سياسة دولية

ما سر ملاحقة أوروبا فعاليات تركية مؤيدة للتعديلات الدستورية؟

فعالية تركية مؤيدة لأردوغان في فيينا- (أرشيفية) جيتي
فعالية تركية مؤيدة لأردوغان في فيينا- (أرشيفية) جيتي
دخلت سويسرا على خط الدول التي تمارس تضييقا على الفعاليات التركية المؤيدة لتعديل شكل نظام الحكم في تركيا ليصبح رئاسيا بعد منعها تجمعا كان من المقرر أن يتحدث فيه أحد الساسة الأتراك المؤيدين للتعديلات الدستورية.

وتأتي سويسرا بعد ألمانيا والنمسا في محاولات عرقلة تجمعات أنصار الرئيس التركي لدعم خيار التصويت بـ"نعم" على الاستفتاء المقرر منتصف الشهر المقبل عقب قرار الشرطة السويسرية بمنع تجمع في مقاطعة أرجاو شمال البلاد.

وبررت الشرطة منع التجمع بوجود "مخاطر أمنية كبيرة" في حال انعقاده ليكون هذا المنع هو الثالث في سويسرا بعد قيام فندق قرب مدينة زيورخ بإلغاء تجمع كان من المقرر أن يشارك فيه وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو بذريعة "الأسباب الأمنية" ورفض موقع بديل في مدينة فينترتور بذريعة أنه غير مناسب لعقد التجمع.

واقتصر رفض سويسرا لفعاليات تأييد التعديلات الدستورية في الظاهر على قرارات للسلطات المحلية في الوقت الذي لم تستجب فيه الحكومة لدعوة رئيس شرطة زيورخ لمنع تشاووش أوغلو من إلقاء كلمات.

ولا يزال التوتر التركي مع ألمانيا مستمرا بعد إلغاء سلطات محلية ألمانية عددا من فعاليات مؤيدي التعديلات، وصرح رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم مساء اليوم الجمعة أن ألمانيا "تروّج بشكل واضح في قنواتها التلفزيونية من أجل التصويت بـ "لا" على التعديلات الدستورية في الاستفتاء المقبل".

وكان يلدريم أعرب قبل أيام عقب منع جهات ألمانية فعاليات تركية عن أمله بـ"عدم حصول مزيد من التصعيد" حول قضية التجمعات.

وعلى صعيد الموقف في النمسا قال وزير الداخلية فولفجاج سوبوتكا قبل ثلاثة أيام إن بلاده تعكف على صياغة تعديل قانوني لمنع السياسيين الأجانب من تنظيم حملات انتخابية في البلاد.

وأضاف سوبوتكا لإذاعة "أو أي"1 الرسمية أنه "يجب منع الحملات الانتخابية إذا كانت تشكل خطرا على النظام العام والسلامة، وإذا كانت تتعارض مع المعايير الأوروبية لحقوق الإنسان"، على حد وصفه.

الخبير في الشأن الأوروبي حسام شاكر قال إن محاولات عرقلة التجمعات المؤيدة للتعديلات الدستورية تصدر عن جهات محلية وبلدية وإدارات قاعات ومدن حتى الآن لكن تواترها وتعدد الدول التي تقدم عليها يشير إلى وجود إرادة سياسية راغبة في هذا الأمر وتدعم هذه التوجهات من وراء الستار.

وقال شاكر لـ"عربي21" إن دولا أوروبية تبعث برسائل "تبدي فيها انزعاجها من النهج الذي تسير عليه تركيا اليوم في أعقاب سنوات طويلة كانت تتعامل فيها مع تركيا على اعتبار أنها دولة أوروبية من الدرجة الثالثة".

وأوضح أن "الثقة بالنفس التي تتعامل من خلالها الدولة التركية الآن يقلق دولا أوروبية بالإضافة أن الروح العثمانية والاعتزاز بالقومية والدين الإسلامي يثير هواجسهم حول المشاريع الأوروبية للاندماج الثقافي بين الجاليات".

وأضاف شاكر: "هناك وجود ديمغرافي كبير للأتراك في أوروبا ودولتهم تتواصل معهم، وأصبحت الدول الأوروبية تنظر بطريقة أخرى لهذه الجالية بأنها معرضة للانزلاق بعيدا عن مشاريع الاندماج والهضم الثقافي الذي تعمل عليه أوروبا مع تزايد التصاقهم بوطنهم الأم".

وشدد على أن مساعي عرقلة فعاليات تأييد خطوات الرئيس التركي هي محاولة لـ"حجب هذه الكتلة الموجودة في أوروبا من الأتراك عن ترجيح كفة الاستفتاء المقبل".

وأوضح أن الأوروبيين يدركون أن هذه الكتلة التركية تميل في أغلبها إلى تأييد الرئيس التركي ولذلك تصاعدت محاولات منع الجالية والساسة الأتراك من عقد لقاءات لتأييد أردوغان وخيار "نعم" في الاستفتاء.

ورأى شاكر أن مواقف بعض الدول الأوروبية الأخيرة ضد لقاءات الجالية التركية تنسجم مع المواقف السابقة التي ترفض دخول تركيا في الاتحاد الأوروبي وكذلك "التخاذل" عن إدانة المحاولة الانقلابية الفاشلة والتحرك فقط لإدانة قانون الطوارئ ومحاكمة المتورطين في الانقلاب.

مناكفات داخلية

ولم يغفل شاكر ملف المزايدات الداخلية بين الأحزاب السياسية الأوروبية من الحملة ضد تركيا وقال إن "باب المناكفات مفتوح لتحصيل مكاسب حزبية على الصعيد الداخلي".

