سياسة دولية

بعد تصريح شيمشك.. هل تخلت أنقرة عن رحيل الأسد؟..نفي لاحق

بشار الأسد
بشار الأسد
أثارت تصريحات نائب رئيس الوزراء التركي محمد شيمشك حول "عدم واقعية" المطالبة برحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد تساؤلات حول الأسباب التي دفعت تركيا لتغيير مواقفها المعلنة والمصرة على رحيله لبسط الحل في سوريا.

وقال شيمشك خلال مداخلة له في منتدى الاقتصاد الدولي في دافوس بسويسرا إن "علينا أن نكون براغماتيين وواقعين.. الوضع تغير بدرجة كبيرة على الأرض وتركيا لم يعد بوسعها الإصرار على المطالبة برحيل الأسد من أجل حدوث تسوية.. هذا غير واقعي".

ولفت شيمشك إلى أن "الموقف التركي من الأسد ما زال كما هو يحمله المسؤولية عن معاناة ومأساة الشعب السوري بوضوح وهو يتحملها بشكل كامل".

وقال: "لكن نحن نعمل بما يتوفر في أيدينا ونتعاون مع روسيا وإيران ومع الولايات المتحدة للوصول إلى حل في سوريا".

وتتناقض هذه التصريحات مع المواقف المعلنة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي سبق أن شدد في العديد من المناسبات على مبدأ رحيل الأسد لحل الأزمة في سوريا.

وقال أردوغان في كلمته خلال قمة العشرين في أيلول/سبتمبر الماضي في الصين إن "عدد الشهداء في سوريا تجاوز الـ 600 ألف وأن الدفاع عن بقاء الأسد القاتل في منصبه رغم مقتل هذا العدد مدعاة للخجل".

وشدد شيمشك في تصريحاته على ضرورة وقف القتال الآن وقال: "الأمر مهم جدا لأنه بداية لشيء آخر.. يجب أن نحرص على تحويل وقف إطلاق النار الحالي إلى وقف دائم لإطلاق النار في البداية ومن ثم ننتقل للحديث عن أمور أخرى وعن حل النزاع".

ويرى المحلل السياسي التركي أوكتاي يلماز أن تصريحات شيمشك "تعبر عن الأولويات التركية في الوقت الراهن ورحيل الأسد الآن ليس أولوية لتركيا وليس واقعيا في ظل تمسك الروس والايرانيين به".

وقال يلماز لـ"عربي21" إن تصريحات شيمشك: "لا تعني أن تركيا ترفض رحيل الأسد لكن الأمن القومي والحدود ومحاربة الإرهاب وتثبيت وقف إطلاق النار في سوريا ووقف إراقة الدماء والبحث عن حل يرضي الشعب السوري هو الأهم في هذه المرحلة".

وأضاف أن "أي حل لا يرضي الشعب السوري فتركيا لن توافق عليه وبالتأكيد بعد كل هذا الدمار والقتل لن يقبل السوريون بالأسد ضمن حل حقيقي وشامل وكامل".

وأشار يلماز إلى أن أي حل شامل للأزمة في سوريا يجب أن يختفي منه الأسد لكن البحث الآن يتم على تثبيت وقف إطلاق النار وإيجاد حل مؤقت للبدء في خطوات فعلية نحو حل شامل.

من جانبه يرى الباحث في الفلسفة السياسية في جامعة باريس الدكتور رامي العلي أن تركيا غيرت مواقفها في العديد من الملفات بالمنطقة بشكل عميق بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة.

وأشار العلي لـ"عربي21" إلى أن تركيا اتخذت خطوات نحو تحسين العلاقة مع روسيا ودخلت في عمليات تفاوضية معها حول عملية درع الفرات في سوريا وغيرت الكثير من مواقفها في الملف السوري من أجل تطبيع علاقتها بروسيا.

وقال إن العديد من ملفات الشرق الأوسط تغيرت المواقف التركية فيها للحفاظ على مصالحها ومنع قيام كيان كردي شمال سوريا وهذا تضمن تنازلات للجانب الروسي.

وأوضح العلي أن مراجعة السياسة التركية خلال الأشهر القليلة الماضية تكشف أن تصريحات شيمشك اليوم هي حصيلة طبيعية للتغيرات التي طرأت على مواقفها من العديد من الملفات نتيجة للظروف والمتغيرات الإقليمية والدولية.

وشدد العلي على أن المعارضة السورية الآن في موقف ضعيف وليس بمقدورها الإصرار على مطلب رحيل الأسد لكن حالة الغموض التي تلف هذا المطلب من الأطراف الدولي ربما تكون في صالح المعارضة.

وقال إن المعارضة التي تنسق مع تركيا العديد من الخطوات وبعد سقوط حلب والتقاربات الروسية التركية أصبح لديها إمكانية للتفاهم مع الروس والمحافظة على الحد الأدنى من مطالبها لكن لا يوجد خيارات كثيرة أمامها سوى بقاء الأسد بشكل مرحلي حتى الوصول لعملية انتقالية.

وأشار إلى أنه لا يمكن الحديث عن حل نهائي لسوريا في مؤتمر أستانة والبحث الآن عن حل مرحلي لوقف إطلاق النار والتمهيد لمرحلة تفاوض إقليمية أكبر.

وأضاف: "جنيف مساحته أرحب للمعارضة السورية للعمل والتفاوض وهذا الغموض حول مصير الأسد يمكن تلعب عليه المعارضة السورية من الناحية العسكرية والسياسية وبقاء الأمر غامضا هو في مصلحة المعارضة كما كان سابقا من مصلحة النظام في المؤتمرات السابقة".

نفي وتوضيح من مكتب شيمشك

وفي وقت لاحق من مساء الجمعة، أصدر مكتب شميشك بيانا ينفي الموقف المشار إليه آنفا، حسب وكالة "الأناضول" التركية، وقال البيان إن نائب رئيس الوزراء التركي رد على سؤال حول المسألة السورية على هامش مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي، قائلا إن "الأسد سبب المأساة في سوريا، ولا يمكن قبول حل يكون (الأسد) جزءا منه".

التعليقات (0)