قضايا وآراء

اليوم العقبة وغدا تل أبيب

حمزة زوبع
1300x600
1300x600
لم أذهب بعيدا حين ذكرت في مقالي السابق على هذا، والمنشور في الموقع الموقر ذاته "عربي21"، أنه ربما التقى السيسي بقادة الكيان الصهيوني أثناء ثورة يناير وما بعدها، وقلت أيضا وبالحرف الواحد "ومن يدرينا جميعا إن كان السيسي قد التقى بساسة وزعماء وجنرالات صهاينة أثناء الثورة وبعدها؟ بل لعلي لا أتجاوز الحقيقة إن قلت إنه ربما زار الكيان الصهيوني سرا كما فعل قدوته الرئيس السادات حين زار ميناء حيفا سرا في عام ،1979 وفقا لما نشره للأرشيف الإسرائيلي عن هذه الزيارة كما أرسله لي أحد مشاهدي برنامجي اليومي على قناة مكملين "مع زوبع"". 

هذا ما كتبته قبل أسبوع، ثم جاءت الأخبار بما لا يشتهي الأحرار بحدوث اجتماع بين الجنرال الانقلابي والسفاح الصهيوني، ولكن الله أراد فضح الجنرال العميل وتحويله من عميل سري إلى عميل علني مفضوح. 

أذكر أثناء لقاءاتي عبر قناة الجزيرة بعد الانقلاب مباشرة أنني أشرت إلى دور الكيان الصهيوني في دعم انقلاب السيسي، وقدمت الأدلة الواحد تلو الآخر في الوقت الذي كان أنصار الجنرال يمتدحون عروبته ووطنيته، وفي الوقت ذاته الذي كان يحاكم الرئيس مرسي بتهمة التخابر مع حماس، وبتهمة أنه كتب رسالة بدأها بعزيزي بيريز، وفي الوقت الذي شن إعلام السيسي أسوأ حملة قتل معنوي ضد مخلوق على وجه الأرض، كنت على ثقة في أن السيسي لم يقم بانقلابه منفردا بعيدا عن أعين الموساد ودعم الخليج المتحالف مع الكيان الصهيوني بعدما كشف نتنياهو نفسه عن أن العرب أصبحوا حلفاءه ولم يعد هناك عداء بينهم وبين الكيان الصهيوني. 

كما لم يكن لدي أدنى شك أن الهدية التي سيمنحها أو يسعى السيسي لمنحها للصهاينة هي سيناء، والجميع يدرك حقيقة ما يجري في سيناء من إرهاب تبين للجميع أنه صناعة مخابراتية بامتياز من أجل التخلي عن هذه الأرض المصرية الغالية لصالح مشروع ينقذ الصهاينة من ورطة الانسحاب من فلسطين أو ما تبقى منها على الأقل. 

الصورة الآن أكثر وضوحا، السيسي انقلب على الرئيس مرسي بتعليمات ودعم مخابراتي صهيوني وبأموال خليجية، هذا أمر لا ريب فيه، ولكن الذي ستكشف عنه الأيام ويجب أن نناقشه اليوم هو هل ثمة ترتيبات جماعية ولقاءات صهيونية خليجية على غرار اجتماع العقبة الرباعي بين الملك الأردني وجنرال مصر وسفاح الكيان وجون كيري الذي كان أول من دعم الجنرال في البيت الأبيض بقوله "إن هذا من شأنه استعادة المسار الديمقراطي". 

هل وكما تم كشف النقاب عن لقاء السيسي ونتنياهو في مدينة العقبة قبل عام ونيف، سيتم كشف النقاب عن اللقاءات التي تمت بين الأشقاء الخليجيين"!!! "والأشقاء في الكيان الصهيوني"!!! " للترتيب للانقلاب ، وهل سيعترف المغيبون أن الانقلاب لم يكن ليقع لولا وجود هذا الثلاثي الذي يسعى ترامب لتحويله اليوم وبلا خجل إلى قوة عسكرية تقوم بالمهام القذرة التي تنأى إدارة البيت الأبيض بنفسها عنها. 

لا أستبعد أن تخرج الأنباء هذه الأيام أو فيما يليها لتتحدث عن تلك اللقاءات وتشرح لنا أهميتها للأمة العربية والإسلامية، ولا استبعد أن تتحول اللقاءات السرية إلى علنية، ولم لا فقد خرج متحدث باسم السيسي، لا لينفي لقاءه مع نتنياهو السفاح بل ليؤكد أنه حدث ولكن لأهداف شريفة، ولا أدري كيف يعمل هؤلاء العملاء لأجل فلسطين بينما ممثل فلسطين ولو كان منتهي الصلاحية لم يحضر ولم يشارك في اللقاءات. 

 الغريب العجيب أن ما تسرب من هذه الاجتماعات يشير إلى أن نتنياهو قد صفعهم جميعا، وركلهم بينما خرج الجنرال بعد تلك الاجتماعات ليعلن عبر تصريحات له من مدينة أسيوط علقنا عليها في حينه-  مناشدا الشعب الإسرائيلي القبول بالسلام، وتساءلت ساعتها ما السر وراء هذه التصريحات في هذا التوقيت. اليوم كشف النقاب عن كل شيء، فقد تم استدعاء السيسي ليكون عنصر ضغط على الفلسطينيين من أجل إنهاء القضية برمتها حتى لا تكون مبررا لقوى التطرف كما جاء في بيان المتحدث باسم السيسي يوم الأحد 19 فبراير 2017. 

والغريب أيضا أن أيا من الدول الخليجية التي فضحها نتنياهو لم تجرؤ على اتهامه بالكذب بل صمتت صمت القبور على اعتبار أن الموضوع لا يخصها، حتى جاءهم ترامب بتصريحه الأخير بأن عليهم أن يصطفوا  خلف الكيان الصهيوني في كيان مسلح يقوم الخليج بالإنفاق عليه، كما يتعين على الخليجيين الإنفاق على مشروع ترامب في سوريا وهو إقامة مناطق عازلة. 

لم يعد لدي شك في أن الكيان الصهيوني كان وراء الثورة المضادة ضد الشعوب العربية، ولكن كان عندي بعض الشك في أن يتحول ملف حماية النظم العربية من واشنطن إلى تل أبيب. هذه ليست أمنية ولا هي مجرد  توقع بل أكاد أراها الحقيقة التي لم يتم نفض الغبار عنها بعد ، ولن يتأخر الأمر طويلا حتى نسمع من بعض القادة العرب ما يبشرون به شعوبهم بأنهم ولا فخر أصدقاء للكيان الصهيوني. 

الخبر السيئ في كل هذه القصة هو متى سيتم الإعلان عن انضمام الكيان الصهيوني لجامعة الدول العربية؟ 

لا تتعجلوا .. أحمد أبو الغيط فيه الخير والبركة.  
التعليقات (0)