وعلى الصعيد التركي الداخلي اعتبر شاكر أن حملات عرقلة الفعاليات أوروبيا ستفيد أردوغان داخليا وتقدمه على أنه مستهدف، وهو الأمر ذاته الذي سيستفز معسكر القوميين كذلك ويجعلهم أقرب لتوجهات الرئيس وتأييد الاستفتاء لأن هناك شعورا بالإهانة لما يجري مع الأتراك في أوروبا".

لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن الأوروبيين لا غنى لهم عن تركيا في هذه اللحظة خاصة مع ضغوطات وسياسات الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب والتحولات العالمية.

وأضاف أن "اللحظة التي يشعر فيها الألمان والأوروبيون بالضغط فإنهم عادة ما يتجهون صوب تركيا لكن خسارتهم للأخيرة نتيجة تشنجهم وهواجسهم ربما يتسبب في تشكيل حلف روسي تركي يمارس مزيدا من الضغط عليهم في مقابل ضغط آخر من قادم من جهة ترامب".

وتوقع شاكر أن تهدأ نسبيا حدة النبرة بين تركيا وبعض الدول الأوروبية بعد انتهاء الاستفتاء، وليس من المستبعد حدوث توترات طفيفة بين الفينة والأخرى لكن حالة التشظي التي تعيشها أوروبا الآن تفرض عليها التهدئة.

ولفت إلى وجود مصالح واسعة وعلاقات عميقة بين تركيا وأوروبا مؤكدا أنه ليس من السهل ضرب هذه العلاقات.
التعليقات (3)
احمد
الجمعة، 24-03-2017 10:37 م
الغرب سهل لنا كثيراً من ان نعلن عدم ايماننا بالديمقراطية الزائفة! الغرب اثبت عملياً انه ضد الديمقراطية ومع الدكتاتوريات الدموية. ما قام به الغرب هي ردة عن مبادئه المعلنة وهذه في صالح شعوب منطقتنا لكي نختار اما ان نتحرر او ان نكون عبيد فالذي يريد ان يكون عبيد سينحاز للغرب وشعاراته الزائفة أما الذي يريد ان يكون حر بلا شك سيقف ضد الغرب وكل مت يتعلق بالغرب وهذا سيؤدي الى ان يكون الناس في فسطاطين, فسطاط ايمان لا نفاق في وفسطاط نفاق لا ايمان فيه. اليوم هناك من ينتمي الى بني جلدتنا لكنه يدافع غن الغربق في هذه الازمة يا ترى لماذا ؟ بلا شك اما انه منافق او كافر او جاهل والا لماذا الدفاع عن الظالم؟ لأن لا مبرر لما قام به الغرب سوى انه يحارب الاسلام ويريد ان نكون عبيد له وان تبقى دولنا متخلفة لذا الغرب يحارب اردوغان الذي طور بلده ويتبنى مواقف شريفة لا يقوم به حاكم آخر!!
محمود نجيب
الأحد، 12-03-2017 01:42 م
نعم ان صعود الإسلام السياسي في تركيا اخاف االاوربيين من صحوه اسلامية تعيد امجاد الاسلام وتوحد المسلمين وتصعد بهم الى قمة السلم الحضاري.. وبهذا يظهر عوار الأخلاق الأوروبيه المستور حالياً بقشرة الديمقراطية المزعومه ولكن انشالله سينتصر التيار اللذي يحاولون اسقاطه *قادر يا كريم. *
مصري
السبت، 11-03-2017 10:24 ص
الغرب كله ضد الإصلاحات التي تتم في تركيا ، والسبب معروف للجميع و هو تحجيم تركيا و إبقائها رهن المشاكل و الأزمات المختلفه ، هم لا يريدون أن تكون رمز للدوله المسلمه المستقرة التي تحقق النهوض و الإنجاز علي الدوام في ظل تمسك قياداتها بالمرجعية الإسلاميه التي تمثل لب الثقافة التركيه ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر وجود زعيم مسلم بارز أستطاع ملء الفراغ الحالي لوجود قيادات إسلامية مثل صلاح الدين وقطز و محمد الفاتح ومن جاء من بعده من السلاطين العثمانيين الذين حكموا المنطقه وبسطوا النفوذ الإسلامي حتي وصلوا باريس ، و إفول نجم أتاتورك و ذهاب مبادءه العلمانيه التي يقف الغرب ورائها ، فالإستفتاء القادم في تركيا سوف يكون نقطه فاصله بين جمهورية كمال أتاتورك و جمهورية رجب طيب أردوغان التي عادت لجذورها الأصليه وهي حضارتها الإسلاميه التي لولاها ما حولت شتات القبائل التركيه لدوله عظيمه رغم انف الغرب و أنف العسكر الأوباش في مصر الذين زيفوا تاريخ العثمانيين العظيم و الرائع في الكتب المدرسيه ، إن تركيا في ظل ماتحققه من نمو إقتصادي تحتاج إلي إستقرار سياسي يدعمه وجود و تعدد مؤسسات ديمقراطيه تساهم في صنع القرار و هذا ضروري للغايه ولايجب ان تقع تركيا اسيرة لنظره أحاديه ، لابد من العمل علي وجود دوائر وليس جماعات مصالح لصنع القرار لمساعدة القيادة في إتخاذ القرار الصحيح و السليم ، وفق الله الشعب التركي الأبي الذي وقف في وجه الظلم و الأستبداد و العماله و القهر و التخلف وجه العسكر الخائنين لوطنهم لما فيه الخير و الفلاح و السداد ، و السؤال الذي يهمنا متي يقتدي الشعب المصري بالشعب التركي ؟ متي نشاهد مصر وهي تنهض مثل تركيا و تتقدم لتاخذ مكانتها بين الأمم الراقيه بعد ان تنفض عنها البراغيث و البق العالق بها منذ إنقلاب 1952 المشئوم .