كتاب عربي 21

الاحتلال الروسي للمنطقة

آيات عـرابي
1300x600
1300x600
يصعب على بعض النخب التي عاشت في كنف العلم الأمريكي المرفوع على المنطقة العربية هضم التوسع الروسي المفاجئ، إلا أن الدراسة التي كتبها الزميل الصحفي أ. عامر عبد المنعم منذ 7 سنوات (والتي سبق بها كل النخب الحالية التي مازالت تراهن على الدور الأمريكي) تلقي الضوء على مقدمات الدور العسكري الروسي الحالي, والدراسة وإن لم تتطرق إلى الدور الروسي إلا أنها تناولت أفول الإمبراطورية الأمريكية بعد غزوها للعراق. 

الدور الروسي الحالي لا يمكن فهمه إذا إلا على ضوء أفول الإمبراطورية الأمريكية. ربما تكون الإدارات الأمريكية وأجهزتها المختلفة قادرة على لعب دور سياسي برعاية انقلاب عسكري صهيوني النواة في مصر أو بتقديم غطاء سياسي للتدخل العسكري الروسي في سوريا ولكن دورها الآن يقتصر على دور المتعهد السياسي ولا شيء أكثر من هذا. 

يُضاف إلى ذلك أن وصول ترامب إلى البيت الأبيض مع حجم المعارضة الشعبية له ومطالبة ولاية كاليفورنيا بالانفصال يشي بالمزيد من الأفول في الدور الأمريكي. إلا أنها لا تزال مركز قوة سياسي ويمكننا الآن القول بأنه لا حرب بدون روسيا ولا تسويات بدون أمريكا والقطبان اللذان يبدوان متنافرين تجمعهما من المشتركات أكثر ما تفرقهما من المتناقضات. 

هذه الأرضية المشتركة كانت قائمة منذ زمن ولا يفطن إليها من تربى عقله على الصراعات القطبية ذات اللونين. الكتابات الأمريكية الأكثر عمقا والتي تحدثت عن بدء الاستقطاب الأمريكي السوفييتي ربما تكشف لك جانبا غير مرئي من تلك العلاقة التي تشبه إلى حد كبير ما شاهدته من علاقات بين الأطراف المتصارعة في فيلم (الريس عمر حرب). فمما لا شك فيه أن هناك درجة ما من الصراع غير أن هذا الصراع يبقى منحصرا في الجزئيات وحين يصل الأمر إلى ثوابت النظام العالمي تجد القطبين متفقين دونما حاجة لمفاوضات. 

ففي أوج الصراع الأمريكي السوفييتي في عهد آيزنهاور، اتفق كل من السوفييت والأمريكيين على مؤازرة رجل السي آي إيه عبد الناصر في مصر ضد كل من بريطانيا وفرنسا (ولا أقول ضد الكيان الصهيوني لأن الأمر أعمق من الصورة الظاهرة التي بدت للناس أثناء العدوان الثلاثي)، وانتهى قرار التأميم (الأمريكي في حقيقته) إلى مشهد لطيف يجلس فيه المرشدون الملاحيون السوفييت والأمريكيون في مكاتب قناة السويس ليديروا حركة الملاحة في القناة كتفاً بكتف. 

غير أن هذا الصراع ليس أصيلا في بدايته, فهو صراع مستحدث، عملت الأجهزة الأمريكية في إدارة ترومان ومن بعده آيزنهاور على تغذيته والأمر يشبه إلى حد بعيد تصوير مشاهد أفلام يبكي فيها الممثلون تأثرا ويظهرون كل أطياف المشاعر البشرية من حب وبغض ولكنهم في النهاية يجتمعون خلف الكواليس ليتناولوا طعام الغداء. 

ففي كتاب (لعبة أمريكا الكبرى)، وضح المؤرخ ويلفورد كيف كانت المخابرات الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية تفضل التعامل مع الضباط الاشتراكيين في المنطقة العربية على التعامل مع الرجعيين الموالين لإنجلترا. وهي مسألة تبدو للبعض غير مفهومة، إذ كيف تتعامل المخابرات الأمريكية التي تكافح الشيوعية مع ضباط اشتراكيين!! 

وفي مذكرات مايلز كوبلاند (وهي غير كتابه الشهير لعبة الأمم) إشارات قصيرة إلى الدور الذي لعبته المخابرات الأمريكية مع عبد الناصر من دعمه عبر قناة اتصال ليظل معتقدا أن هناك رأيا يدعمه في الإدارة الأمريكية مع تدبير كيفية إزعاجه إقليميا مع عملائهم الآخرين في باقي الدول العربية. 

