات حينها فقط ستجد السعادة طريقها إلى أرض الواقع بعيداً عن ضجيج الجوقة الإعلامية التي تستهلك شعارات صناعة السعادة  للتشويش على واقع الشقاء.
التعليقات (0)