صحافة دولية

ماذا قال مستشار الغنوشي عن قيادة النهضة وقانون المخدرات؟

قال زيتون: أزمات الشباب تقوده لليأس والتطرف - أرشيفية
قال زيتون: أزمات الشباب تقوده لليأس والتطرف - أرشيفية
لطفي زيتون في حوار مع صحيفة لوبوان الفرنسية: 
على تونس أن تحمي الحريات الفردية

نشرت صحيفة لوبوان الفرنسية حوارا مع لطفي زيتون، المستشار السياسي لزعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، عبر خلاله عن دفاعه عن الحريات الفردية واحترام الخصوصية، كما عبّر عن قلقه من حالة اليأس التي سيطرت على الشباب التونسي، وساهمت في تفشي ظاهرة استهلاك المخدرات والالتحاق بالتنظيمات المتطرفة.

وقالت الصحيفة، إن لطفي زيتون رجل خارج على المألوف، ويدحض كل الأفكار المسبقة والمألوفة عن تيار الإسلام السياسي، فهو يستشهد بمقولات مارجريت تاتشر، وقصائد الشاعر الفرنسي فيرلين، ولا يستخدم أبدا الدين عند الخوض في المسائل السياسية.

وذكرت الصحيفة أن لطفي زيتون كان قد استقال من منصبه في شباط/ فبراير سنة 2013، بسبب الخلاف مع حكومة حمادي الجبالي. إلا أنه حافظ على وجوده في صلب حركة النهضة، وقد كثف من نشاطه مؤخرا إلى جانب زعيم الحركة، حيث حضرا معا مؤخرا منتدى دافوس الاقتصادي، وسافرا إلى الجزائر العاصمة للقاء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

وفي هذا الحوار الذي ترجمت "عربي21" أجزاء منه، أشارت الصحيفة إلى الاتهامات الموجهة للحكومة التونسية بالفشل بتحقيق النتائج الاقتصادية المنتظرة، وهو ما أقر به لطفي زيتون، الذي أرجع ذلك إلى النموذج الاقتصادي التونسي الذي تم بناؤه على مدى 60 سنة منذ الاستقلال، والذي تدافع عنه أطراف عديدة في تونس لأنها مستفيدة منه، على غرار اتحاد الشغل الذي يعمل على زيادة عدد العاملين في القطاع الحكومي. وقال إن تغيير هذا النموذج يحتاج إلى شجاعة سياسية ودعم شعبي، وهذا غير موجود في الوقت الحالي، وفق قوله.

وأكد زيتون أن النهضة ماضية في تجربة الشراكة في الحكم مع نداء تونس، وتفضيل الإصلاحات الاقتصادية البطيئة، خوفا من إجهاض المسار الديمقراطي، مشيرا إلى أن شريكهم في الحكم يعاني من انقسامات داخلية عديدة؛ لأن الحزب قام على أساس معاداة النهضة، وبعد الانتخابات وجد نفسه مضطرا لمشاركتها في الحكم، لأن النظام الانتخابي مصمم لفرض الحكم التشاركي، كما قال.

وردا على السؤال حول مصير الحركة في حال خروج الشيخ راشد الغنوشي منها، أكد زيتون أن الغنوشي يقضي الآن آخر عهدة له في خدمة الحركة، وهي تنتهي في 2020. وقد أدت سياسة التوافق مع نداء تونس، التي اعتمدتها الحركة، لتباينات داخلية وخلافات في التوجهات.

واقترح زيتون أن يتم اختيار خليفة راشد الغنوشي في المؤتمر القادم بطريقة الانتخابات التمهيدية المعمول بها في فرنسا، حيث يصوت أنصار الحزب وأعضاؤه لاختيار زعيم جديد للحزب. وهذا الشخص الذي سيتم له التصويت من قبل 50 ألف أو 100 ألف شخص، سيتمتع بالشرعية اللازمة التي ستمكنه من القيادة، معتبرا أن الزعيم الحالي راشد الغنوشي، يقود الحزب ليس فقط بشرعية الانتخاب من المؤتمر، بل بفضل مكانته الدولية ومسيرته النضالية وسلطته المعنوية بين أبناء الحركة، على حد قوله.

