صحافة دولية

سيرة مثيرة لخالد مسعود.. من الولادة إلى الموت بهجوم لندن

أطلقت الشرطة النار على خالد مسعود منفذ هجوم لندن وقتلته- أرشيفية
أطلقت الشرطة النار على خالد مسعود منفذ هجوم لندن وقتلته- أرشيفية
نشرت صحيفة "صندي تايمز" البريطانية، تحقيقا موسعا تناول حياة منفذ هجوم لندن، خالد مسعود، منذ ولادته وحتى الساعات الأخيرة التي نفذ فيها هجومه.

وذكرت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أن من بين جميع التفاصيل التي ظهرت في حياة خالد مسعود المعقدة، فإن أكثر الأمور إثارة للقلق آخر 24 ساعة من حياته، مضيفة: "لقد أعد للأمر دون أي إشارة إلى العنف المرتقب".

وروى مدير الفندق الذي أقام فيه مسعود في مدينة برايتون البريطانية، الثلاثاء الماضي، قبل تنفيذ الهجوم، أن الأخير "كان نزيلا عاديا ودودا جدا. في الحقيقة كان رجلا سعيدا جدا".

وبعد ظهر اليوم التالي، قام مسعود الذي يبلغ من العمر 52 عاما، بقتل المشاة على جسر ويستمنستر، وأكمل هجومه بقتل شرطي أمام البرلمان، قبل أن يُقتل بالرصاص. 

وبحسب الصحيفة، فإنه "يعد هجوم مسعود أسوأ هجوم إرهابي في المملكة المتحدة منذ تفجيرات 7 تموز/ يوليو في لندن، عام 2005".

ونقلت الصحيفة عن زملاء لمسعود في طفولته في السبعينيات، أنه كان يسعى إلى صداقة الفتيات البيض، وكانت لديه أكثر من صديقة. 

وأوردت أنه في تلك الأيام كان بارد الاهتمام، والشخص الذي يجذب الفتيات، "مع أنه الصبي الأسود الوحيد في بحر من الوجوه البيضاء".

وتوصل تحقيق الصحيفة، إلى أن كل الأدلة تشير إلى أن مسعود كبالغ كان قد حاول إنشاء حياته الخاصة، ولكنه فشل. وأشار أحد أقاربه إلى أنه "كان هناك شيء خاطئ جدا معه. واستحكمته الضغينة والتعبير عن الغضب والعنف. وقد دمر ذلك السلوك العدواني علاقاته الشخصية، وأودى به إلى حكمين بالسجن".

نشأة صعبة.. تعاطي الخمر والمخدرات

وأشار تحقيق الصحيفة، إلى أن مسعود كان يحمل اسم "أدريان راسل إلمز"، وولد عام 1964 من أم بيضاء بعمر 17 عاما، غير متزوجة، تدعى جانيت إلمز، من منطقة كرويدن في جنوب لندن. 

وقالت إن والده أب أسود لم يذكر اسمه في خانة الأب، في بيان الولادة.

وتزوجت جانيت من فيليب أجاو، وهو من أصول نيجيرية في عام 1966، حيث انتقلا للعيش معا في منطقة تاندربريدج ويلز، حيث كان الأزواج مختلطي العرق نادرون جدا هناك، في حينها.

وقال أحد زملاء دراسة أدريان في المرحلة الثانوية، ويدعى مارك أشداون: "ترعرعنا معا، وكنا نقضي الليل كله في الحفلات مع الكثير من الشراب والمخدرات والجنس".

وكان أدريان الصبي الأسود صاحب الكاريزما، يعزف الغيتار، وأراد أن يكون نجم روك، حتى إنه قام بإنشاء فرقة خاصة به. 

مراهقته.. مغن ورياضي وصاحب كاريزما


وقالت الصحيفة إن مجموعات من المراهقين كانوا يأتون إلى منزله ليكونوا مع التلميذ صاحب الصوت "الرائع"، الذي كان رياضيا لائقا أيضا، وماهرا في كرة القدم. 

أما بالنسبة للفتيات، فقد "كان لديه اثنتان أو ثلاث صديقات"، وكان يشرب الخمر على الرغم من أنه صغير من الناحية القانونية، وبدأ حينها جانب آخر منه في الظهور، بحسب تعبير الصحيفة.

وكشفت "التايمز" أن أدريان كان يتردد على البارات كثيرا، وأنه بدأ بتعاطي المخدرات في سن الـ18 عاما، وسجلت بحقه أول سابقة. 

وبحسب ما نقلته الصحيفة، فإن مسعود في فترة مراهقته، لم ينفصل أبدا عن الارتباط بأصدقاء وصفوا بـ"المجرمين". 

