قضايا وآراء

فرنسا.. ونمذجة الثورة الإيرانية

رضا بودراع
1300x600
1300x600
أخشى ما تخشاه القوى المهيمنة على العالم اليوم أن تتولد عن الثورة مجموعة من القيم، ثم تتحول إلى خطاب سياسي تحرري تتبناه الشعوب المستضعفة. لذلك تجهد قوى الشر بأن تحول كل قيمة ثورية تتوجه قدما نحو الانعتاق إلى فتنة تقود إلى الوراء، حيث "الخضوع المفيد".

وحقيقه ما تم في العشرية الأخيرة؛ هو إنشاء حليف جديد في الشرق الأوسط يحمل عقيدة قابلة للاستنزاف البشري والاقتصادي، يغطي تكاليف وظيفة الشرطي للمنطقة للحليف الأول، الكيان الصهيوني.

وقد تم إدراك ذلك بعد حرب غزه في 2008، وهو عدم قدرة الكيان على تحمل هكذا استنزاف.

وعلى ضوء ذلك نفهم الدور البريطاني "التاريخي" تجاه الدولة اليهودية، حين قدمت لفرنسا خدمة جليلة بتوفير وسيط موثوق لربيبتها الثورية المدللة إيران!!

وقد كان هذا الوسيط دولة الإمارات، حيث كانت قناة التطبيع الاقتصادية والسياسية مع الدول العربية والإسلامية، وصولا إلى الهند ذات النفوذ البريطاني مرة أخرى، ليكون متنفسا اقتصاديا من العقوبات الدولية.

لذلك الإمارات الآن أكبر شريك عربي لإيران، بتبادلات تقدر بـ13 مليار دولار، أي نصف حجم المبادلات مع الاتحاد الأوروبي المقدرة بـ28.3 مليار دولار.

وهنا أيضا يتبين الشريان الاستراتيجي لإيران الذي يوفره الغرب، رغم العقوبات الاقتصادية المعلنة.

هذا الحبل السُري بين إيران وفرنسا كان يجب تأمينه مهما كلف الثمن. ومن هنا يمكن القول إن الثورة الإيرانية هي في الحقيقة وليدة الثوره الفرنسية، من حيث المبدأ والمآل. فعندما فشلت الثورة الفرنسية في تمددها في أوربا خلال القرنين الماضيين وجدت أخيرا متنفسا لها نحو آسيا، حيث استنسخت صورتها في المشروع الإيراني، واشتقّت نفس طبيعه الدولة القوميه ذات الرسالة التوسعية الاستعمارية، تحت مفهوم تصدير الثورة!! فهي نسخه مطابقة تماما لطبيعة الدولة القومية التي أفرزتها الثورة الفرنسية!! و هذا ما يفسر استضافتها للخميني 8 سنوات ودورها في إنجاح الثورة الإيرانية. كما يفسر أيضا الغطاء الفرنسي للاقتصاد الإيراني وصفقات الطائرات وغيرها.. لكن أهم تجل لذلك التطابق في الرؤية الثورية، هو سماح فرنسا للتمدد الشيعي في مناطق نفوذها التاريخية، كالشمال الأفريقي، وفي سوريا ولبنان تحديدا.

كل هذا يقودنا إلى سؤال خطير جدا: إلى أي حد يمكن السيطرة على هذا النموذج "المستنسخ" من الثورة الفرنسية، والتي نفسها سببت حروبا طاحنة في أوروبا في القرنين الماضيين، في ظل تغير موازين القوى الدولية والتغول الروسي الحليف التاريخي للعرق الفارسي؟؟

الجواب معقد جدا من الناحية الاستراتيجية.. نحاول التفصيل فيها في مقال جديد إن شاء الله.
التعليقات (0)