سياسة عربية

تقرير: تنظيم الدولة منهك القوى لكنه قادر على استرجاع نفوذه

تقرير: تنظيم الدولة قادر على العودة إلى سالف قوته- أرشيفية
تقرير: تنظيم الدولة قادر على العودة إلى سالف قوته- أرشيفية
نشرت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية تقريرا، تحدثت فيه عن وضع تنظيم الدولة الذي بات منهك القوى جراء الخسائر التي لحقته خلال المعارك التي خاضها، "لكنه رغم ذلك قادر على أن يعيد تنظيم صفوفه والعودة إلى سالف قوته".

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن القوات الأمريكية المدعومة من قبل قوات سوريا الديمقراطية، وهو تحالف يضم ميليشيات كردية وعربية، قد شنت غارات جوية عنيفة ضد تنظيم الدولة في معقله بمدينة الرقة السورية، وذلك بالاعتماد على طائرات الأباتشي وقاذفات الصواريخ والمدفعيات الثقيلة.

وأكدت الصحيفة أن هذه الغارات تهدف بالأساس إلى استرجاع المدينة من قبضة التنظيم، في المقابل تنامت المخاوف من إمكانية لجوء التنظيم المتطرف لاستخدام المياه كسلاح، إذ أنه قادر على إغراق المدينة بالمياه في سبيل صد هجمات قوات التحالف والحفاظ على نفوذه. ولدرء هذه المخاوف، قررت القوات الأمريكية حماية سد الطبقة الممتد على نهر الفرات في سوريا.

وأوضحت الصحيفة أن القوات العراقية تتقدم بخطى حثيثة باتجاه مسجد النوري بالموصل، الذي أعلن منه أبو بكر البغدادي عن إقامة "دولة الخلافة" في حزيران/يونيو سنة 2014.

وفي هذا الصدد، قال وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون: "نحن نوشك على القضاء على البغدادي، إنها مسألة وقت لا غير".

ومن جهته، قال رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي: "لا نهدف إلى تضييق الخناق على تنظيم الدولة فحسب، بل نحن على وشك القضاء عليه نهائيا".

والجدير بالذكر أن تنظيم الدولة فقد حوالي ثلث المناطق التي كان يسيطر عليها، في حين يبسط نفوذه على ما يقارب 60 ألف كم مربع من الأراضي التي أغلبها صحراء قاحلة. ففي العراق، لا يسيطر التنظيم إلا على 40 بالمائة من غرب الموصل، إلى جانب مدينة الحويجة وبعض المدن الصغيرة على الحدود السورية.

وبينت الصحيفة أن قوات النظام السوري تمكنت بمساعدة الجيش الأمريكي من استعادة مدينة تدمر. وأما في شمال سوريا، فقد تمكنت قوات المعارضة بمساعدة القوات التركية من تحرير مدينة الباب من قبضة التنظيم، علما أن هذه القوات قد نجحت في تحرير مدينتي جرابلس ودابق، في فترة سابقة، علاوة على ذلك، خسر تنظيم الدولة مناطق نفوذه في مدينة سرت الليبية.

وأفادت الصحيفة أن خسائر تنظيم الدولة لم تقتصر على فقدانه للعديد من مناطق النفوذ بل شملت أيضا الجانب المادي، حيث تراجعت عائدات التنظيم المتأتية من الضرائب ومبيعات النفط من 1.9 مليار دولار سنة 2014، إلى 870 مليون دولار سنة 2016، حسب دراسة أجراها المركز الدولي للدراسات حول الإرهاب.

وفي الأثناء، فقد تنظيم الدولة سيطرته على معظم آبار النفط في سوريا، ويشهد التنظيم اضطرابا عميقا على المستوى الإداري، فضلا عن تراجع عدد عناصره، حيث قتل العديد من مقاتليه في حين وهرب الكثيرون.

وأوردت الصحيفة أنه، وعلى الرغم من تراجع قوة تنظيم الدولة، إلا أن القضاء عليه بصفة نهائية أمر صعب، نظرا لأن هذا التنظيم قادر على لملمة جراحه واستعادة نفوذه، خاصة أن حربه حرب عصابات بالأساس. علاوة على ذلك، يدين عناصره بالولاء للبغدادي الذي يعتبر مصدر تشجيع وتثبيت لهم، والذي لن يستسلم بسهولة عن الحرب الضروس التي يخوضها.

وفي هذا السياق، صرح مسؤولون في المخابرات الغربية أن تنظيم الدولة قادر على تغيير استراتيجيته، مما يجعل القضاء عليه أمرا بالغ الصعوبة والتعقيد.

وأضافت الصحيفة أن عناصر تنظيم الدولة غيروا من استراتيجيتهم، حيث يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية بالاعتماد على وسائل وتقنيات جديدة تنافس قدرات تنظيم القاعدة. بالإضافة إلى ذلك، دعا البغدادي أنصاره في الدول الغربية إلى عدم الذهاب إلى سوريا والعراق، وحرضهم على مهاجمة "الكفار" في كل من مكان.

 وفي هذا الإطار، أعلن التنظيم مسؤوليته عن هجوم لندن الأخير، على الرغم من عدم وجود أدلة تربط منفذ الهجوم بالتنظيم.

وذكرت الصحيفة أنه، وعلى الرغم من الهزيمة النكراء التي مني بها تنظيم القاعدة في العراق، عام 2009، إلا أن هذا التنظيم قد عاد أكثر قوة وضراوة في 2014، ومن بين العوامل التي أدت إلى عودة التنظيم إلى سالف قوته في ذلك الوقت، القمع الممنهج الذي تعرض له المواطنون السنة على أيدي رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي.

وقالت الصحيفة إن ملامح النظام السياسي المقبل في محافظة نينوى، لا تزال غير واضحة، أما في غرب الموصل، فلا تزال المعارك الشرسة مستمرة، في الوقت الذي فر فيه مئات الآلاف من المواطنين من جحيم الحرب، بينما بقي حوالي 400 ألف محاصرين في المدينة، "دون أن ننسى العدد الكبير من القتلى والجرحى في صفوفهم"، إلى جانب ذلك، "لا يزال لهيب الحرب الأهلية السورية مستعرا".

وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن المتضرر الرئيسي من الأوضاع المزرية في العراق هم المدنيون الذين يدفعون ثمن وتبعات معارك التحرير، حيث دمرت الآلاف من المنازل في مدينة الرمادي، مما يجعل إعادة إعمارها أمرا عسيرا. وفي هذا السياق، لفتت إلى ما قاله رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي من أن الميزانية المرصودة لإعادة الإعمار في محافظتي نينوى والأنبار فقط، قدرت بحوالي 50 مليار دولار.
التعليقات (0)