اقرأ أيضا: من هو خالد مسعود.. المسيحي سابقا منفذ هجوم لندن؟ (صورة)

وبعدها انتقل إلى هاستينغز، وحصل على وظيفة مدير متدرب في سلسلة متاجر "وولورث"، لكنه ترك المدينة في وقت لاحق مع سلسلة من الديون.

وفي منتصف العشرينيات، التقى أجاو شابة كانت أفضل فرصة له في حياة محترمة. وكان ذلك عام 1991. 

وعمل مسعود مندوب مبيعات، وفي مهن أخرى، وبدأ الدراسة لنيل شهادة، وتمكن مع زوجته من شراء بيت لهما في قرية نورثيام الهادئة، في إيست إيسكس، تصل قيمته الآن إلى 700 ألف جنيه إسترليني.

وفي عام 1992، ولدت ابنتهما الأولى أندي، وولدت ابنتهما الثانية بعدها بست سنوات.


نقطة التحول

وأشار التحقيق إلى أن نقطة التحول الرئيسة في حياة أدريان (مسعود)، بدأت بعد مشادة في حانة في عام 2000 مع صاحبه الذي حاول الدفاع عن أحد العاملين فيها، فقام أدريان بجلب سكين كان يستخدمها لتزيين غرفة نوم ابنته، وخدش سيارته، ثم جرحه في وجهه.

وقال صديق أدريان، ويدعى لي لورانس، الذي شهد الحادثة هناك: "أتذكر فقدانه الكامل للسيطرة على نفسه. ثم عاد إلى طبيعته، وأعرب عن صدمته لفعلته".

وقال لورانس البالغ من العمر 47 عاما، في مقابلة مع صحيفة "صن" الأسبوع الماضي: "حاولت أن أهدئه، لكنّ عينيه كانتا مخيفتين. لقد وضع السكين أمام حلقي. أمسكت ذراعه ودفعته بعيدا".

وأضاف: "وبدأ أدريان يقول: ماذا فعلت، ماذا أفعل؟ أريد فقط الدم، أحلم بقتل شخص ما".

وسجن أدريان إثر هذه الحادثة لمدة سنتين. 

واعتنق أدريان (مسعود) الإسلام في السجن، وانفصل عن زوجته بعد خروجه منه. وقال أحد أصدقائه السابقين: "أعتقد أن جين كانت سعيدة جدا لانتهائها من هذه العلاقة. كنا جميعا سعداء من أجلها".

وسجن مسعود للمرة الثانية لمدة ستة أشهر في عام 2003، لاعتداء آخر بالسكين، وجرح شخصا في وجهه أيضا.

وبعد خروجه من السجن في عام 2004، تزوج امرأة مسلمة تدعى فرزانة ماليك، واستمر زواجهما لثلاثة أشهر، فرت بعدها من منزله مرعوبة، وطلبت الطلاق منه، وفق تحقيق الصحيفة الذي نقل عن أقاربه شهادتهم بأنه "كان عنيفا جدا معها".

سفره للسعودية


وسافر أدريان ثلاث مرات إلى المملكة العربية السعودية كان أولها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2005، وكان يدعي حينها أنه يدرس اللغة الإنجليزية في البلاد، ومن بين طلابه موظفون في إدارة الطيران المدني في جده. 

وبقي هناك لمدة عام كامل، قبل أن يعود إلى المملكة المتحدة. 

وعاد أدريان إلى المملكة العربية السعودية لفترة أخرى من أجل التدريس أيضا بين نيسان/ أبريل 2008 ونيسان/ أبريل 2009، وفقا للسلطات. 

وفي مرحلة ما خلال هذه السنوات، بدأ أجاو يدعو نفسه "خالد مسعود". وكانت زيارته الأخيرة زيارة قصيرة في آذار/ مارس 2015، عندما زار مكة من أجل الحج.

وتقول الصحيفة إنه تعرض في هذه الفترة إلى الفكر الوهابي، وهو ذاته الذي يدين به رئيس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. 

وتعتقد الصحيفة أنه ربما التقى هناك عددا من "الدعاة المتشددين"، مشيرة إلى أن "معظم منفذي هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001 كانوا من السعودية".

اقرأ أيضا: الرياض توضح ما يتصل بعمل منفذ هجوم لندن في المملكة

وقالت إن "الأهم من ذلك، أن نحو 2500 مقاتل انضموا إلى تنظيم الدولة من السعودية، وهي تعد ثاني بلد من حيث العدد في تصدير الجهاديين بعد تونس".

