قضايا وآراء

رسائل إهانة من البيت الأبيض

حسام شاكر
1300x600
1300x600
ليست إجراءات ترامب تفرقة عملية وحسب؛ بل تتضمن فوق ذلك إذلالا جماعيا للعرب والمسلمين ككل وتختزن انتهاكا رمزيا بحقهم. فالخطوات التمييزية الصارخة بحق مواطني دول مسلمة، بالإضافة إلى السوريين الذين تقطّعت بهم السبل، هي رسائل إهانة مؤكدة من البيت الأبيض تتجاوز أولئك العالقين في المطارات الأمريكية.

ورغم كل هذه التجاوزات التي وقعت في أيام ترامب الأولى في البيت الأبيض وما تعنيه بالنسبة لسنوات عهده المقبلة؛ فلا إشارة حياة من العالم العربي والإسلامي على إهاناته المسددة للمسلمين وشعوبهم، فالدول غائبة والنخب مستقيلة والشعوب تتفرّج أو تشكو عجزها.

إن عدم التحرك لعقد قمة عربية أو إسلامية عاجلة لبحث إهانات ترامب وسياسات إدارته التمييزية الصارخة بحق مواطني الدول الأعضاء في "الجامعة" أو "المؤتمر"؛ هو شهادة جديدة على انهيار العمل العربي والإسلامي المشترك، علاوة على أنّ القوم في قصور الإقليم يتحسسون رؤوسهم في مستهلّ الزمن الأمريكي الجديد.

والاستنتاج المفهوم من خمول الدول العربية والإسلامية وعدم إظهار غضبها على ما أقدم عليه ترامب هو أنها لا تكترث بشعوبها ولا تقيم وزنا لكرامة مواطنيها، أو هكذا تقريبا. ثم ما معنى أن يتطوّع مسؤولون عرب لإظهار التفهّم وتقديم تأويلات حسنة للإجراءات التمييزية الصارخة التي أعلنتها الإدارة الأمريكية الجديدة؛ مثل قول أحدهم إنها لا تستهدف المسلمين؟

من القسط الاعتراف بأنّ بعض الدول العربية لم تستفزها إهانات ترامب بشأن منع الدخول على أساس تمييزي؛ لأنها في الواقع تفعل ذلك وأكثر منه مع مواطني الدول ذاتها ربما، ولعلّ السعادة تخامر حكوماتها إذ ترى أنّ "أمريكا العظمى" ذاتها تحذو حذوها وستكفّ عن مرافعاتها المزعجة بشأن حقوق الإنسان.

لكنّ خمول الدول القائمة وتجاهلها إهانات ترامب بحق الشعوب المسلمة، يمنح فرصة، على أي حال، لفهم بعض الملابسات التي تظهر فيها مشروعات "دول بديلة" في الفجوات الجغرافية والاجتماعية، من قبيل حالة "داعش" بقدرتها المذهلة على استقطاب الشباب اليائس أو الغاضب والمعبأ بمشاعر الإذلال والاحتقان والرغبة في تفريغ مكبوتاته ولو بطريقة متوحشة.

ثمة وجه آخر للواقع البائس كشفتته إهانات ترامب؛ هو ترهّل المجتمع المدني العربي أو غيابه أو استقالته، أو خنقه. فلا أصوات مسموعة من منظماته ومؤسساته وجمعياته ووجوهه، تندد بتمييز الولايات المتحدة الجسيم هذا، رغم أنه النبضة الأولى في مسيرة الإدارة الجديدة الحبلى بالمفاجآت الشائكة. ولا شكاوى مسموعة حتى الآن رغم وفرة اللافتات المصنفة ضمن فئة المنظمات غير الحكومية.

علينا التريّث ومنح فرصة لطبقة الاعتماديين العرب على هيئة المعونة الأمريكية، كي نرى إن كانت تجرؤ منظماتهم غير الحكومية حقا على إطلاق حملات إعلامية ومدنية جادة ردا على إهانات سيد البيت الأبيض الجديد، مع تفهّم قلق القوم على أرزاقهم وامتيازاتهم في الزمن الأمريكي الجديد.
1
التعليقات (1)
سفيان
الجمعة، 03-02-2017 09:55 م
اخي حسام مقال رائع وجميل ولكن... عن أي عرب تتحدث أليس العربي في وطنه ذليل ألم يهاجر العربي لأمريكا هربا من الذل ليحي الكثير من الكرامة في الغرب وأميركا.... لما كل هذه الضجة على ترمب رغم رفضي لقراراته