فهمي هويدي
1300x600
1300x600
في تغطيتها زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لواشنطن، حيث يفترض أن يستقبله اليوم الرئيس ترامب، أبرزت صحيفة «الشروق» في العناوين الرئيسية للصفحة الأولى خبرين هما: أن المساعدات مستمرة، وأن حقوق الإنسان ليست أولوية أمريكية، والأول يشعرنا بالخجل والثاني يشعرنا بالعار. وإذ لا أشك في حسن نية من صاغ العنوان، إلا أنني ما تمنيت أن تكون اليد السفلى مصرية واليد العليا أمريكية، في هذه الزيارة أو في غيرها، الأمر الذي يعيد تعريف «التحالف الاستراتيجي» على كراهتنا له، أما الثاني فلم يخطر على بالي أن تكون حقوق الإنسان الأمريكي مطروحة للبحث أو المساومة، لأن لا السيد ترامب ولا أي مسؤول في إدارته يستطيع أن يمس شعرة من حقوق الإنسان هناك، بل إن الرئيس الأمريكي بات من يدوس الجميع على كرامته هذه الأيام. لذلك لست أشك في أن التسامح الأمريكي مقصود به الانتهاكات التي تتعرض لها كرامة الإنسان المصري، وتلك بشرى تشيع الفرح والسرور في أروقة وزارة الداخلية والسجون التابعة لها، فضلا عن أقسام الشرطة وغير ذلك من بؤر التعذيب ومظانه، المعلومة منها والمجهولة، إلا أنها لا تشرف مصر وتمثل إهانة وصدمة بالغة لباقي المصريين.

صحيح أن الحديث عن تراجع أولوية حقوق الإنسان في ترتيب علاقات واشنطن والقاهرة أوردته صحيفة «نيويورك تايمز»، إلا أن إبرازه باللون الأحمر ضمن عناوين الصفحة الأولى أعطى انطباعا مغايرا لأول وهلة، خصوصا أن التقرير المنشور أورد تصريحات المتحدث باسم الرئاسة التي تحدث فيها عن برنامج الرئيس المصري ولقاءاته مع المسؤولين الأمريكيين، والآمال المعلقة علي ما وصف بأنه إعادة «تشغيل» العلاقات بين البلدين.

صحيح أيضا أن عدم اكتراث الرئيس الأمريكي الجديد بموضوع حقوق الإنسان أو بالديمقراطية ليس خبرا جديدا؛ لأن ذلك موقف مبكر للرجل عبر عنه في حملته الانتخابية، إلا أن كلامه كان عاما لم يقصد به دولة بذاتها، لكنه حين ورد في بداية زيارة الرئيس السيسي للولايات المتحدة، فإنه ثبت الفكرة بالنسبة لمصر صاحبة السجل المشهود في الانتهاكات.

من ناحية أخرى، فحين ذكرت «نيويورك تايمز» أن موضوع انتهاكات حقوق الإنسان كان أحد نقاط الخلاف بين إدارة الرئيس باراك أوباما ومصر؛ فهي لم تضف جديدا إلى مواقفها. لكن المعلومة قد تكون جديدة بالنسبة لأغلب المصريين؛ ذلك أن الخطاب السياسي والإعلامي المصري لم يتطرق إلى هذه النقطة، وإنما دأب على الحديث عن دعم إدارة أوباما للإخوان، حتى إن إحدى الصحف وصفت آن باترسون السفيرة الأمريكية لدى القاهرة في عهده بأنها كانت «عميلة الإخوان». كما أن الأبواق الإعلامية ظلت طول الوقت تتحدث عن اختراق الإخوان للبيت الأبيض، وتخللت تلك الحملة إشارة إلى علاقة ابن عم أوباما بالتنظيم الدولي.. إلخ.

التحليل الذي ذكرته نيويورك تايمز كشف النقاب عن أن التنازع الحقيقي بين واشنطن والقاهرة لم يكن الإخوان موضوعه، وإنما كان محوره موقف الأخيرة من مسألة حقوق الإنسان، التي ظل الدفاع عنها إحدى ركائز التقرير السنوي للخارجية الأمريكية، وإن استثنيت من ذلك ممارسات الإسرائيليين مع الفلسطينيين. لذلك اعتبرت الصحيفة الأمريكية أن ترامب حين أعلن بأنه ليس معنيا بانتهاكات حقوق الإنسان، فإنه أحدث تحولا في السياسة الخارجية الأمريكية التقليدية.

في نفسي شيء من هرولة الزعماء العرب نحو البيت الأبيض خصوصا في ظل انحياز رئيسه الفج لإسرائيل، مع ذلك فإنني أتمنى للرئيس المصري النجاح في رحلته، شريطة ألا يعد تراجع أولوية حقوق الإنسان من إنجازات الزيارة.

الشروق المصرية
1
التعليقات (1)
عبدالله العثامنه
الإثنين، 03-04-2017 05:54 ص
مصر: تأكل نظامها السياسي؛ أشبعوها ضربا.