قضايا وآراء

السلام الضائع في فلسطين.. بين إسرائيل وواشنطن

عبد الله الأشعل
1300x600
1300x600
تولى الرئيس ترامب السلطة جدد الأمل عند إسرائيل، وخاصة اليمين المتطرف بزعامة نتنياهو، في أن يكون عام 2020 هو نهاية المشروع الصهيوني، ويبدو أن نتنياهو قد أكد لقواعده أن ذلك هو برنامجه فيلتقى مع "بن جوريون" أول رئيس وزراء لإسرائيل.

والحق أن وضع العالم العربي نتيجة المؤامرات الإسرائيلية والضعف الأخلاقي عند القيادات العربية والفلسطينية؛ قد مهد الطريق كما رسمته المؤامرة التي بدأت خيوطها تتضح منذ هزيمة مصر عام 1967، ثم استسلامها للمشروع الصهيوني عام 1979، وتغلغل إسرائيل بمفاصل الدولة المصرية.

ولا شك أن ثورة 25 يناير قد أصابت إسرائيل بالذعر والتشاؤم حول إتمام هذا البرنامج، ولكن أحداث حزيران/ يونيو عام 2013 أعادت لإسرائيل الأمل في استئناف المسيرة والثقة في مستقبل المشروع، بصرف النظر عن الجدل حول يناير ويونيو والعلاقة بينهما، ولو لم تسفر يونيو عن الثالث من يوليو لتوقف الحلم الصهيوني وتحطم على صخرة النظام الجديد للثورة المصرية.

ولا شك أيضا أن إسرائيل قطعت شوطا بعيدا في تحقيق حلمها في المنطقة، واعتمدت في ذلك على الدول المجاورة، وهي مصر والسعودية والأردن. وليس صدفة أنها هي المرشحة في مخطط واشنطن لإنشاء الناتو العربى الإسرائيلي الذي يُمكن إسرائيل من الاحتفال عام 2020 بما خططته في سبعة مجلدات عام 1990، وكانت تعتمد على مبارك، ولكن الله قيد لها شروط النجاح في هذا المشروع بشكل أفضل.

وقد بارك "ترامب" المخطط الصهيوني بالكامل، وهو إلغاء اسم فلسطين وإلغاء اسم تل أبيب، وتحويل إسرائيل إلى دولة يهودية خالصة على كل فلسطين، وإسقاط كل ما يشير إلى الفلسطينيين، وإلى أرضهم خاصة من يعيشون داخل الخط الأخضر الذين يجب التخلص منهم؛ لأنهم الدليل الحي على اغتصاب إسرائيل لفلسطين، وعلى خرفة المشروع الذي انتقل من مرحلة الخرافة إلى الحياة على الأرض.

ومؤدى ذلك القضاء على العروبة وعلى الإسلام كهوية لهذه المنطقة، وأن تكون إسرائيل هي الآمر الناهي في القبائل العربية.

ومن ضمانات المشروع الصهيوني القضاء على المجتمع المصري وعلى مؤسسات الدولة المصرية وتطويعها؛ لأن مصر هي الصخرة التي يمكن أن تقطع سبل الحياة على المشروع الصهيوني، خاصة إذا استعادت مصر روحها التي استنزفت، وتمت إعادة مصر إلى المسار الصحيح، وهو إحياء العروبة والإسلام، وإعادة التحالفات مع المشروعات القومية من أبناء المنطقة ضد هؤلاء الغرباء، إيران وتركيا. ولذلك تحاول إسرائيل والولايات المتحدة القضاء على هذا الاحتمال بأي ثمن، والتدخل حين يكون التدخل مطلوبا لتحقيق هذا الغرض؛ لأن قيام الديمقراطية في مصر ينهي حياة إسرائيل، لسبب بسيط، وهو أن ازدهار إسرائيل يقوم أساسا على إبادة مقومات القوة في مصر. فلا تتصور إسرائيل أن تظهر مع مصر في سياق واحد، إلا إذا كانت مصر تابعة للمشروع الصهيوني ولا مجال للأوهام عند اللصوص وحافري القبور من محترفي التلبيس والتدليس في دوائر القرار المصري الآن.

وقد لخص المؤتمر الصحفى لترامب ونتنياهو يوم 15 شباط/ فبراير 2017؛ الموقف باختصار، عندما أعلن أن إسرائيل وحدها دون الفلسطينيين على أرض فلسطين، والسماح بالاستيطان وتسريعه، وتهويد القدس الشرقية، ونقل السفارة الأمريكية إلى الغربية في البداية ثم الشرقية بعد ذلك، وطرد الفلسطينيين من أرضهم، إما إلى الأردن أو إلى سيناء، خاصة بعد أن أعلنت إسرائيل عن اقتراح نسبته إلى السيسى باستعداده إلى ذلك فى إطار مبادرة السيسي للسلام الدافئ.