وتساءلت الصحيفة حول مدى مساندة أبناء حركة النهضة لقرار إلغاء القانون 52 الذي يعاقب مستهلكي مخدر القنب الهندي (الحشيش) في تونس، فأكد زيتون أن الإسلام يحرم أي مادة تذهب العقل، وهذا لا ينفي أن هذه المسألة من وجهة نظره الشخصية؛ هي مسألة حرية فردية. "ولكن من الطبيعي في أي حزب إسلامي أو حزب محافظ ألا تحظى مثل هذه المواقف بدعم كبير، لأن هنالك دائما ميلا للتدخل في الحياة الاجتماعية، ولكن من عاشوا في الغرب يعرفون أن الخصوصية الفردية مقدسة ويجب احترامها، وهذا أمر أساسي حتى تكون هنالك دولة ديمقراطية ومجتمع منفتح وديمقراطي، إذ إن هذا لا يتحقق إلا من خلال عنصرين أساسيين: الازدهار الاقتصادي والحرية الفردية".

وشدد زيتون على أن قرار إلغاء العقوبات يجب أن يتعلق فقط بمادة الحشيش؛ لأنها تعتبر من المخدرات الخفيفة، وأن يستعاض عن العقوبة بالتربية والتوجيه، أما بقية الأنواع فإنه يجب تجريم استهلاكها، مشيرا إلى أن ظاهرة استهلاك الحشيش في تونس انتشرت بشكل ملحوظ، حيث إن 3.5 مليون شخص معنيون بهذه المسألة، 77 في المئة منهم من الشباب، وهذا الانتشار الكبير لا يمكن معالجته بالعقوبات والتجريم والسجن، بل بالتعليم والتوعية، بحسب رأيه.

وحول واقع الثقافة في تونس، ونقص عدد قاعات السينما والمكتبات، أشار لطفي زيتون إلى أن عدد المكتبات العمومية في تونس محدود جدا، وهي لا توجد أصلا في أغلب الأحياء الشعبية، كما أن أغلب المكتبات تغلق أبوابها في وقت مبكر، بينما في بلدان أخرى هي مفتوحة طوال 24 ساعة، وفي كل أيام السنة.

واعتبر زيتون أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الوقت حتى ينتشر الوعي بأهمية الثقافة في تونس، وأن يتنبه أصحاب القرار والسياسيون لأهميته، كما يجب أيضا الاهتمام بمشكلة المدارس التونسية، وظاهرة غياب الانضباط داخل أسوارها، وانحدار القيم والمستوى العلمي، كما قال.

وفي سياق آخر، اعتبر لطفي زيتون أن الانتقال الديمقراطي في تونس أصبح في خطر بسبب غياب الإصلاحات الاقتصادية الحقيقية، وعدم الاستماع لمشاكل الشباب، "فأغلب هؤلاء يعانون من اليأس وعاجزون عن تحقيق آمالهم بالزواج وامتلاك المنزل والسيارة، والفرص غير متاحة أمامهم لصعود السلم الاجتماعي، رغم أنه في أي بلد تحدث فيه ثورة، يفترض بعدها أن تحدث عملية إعادة توزيع للسلطة والثروة"، لكنه أشار إلى أن هذه ليست دعوة للسيطرة على أموال الأغنياء، ولكن يجب على الدولة، من خلال القطاع العام، توفير الفرص الاقتصادية للشباب، وفق قوله.

وأشار زيتون إلى أن هنالك قوى في تونس تعيق عملية التغيير حتى تحافظ على مصالحها، مستفيدة من النظام القائم. لكنه أشار إلى أن هنالك حاجة الآن لحركة شبابية كبرى وقوية وحكيمة، من أجل حلحلة هذه المشاكل عبر فسح المجال للشباب للأخذ بزمام الأمور.

ولفت زيتون إلى أن الدولة مطالبة باتخاذ عديد الإجراءات من أجل إعادة الأمل للشباب، حتى تتم مواجهة الظواهر الخطيرة التي يسببها اليأس، مثل استهلاك المخدرات والتحاق الشباب التونسي بتنظيم الدولة.
التعليقات (0)