كتاب عربي 21

دونالد معمر.. ترامب القذافي

جعفر عباس
1300x600
1300x600
كنت أحب دونالد داك، بطة أفلام كرتون والت ديزني، ثم صرت مثل بلايين البشر في عالمنا المعصور بدونالد ترامب، أكره ذلك الاسم، ولكن بيني وبين نفسي أشمت في الأمريكان الذين انتخبوه، ثم سفوا الترب: هذا جناه عليْ خياري/ حين إدراكي فَسَدْ.

ترامب هو النسخة الإفرنجية من الزعيم الليبي الراحل مزمجر الجزافي، الذي كان لسنوات حبيب الجماهير العربية، التي كانت تطرب لتصريحاته وقرارته وفتاويه الخرقاء: تصفق عندما تراه يلبس قفازين في يديه خلال القمم العربية، معلنا أنه لا يريد تلويث يده الطاهرة، عندما يصافح المشاركين في القمم، واعترف بأنني احتفظت بنسخة من كتاب قعيد ليبيا "الأخضر"، عندما اعتنقت حكومة السودان النظرية الخضراء الثالثة، واستعددت للسفر إلى الخرطوم للاستفادة من بعض بنود النظرية، ولكن الحكومة لحست كل مديحها للنظرية، عندما أدركت أن تكوين لجان شعبية، على غرار النموذج الليبي، سيؤدي الى اختراق عناصر غير مرغوب فيها لهياكل تلك اللجان، ومن ثم الحكم نفسه.

المهم أنني كنت أحلم بالعودة إلى الخرطوم القذافية، واستئجار بيت فخيم في أحد الأحياء التي تحمل أسماء مستوردة، ثم التوجه الى وزارة الإسكان لتسجيل البيت باسمي، لأن الكتاب الأخضر يقضي بأن يكون "البيت لساكنه"، كما خططت لوضع حد لسنوات اغترابي في منطقة الخليج،بعد أن اقتنعت أن "تكوين النفس" الأمّارة بالثراء، حلم بعيد المنال، وكانت خطتي تقضي بالحصول على وظيفة في بنك مكتنز الخزائن، ثم المطالبة بنسبة مئوية معلومة من أرباحه، لأن هناك نص صريح في الكتاب الأخضر يقول: "شركاء لا أُجراء"، يعني أينما تعمل، تصبح شريكا في عائد العمل، وليس مجرد أجير من عبدة آخر الشهر.

وهناك بند في الكتاب التركوازي، كنت قد قررت تجاهله وإلغائه من النسخة التي كانت عندي، لأنه جعلني أحس بالقرف:"المركوب للراكب"، فعند قراءتي لهذا النص المؤلف من كلمتين، هتفت بالمصري: "جات الحزينة تفرح ما لقتلهاش مطرح"، رايح يا أبو الجعافر الخرطوم عشان تطلع في العلالي، وسينتهي بك الأمر مضروبا على نحو مهين.

فإذا فكرت في ركوب سيارة أو حتى دراجة، فجزاؤك المركوب، وهو عندنا في السودان نوع مصفح من الأحذية المصنوعة يدويا، بكل فردة منها نصف كيلو من المسامير، واستخدامه في المشاجرات، يؤدي عند مثول المتشاجرين به أمام القضاء، إلى اتهامهم بالشروع في القتل (علمت لاحقا أن القذافي يقصد عكس ما فهمته، فالمركوب عنده هو ما يركبه الإنسان من أدوات التنقل، أي السيارات بأحجامها المختلفة، وعليه، وبموجب هذا البند، فإذا كنت تقود سيارة صالون أو حتى في مرسيدس نظير أجر شهري، فإن السيارة/ البص ينبغي أن يكون ملكك، على غرار مقتضى نص "البيت لساكنه").

وترامب يا أهل الخير، هو قذافي أمريكا حتى مطلع عام 2021، ما لم يزره قبلها هادم اللذات ومفرق الجماعات، إن الله سميع مجيب، ففي أسبوع واحد أصدر الرجل قرارات، جعلت الأمريكان والشيشان وطالبان وكازخستان واليونان و.... عليك نور، السودان، يترحمون على القذافي، وإذا كان دونالد ديزني بطة، فدونالد الذي صار رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، ثور في مستودع الخزف، يعاني من الخرف، وجعل شعوب العالم تحس بالقرف، وهو يوجه إلى كل واحد منها صفعة/ كَفْ، ولات ساعة أسف.

لا يكاد يمر يوم منذ تنصيبه رئيسا، إلا ووجه فيه ترامب إساءة بالغة إلى شريحة من البشر، أو شعب أو ملة أو طائفة أو إثنية ما، ولكنه صار على يمين الهولندي غيرت فيلدرز، مؤسس ورئيس حزب الحرية في هولندا، صاحب المقولة التي يعلقها نازيو أوروبا والغرب عموما قلادة في أعناقهم: ليس هناك إسلام معتدل، ولكن هناك مسلمون معتدلون.

ولكن ترامب يذهب الى أبعد من ذلك، لأنه يعتقد أن كل مسلم يولد إرهابيا، وأن خلايا الإرهاب قد تنشط في عقل أي مسلم حتى لو كان تارك صلاة، ومن ثم فإن وجودهم كـ"مِلَّة" خطر على الأمريكان
وبصراحة فلست حانقا على ترامب لأنه وضع قيودا على دخول بني وطني (السودان) إلى بلاده، بل إنني شامت في حكومة السودان، التي ظل اقطابها في حالة انتشاء، بعد أن قرر الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما،رفع العقوبات الاقتصادية عنها – بضمان حسن السير والسلوك حتى 12 تموز/ يوليو المقبل – باعتبار أن رضا أمريكا، يأتي في مرتبة أعلى من رضا الوالدين والمواطنين، وها هو ترامب يطرق الدنيا على رؤوسهم ورؤوس أمة محمد كافة.

ولم ولن ترفع حكومة مسلمة واحدة (لا علم لي بوجود حكومة إسلامية) صوتها بالاحتجاج على وصم ترامب للمسلمين بالجملة إرهابيين، وبالتالي لم تبق إلا المبادرة الشعبية: اقترح بالتحديد تنظيم حملة تبدأ إقليمية، لتتحول تدريجيا إلى عالمية، بمقاطعة السلع الأمريكية، وأتكلم هنا عن المقاطعة الشعبية وليس الحكومية.

تتشكل في كل بلد عربي وفي المهاجر لجان للتعبئة لتلك المقاطعة: نتوقف عن شراء أي شيء منشؤه الولايات المتحدة: سيارات، كمبيوترات/ سجائر هواتف وجميع منتجات أبل، إلخ. وعلى ضمانتي فإن عدد الأوربيين الذين سيلتزمون بتلك المبادرة سيكون بالملايين.

هل تنال "عربي21" شرف أن تكون راعية هذه المبادرة، وكتابها شرف الترويج لها؟.
التعليقات (1)
مراقب الفهد
الأحد، 05-02-2017 01:40 ص
تشبيه غير دقيق ومقارنه مغرضه...القذافي ليست ترامب والكاتب يخدم الكاوبوي ترامب..