وأوردت الصحيفة أن مسعود استقر بعد عودته إلى بريطانيا في مدينة لوتن، التي كانت تنشط فيها جماعة المهاجرين المحظورة بقيادة الداعية المتطرف أنجم تشودري. وسجن العديد من أعضائها العام الماضي، بتهمة دعم وتأييد تنظيم الدولة.

وتشير السجلات الانتخابية في عام 2010، إلى أن مسعود كان يعيش مع أمراة في المدينة تدعى روهي حيدرة، من أصول غامبية (اعتقلت ثم أطلق سراحها بعد حادثة ويستمنستر)، ثم انتقل إلى منزل آخر في المدينة ذاتها، برفقة ابنته آندي البالغة من العمر 24 عاما، التي ترتدي النقاب بعد تحولها إلى الإسلام أيضا. وانتقلت معه لاحقا للعيش في مدينة بيرمنغهام.

وقالت إحدى صديقاتها: "كانت ترتدي حجابا كاملا، وأعتقد أنها غيرت اسمها".

وأدت هذه الخطوة إلى خلاف عميق مع والدتها، التي على ما يبدو رفضت لباس ابنتها وحجابها.

وعادت الصحيفة إلى جمع تحركات مسعود المعقدة في غضون ساعات من فورة القتل التي وقعت يوم الأربعاء الماضي في قلب ويستمنستر، والتحقيق في شبكة علاقاته.

اقرأ أيضا: مفاجأة شرطة بريطانيا حول دوافع منفذ هجوم لندن.. من يدري؟

وبينت التحقيقات أن مسعود استخدم سيارة "هونداي توسان 4X4" في الهجوم، وكان استأجرها من فرع شركة "إنتربرايس رنتال" في بيرمنغهام.

وأثار العنوان الذي قدمه مسعود لشركة التأجير، سلسلة من الحملات الأمنية والاعتقالات في بيرمنغهام ولندن، وحملات أمنية في مواقع كثيرة أخرى.

وأدى إيصال الفندق الذي تم العثور عليه في السيارة، إلى أن يذهب ضباط التحقيق إلى فندق "بريستون بارك" الذي يحتاج 59 يورو لليلة واحدة، في برايتون، حيث قضى مسعود أيامه الأخيرة.

ودخل مسعود أول مرة إلى الفندق يوم الجمعة 17 آذار/ مارس الجاري، قبل مغادرته في اليوم التالي.

وعاد مسعود يوم الثلاثاء الماضي، في الليلة التي سبقت حادثة ويستمنستر. 

يوم الحادثة.. وتساؤل مهم


وبحسب الصحيفة، فإن المحققين يحاولون الآن بأقصى جهدهم تحديد الأماكن التي ذهب إليها في الأيام التي سبقت الهجوم، وتفيد التقارير بأنه ربما زار العاصمة.

وفي صباح اليوم الذي شهد الحادثة، غادر مسعود الفندق، وقال بهدوء لأحد الموظفين: "أنا خارج إلى لندن اليوم.. إنها ليست كما كان يجب عليها أن تكون".

وتم إلقاء القبض على 11 شخصا الأسبوع الماضي، ما أثار مخاوف من أن القاتل ربما كان يعمل كجزء من خلية متطورة مرتبطة بجماعة تنظيم الدولة، التي ادعت أنه أحد "جنودها".

ومع ذلك، فقد أفرج عن 10 من المحتجزين منذ ذلك الحين، دون توجيه تهم إليهم. 

والمشتبه فيه الوحيد الذي لا يزال رهن الاعتقال هو رجل من أصل سعودي، يبلغ من العمر 58 عاما، اعتقل في منطقة وينسون الخضراء في بيرمنغهام، بالقرب من مسعود، حيث كان يعيش حتى نهاية العام الماضي.

اقرأ أيضا: تفاصيل جديدة عن حياة مهاجم لندن والساعات الأخيرة من حياته

وخلصت الصحيفة إلى أن "الصورة أصبحت أكثر وضوحا، كيف أن حياة مسعود تغيرت بشكل كبير على مر السنين".

ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني: "ما زلنا نعتقد أن مسعود تصرف بمفرده".

وأضاف: "حتى لو تصرف بمفرده، فنحن بحاجة إلى أن نحدد بوضوح تام لماذا قام بهذه الأعمال التي لا توصف؟".

وختمت الصحيفة بتصريحات الشرطة البريطانية، التي قالت إن الهجوم الذي قام به خالد مسعود على جسر ويستمنستر الأربعاء الماضي، ربما يكون سببه "مات معه".
التعليقات (0)