كتاب عربي 21

أليس بينكم ريما خلف؟

نزيه الأحدب
1300x600
1300x600
بينما كنت أستعين بـ"غوغل" لكتابة هذا المقال عن ريما خلف الأمينة العامة للجنة الإسكوا في الأمم المتحدة، التي استقالت من منصبها كأمينة عامة للجنة الأمم المتحدة الإقتصادية والإجتماعية لغربي آسيا "إسكوا"، احتجاجاً على سحب الأمم المتحدة تقريراً للجنة يدين جدار الفصل العنصري الذي أنشأته إسرائيل في مطلع الألفية، وضعتُ على محرك البحث عبارات تستحضر سحب مشروع القرار الذي يدين إسرائيل من أجل الإحاطة بتفاصيله، فوجدت في الصفحات الأولى روابط تتحدث عن سحب قرارات أخرى ضد إسرائيل أكثر تأثيراً وإحراجاً للكيان الصهيوني.

ففي شهر ديسمبر من العام الماضي، تم أيضا سحب مسودة مشروع قرار دولي يطالب بوقف فوري وتام لكل أنشطة الاستيطان الإسرائيلي.. لكن من سحب المشروع هذه المرة طرفٌ عربي هو جمهورية مصر العربية تحت ضغوط إسرائيلية وأمريكية. لتتصدى بعد ذلك لهذه الضغوط كل من نيوزيلندا وماليزيا وفنزويلا والسنغال فتدعو إلى التصويت على مشروع القرار في مجلس الأمن الدولي برغم التنكر العربي. فمن الذي يجب عليه أن يستقيل في هذه الحالة تأسيا بالمرأة العربية؟

وعلى صفحات أخرى تبرز عشرات العناوين لخبر آخر من قَبيل "الفلسطينيون يتراجعون عن مشروع قرار طرد إسرائيل من الفيفا" على خلفية انتهاكات الاحتلال المستمرة بحق الرياضة والرياضيين الفلسطينيين. حيث اقتضت حكمة السلطة الوطنية الفلسطينية سحب المشروع وتكليف رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم اللواء جبريل الرجوب بإعلان سحب طلب طرد إسرائيل من الاتحاد الدولي للعبة، بدون إيضاح الأسباب. واكتفى الرجوب الذي كان يتحدث وهو يحمل البطاقة الحمراء في حينه بالقول "قررت سحب اقتراح الايقاف لكن ذلك لا يعني توقفي عن المقاومة".. كذلك يُطرح السؤال هنا، أليس بينكم ريما خلف؟

حتى المقاومة الدبلوماسية بالقفازات الشديدة النعومة لم تعد تقوى عليها الأيدي الرسمية في النظام العربي، وفي الوقت ذاته يطالبون المقاومة الفلسطينية المسلّحة بإعادة النظر في خياراتها، بل ويتصدون لها بالملاحقة والإعتقال والحصار. وفوق كل ذلك يقف شخص مثل المستشار محمود الهباش في خطبة جمعة السلطة في رام الله ليصف بطريقة غير مباشرة المقاومة بالتطرف والإرهاب، معتمداً خطاباً تكفيرياً في وجه من لا يعتصم بحبل "أوسلو" فيقولها دون لبس أو تورية "نحن طليعة الرباط، نحن طليعة الحق، نحن طليعة الخير والصمود، ومن لا يقف معنا فليراجع دينه، وأخلاقه وإنسانيته".

هذا غيض من فيض "غوغل" والذاكرة العربية بمئات المواقف المخزية، التي تجعل من خطوة ريما خلف أشبه بكرامات الأولياء الصالحين، مع أن استقالتها أمرٌ طبيعي وعادي لو جاءت في أيام الخير، أما وقد عقرت العروبة الحديثة فحق لملايين المحتفين بثورة ريما أن يحتفلوا ويطلقوا "نوتة" عِز من قلب ألحان الموت والخضوع والإستسلام.
0
التعليقات (0)