ومن الواضح أن القوى الصهيونية قد تمكنت من الإدارة الأمريكية الجديدة تماما، وساعدها على ذلك أن إسرائيل أكدت لواشنطن أن العرب مستعدون للمساعدة في إسرائيل الكبرى. فلا ينقضى يوم لا نرى فيه مواقع ومراكز صهيونية تحرض على المسلمين والإسلام وعلى المقاومة، وعلى ضرورة أن تلقي واشنطن بكل ثقلها وراء هذا المشروع تحت عنوان السلام بين إسرائيل والفلسطينيين دون ذكر فلسطين، ما يقطع بأن هذا السلام الإسرائيلي سوف يكون ممتدا إلى خارج فلسطين.

هذه المراكز والمواقع تنشر يوميا المطالبات المحددة من واشنطن، حتى يكتمل هذا المشروع وتجنيد أعضاء الكونجرس الصهاينة لهذا الغرض. ولما وجدت واشنطن وإسرائيل أن إعلان هذا المشروع المتكامل قد أحرج الحكام العرب، وفتح أعين الشعوب العربية على الخطر، وكشف شبكة العملاء على امتداد المنطقة العربية، فإن نتنياهو طلب من ترامب أن يتريث في مسألة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، بل إن مستشار الأمن القومي الجديد صرح بأنه يرفض مصطلح الإرهاب الإسلامي الذي لا وجود له، كما نقل عن ترامب أنه تراجع عن مسألة الدولة الواحدة في فلسطين، وأنه قال إنه يحبذ إنشاء دولتين، أو ما يحلو لإسرائيل والفلسطينيين، من خيارات، وهذه كلها تمويه على مشروع يجرى على قدم وساق.

ونشير في هذا السياق إلى مشروع خطاب إلى الرئيس ترامب أعده العضو الجمهوري في الكونجرس هو بيل جونسون Bill Johnson لدعم مطالب مركز بحثي صهيوني في فلادلفيا، وهو منتدى الشرق الأوسط الذي حدد مديره جريك رومان؛ أولويات إسرائيل في خمسة مطالب. المطلب الأول: إلغاء قرارات الأمم المتحدة بقدر الإمكان الضارة بإسرائيل، في إشارة إلى قرار حظر الاستيطان في كانون الأول/ ديسمبر 2016، والذي يجعل من المستحيل عمليا للفلسطينيين القبول بحل وسط إقليمي في القريب.

المطلب الثاني: التصدي لحركة مناهضة إسرائيل ومقاطعتها ونزع الشرعية عنها الذي والتي استقوت بالقرار الأخير، والتي انتشرت في الجامعات الأمريكية خلال السنوات السابقة، وأدت إلى ارتفاع معدل العنف المعادي للسامية، فصار القرار أداة فى أيديهم لخداع الطلاب وتبديد الاتهام بالتحيز، وضمن هذا المطلب أن يوقع ترامب على قانون الوعي ضد اللاسامية الذي يمكّن الإدارات التعليمية من فرض رقابة على الجامعات، والمعاقبة على معاداة السامية.

المطلب الثالث: الضغط على القيادة الفلسطينية لقبول إسرائيل كدولة يهودية، وهذا لا يعد تنازلا، ولكنه شرط لبدء المفاوضات. ولا يمكن التعايش بين الطرفين بغير هذا الالتزام وبعده يبدأ التفاوض.

المطلب الرابع: بمجرد الاتفاق بين الطرفين على يهودية الدولة والاعتراف بها، تنهي السلطة الفلسطينية التحريض على الإرهاب؛ لأن الإسرائيليين يسوؤهم أن يحض شركاء السلام شعبهم على قتلهم.

المطلب الخامس: تحدي واشنطن لقرار الاستيطان بنقل السفارة إلى القدس؛ لأن القرار يشكك في كونها عاصمة إسرائيل.

ويطالب كل أعضاء الكونجرس المؤيدين لإسرائيل بالتوقيع على خطاب جونسون بإظهار أن المجتمع الدولي يشهد مرحلة جديدة من التعاون الإسرائيلي الأمريكي تحت رعاية أعظم دولة في العالم.

ويقصد الإسرائيليون على الإرهاب أي رفض فلسطيني لشروطهم، وبالطبع يعتبرون كل الشعب الفلسطيني إرهابيا ما لم يعمل من أجل تمكين اليهود من فلسطين.

هذا هو المشروع الصهيوني الذي يعمل المخلصون له من إسرائيل والولايات المتحدة على تطبيقه، فماذا يمكن للشعوب العربية أن تفعل لوقف مخطط القضاء على الوجود العربي والإسلامي من خلال توحش هذا السرطان الصهيوني وأذانابه وشوارده الضارة  Free Radicals؟
التعليقات (0)