مقالات مختارة

مؤتمر القمة..الحل بأيدينا

فايز الفايز
1300x600
1300x600
لا يمكن لقمة عمّان التي ستنعقد اليوم الأربعاء أن تكون مؤتمر صلح وإصلاح شامل ،فلا يملك أحد عصا سحرية لحلّ مشاكل مزمنة محسوسة وغير ملموسة، ولكن التأكيد العربي على حضور القمة، خصوصا المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات والكويت والمغرب بقياداتها، يمكنه التأسيس لمرحلة قادمة، يمكن رسم سياساتها وخطط الخروج من المأزق العربي الذي يحاصر مستقبل هذه الشعوب والدول، خصوصا بعد سنوات من الحرب المدمرة في سوريا والصراع الكارثي في اليمن وليبيا، والوضع المعقد في العراق، والنفوذ السياسي الإيراني الذي سيطر على سياسات وقرارات في المنطقة العربية، فيما قضيتنا الأولى القضية الفلسطينية، أصبحت قضية ثانوية، ستعيدها عمان للسطح والتأكيد على الحق الفلسطيني وحماية القدس.


تاريخيا وللأسف، تخلى الشعب العربي عن آماله الكبيرة في اجتماعات القمم العربية، بل إن بعضها كان وبالاً على بلادنا نتيجة الخلافات البينية والتمترس القيادي لتركيع أو تطويع دول وأنظمة أخرى، ما جعل بلادنا ساحة للجيوش العالمية، فاحتلال العراق وحلّ جيشه وإسقاط نظامه كان أكبر مثال يشهده تاريخنا لبشاعة العناد و الرأي الواحد والرؤية المعدومة لدى قيادات سلفت وبادت، ومنذ ذلك الحين فُتحت بوابة الجحيم، وتفجرت حمم الإرهاب والقتل على الهوية الدينية والاجتماعية، وقتل وشرد ملايين الأبرياء بلا ذنب، فقط لأن أحدهم يريد أن يبقى زعيما حتى الأبد.


لهذا يجب أن لا نحمّل قمة عمان أكثر من الأمل بالواقع العربي، وأي نجاح يسجل هو الذي يصنعه القادة، وهم يعلمون أنهم أصحاب القرار الأول والأخير في رأب الصدع والوطء على الجراح و نسيان الماضي بما يحمل من ذاكرة يرسم ضغائنها الشيطان، فلينظر الجميع إلى بعد ثلاثين عاما أين سيكونون، وما هم صانعون، وماذا سيكتب عنهم التاريخ، وماذا ستحمل الأجيال القادمة عنهم وعنا جميعا من أفكار وتسجيلات، وعلى ماذا أنفقت الثروات وماذا حقق الجميع من تنمية بشرية وتعليمية وصحية، وهل قفزنا إلى الأمام أم "شفطتنا" آلة الزمن إلى بداية القرن العشرين أو أكثر ؟


علينا أن لا نلوم الشعوب، فهي متأثر يستجيب للمؤثر، ولعلنا فتحنا أعيننا منذ قمم عقد الثمانين من القرن الماضي على موقف عربي موحد، وقرارات كانت على مستوى المسؤولية، ولكن منذ بداية التسعينات بدأ التقهقر، وأزلفت الخلافات للمغرضين، واليوم على الجميع أن يعلموا أن لا نهاية لمأساة الشعوب في سوريا وليبيا واليمن والعراق إلا باتفاق القادة على اختلاف أيديولوجياتهم وسياساتهم ومواقفهم، وليدرسوا التاريخ جيدا فأخطاؤه هي أكبر معلّم.


مازال العرب ينتظرون الخلاص، والحقيقة أن المفاتيح بين أيدينا حكاما وشعوبا ،فهل يفتحون صناديق القلوب ويعترفون أن أمتهم وتاريخهم وجغرافيتهم ولغتهم وأعداءهم وآمالهم ومستقبلهم هي وحدة واحدة لا تتجزأ، وعليها تعتمد إرادتهم الحرة، وهي الخلاص مما هم فيه، وبثرواتهم البشرية والمالية وعقيدتهم الإسلامية يستطيعون التخلص من إعاقة الزمن، ويحلون لغز التاريخ بكلمة واحدة العرب للعرب .

"الشرق" القطرية
0
التعليقات (0)