الأمر إذا أشبه باللعبة الحقيقية التي يجري فيها تعيين ممثلين ليؤدوا أدوارا على خشبة المسرح. 

هل هناك صراع بين الروس والأمريكيين؟ 

نعم بدون شك هناك صراع على درجة من الدرجات بين الجانبين ولكن الصراع ينتهي تماما حين يصل الأمر إلى ثوابت النظام العالمي، وستظهر المشتركات أكثر فأكثر خصوصا بعد أن وصل ترامب الذي يحظى برضا روسي لا شك فيه، إلى البيت الأبيض. 

والتدخل الروسي في المنطقة لا يهدف فقط إلى وقف طوفان الثورة السورية التي كادت تكتسح نظام بشار ولا يهدف فقط إلى معالجة الفشل المستمر الذي مُنيت به ميليشيات حفتر انطلاقا من مصر (التي أصبحت منذ زمن بعيد قاعدة لتنفيذ المخططات الصهيونية)، بل يهدف بين ما يهدف إلى رعاية مصالح شركات البترول الكبرى وهي المصالح التي لعبت دورا كبيرا في حروب المنطقة منذ حرب 1956 المفتعلة وحتى حرب العراق مرورا بحرب أكتوبر المسرحية, وقد شرح ويليام انجدال في كتابه (قرن من الحرب) جانبا من هذه المصالح. 

العامل الأكثر خفاء في كل هذا الخلط السياسي الذي يصعب هضمه على البعض، هو حماية الكيان الصهيوني وتفتيت الدول المحيطة به ولا يغيب عن الكثيرين دور الكيان الصهيوني في التدخل العسكري الروسي في سوريا من البداية.
10
التعليقات (10)
د.هيثم
الثلاثاء، 21-03-2017 03:33 م
ومازالوا يقولون ان المرأه مهمشه في بلاد المسلمين وأقول كيف لإمرأه مهمشه ان تفهم بسياسة الدجل التي يلعپنا بها من استلم زمام اوسخ وادنى حضاره مرت على التاريخ،الا وهي الحضاره الميركيه التي تبسط هيمنتها على العالم بامتصاص دمه ولم تقدم له الا الفتات والخراب ، كيف لإمرأه مهمشه ان تعلم وتستقي معلوماتها من بين سطور الخداع الأكبر للدجال المنتظر وفطاحلة سياساتنا منغمسين كممثلين للعبة الخيانه فقط ،لك مني كل الاحترام
almohabalrasol
الثلاثاء، 21-03-2017 03:12 ص
???????? ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ??
لخضر سعودي
الأحد، 19-03-2017 01:23 م
أمريكا روسيا أدوات صهيونية
مصري
السبت، 18-03-2017 10:21 م
بوتين و هو من بقايا عهد الإتحاد السوفيتي البائد يحلم بإستعادة مناطق نفوذه و قواعده القديمه في المياه الدافئه و من الواضح أن الغرب يفسح له المجال ولو علي المدي القريب لأنه يخدم نفس الأهداف المشتركه مؤقتا .
المصرى أفندى
السبت، 18-03-2017 10:03 م
بالنسبة للإعتذار فأنا أشد الناس وأكثرهم إعتذارآ وآسفآ لك .. لكن قبل أن أجيبك لو تكرمتى .. طالما أنك مشكورة تهتمين بعملك وتقرأين تعليقات وردود القراء فلماذا يتم فى أحيان كثيرة جدآ حجب تعليقى وردى ؟ ولماذا فى كل المقالات السابقة لم تردى أو تجيبى على تعليقاتى وأسئلتى وردودى ؟ الإنتقائية .. ماذا أعتبر عدم ردك على أسئلتى وتعليقاتى السابقة .. لن أطلب منك إعتذار .. نعود للمقال وأؤكد بأن المقال الأخير هو أراء وكلمات كتاب سياسيون بارزون كثيرون ( عرب وأجانب ) وتم التجميع عبر تويتر وفيسبوك ومقالات وأعمدة صحفية .. بسهولة شديدة جدآ تلحظين أن إسلوب كتاباتك بعيد تمامآ ومختلف عن إسلوب هذا المقال .. رغم تمسكى برأيى أعتذر مرة ثانية .. وأعدك بألا أقرأ لك مرة أخرى .. بداية النهاية أن يكون الكاتب أهم من القارئ . ربنا يثبتك على ما أنت عليه ويزيدك مما أنت فيه إلى أن تلاقيه .. أعدك بأن لا أقرأ لك بعد اليوم و.. شكرآ