صحافة دولية

كاتب بريطاني: كيف مهد باراك أوباما الطريق أمام ترامب؟

الغارديان: هناك علاقة عميقة بين صعود ترامب وما فعله أوباما- أرشيفية
الغارديان: هناك علاقة عميقة بين صعود ترامب وما فعله أوباما- أرشيفية
نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للكاتب غاري يونغ، يناقش فيه كيف مهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما الطريق إلى البيت الأبيض للرئيس المنتخب دونالد ترامب.

ويبدأ يونغ مقاله بالقول إنه وللاحتفال بالذكرى الـ225 لإنتاج العملات الصفراء، فإن سلطة صك النقود ووزارة المالية أعلنتا الأسبوع الماضي عن اعتزامهما إصدار عملة تذكارية عبارة عن قطعة نقدية من الذهب 24 قيراطا، تصور سيدة الحرية في صورة امرأة أمريكية أفريقية ذات شفاه ممتلئة، وشعر مجدول ومربوط على شكل كعكة، ويكتب فوق الصورة "الحرية" وتحتها "نثق في الرب"، وقالت رئيسة سلطة صك النقود إليسا باسنايت: "كوننا شعب نستمر في التطور، فإن هذه طريقة لتصوير الحرية".  

ويقول الكاتب: "لكن للأسف، فإن التمثيل يتطور بصورة أسرع من الشعب، ستكون قيمة القطعة النقدية 100 دولار، وفي عام 2010 كان متوسط ثروة المرأة الملونة هو خمسة دولارات، وتكسب النساء السود اليوم 65 سنتا مقابل كل دولار ينتجه الرجل الأبيض، وهو يمثل الفجوة ذاتها كما كانت قبل 20 عاما، ولذلك فإن القطعة النقدية التي ستصدرها وزارة المالية لا يستطيع معظم الناس دفع ثمنها؛ لأن الاقتصاد يوفر وظائف برواتب قليلة تتركهم أحرارا دون مساواة".

ويضيف يونغ في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أنه "على مدى الثماني سنوات الماضية أتخم الليبراليون الأمريكيون أنفسهم على الرمزية، فشعر جزء لا بأس به من الشعب، بمن فيهم الفئة التي قد تدعم باراك أوباما، بوضع أفضل في بلدهم، بالرغم من أن حالهم كانت أسوأ، فالعائلة السوداء الجميلة والخالية من الفضائح التي تعيش في البيت الأبيض نقشت الأمل بمستقبل واعد لأمريكا وخارجها، وبالصور الجميلة وعدم التكلف في الأناقة والرقي إلى المنصب دون امتيازات، فإن قصتهم كانت تشبه مملكة كاميلوت، لكن دون القلعة؛ حيث حركت الشعور بإمكانية تحقيق شيء في فترة من الركود الاقتصادي والجمود الاجتماعي وحالة عدم اليقين السياسي". 

ويتابع الكاتب قائلا إنه "في الوقت الذي يسلم فيه أوباما المفاتيح والرموز لدونالد ترامب نهاية هذا الأسبوع، فإن الكثير من الليبراليين يندبون انتهاء ما كان غير مصدق حدوثه، ويعبرون عن مخاوف عميقة حول ما سيأتي، إنه منحدر حاد بلاغيا وجماليا، فمن المفكر الأسود الباحث عن التوافق إلى شخص ذي لون بني اصطناعي ومتحرش بالنساء وسوقي". 

ويستدرك يونغ بأن "هناك علاقة تربط بين (الطبيعي الجديد) والقديم، ويجب أن تفهم إن كانت مقاومة ترامب ستزيد عن مجرد أفكار على (تويتر) يقودها الغضب العاجز ويغذيها الحنين المعيب، هذا التحول ليس مجرد تسلسل -رئيس سيئ يعقب رئيسا جيدا- لكنه نتيجة: أجندة بشعة أصبحت ممكنة بسبب فشل سابقتها". 

ويشير الكاتب إلى أنه "من السهل لليبراليين أن يحتقروا ترامب، الذي يعترف بلسانه بأنه متحرش جنسيا ومتبجح ومتعصب، ولا يحتاج الشخص إلى بذل الكثير من الجهد لنقض أجندته، وهذا ما يجعل من الصعب جدا فهم سبب جاذبيته، وبالطريقة ذاتها، فإنه من السهل جدا على الليبراليين أن يحبوا أوباما؛ فهو معتدل ورصين وذكي وبليغ، كما أنه قام بأمور جيدة، بالرغم من معارضة الجمهوريين، ولذلك فمن الصعب على الليبراليين أن يقدموا نقدا معقولا ويقوم على مبادئ لرئاسة أوباما".

ويبين يونغ أنه "لا يمكن لأحد أن يلوم أوباما لفوز ترامب، إن الجمهوريون، الذين جبنوا أمام الغوغاء في قاعدتهم، الذين لطالما توددوا لهم، لكنهم لم يستطيعوا السيطرة عليهم، هم من رشحوا ترامب ولا يزالون يدللونه، ومع ذلك فإن من المخادعة الادعاء بأن ترامب صعد إلى هذه المكانة من فراغ، دون أي علاقة بالسنوات الثماني الماضية". 

ويلفت الكاتب إلى أن "بعض تلك العلاقة دون شك تتعلق بمن هو أوباما: رجل أسود، أبوه مسلم من كينيا، وكانت هذه الكوكبة من الصفات بمثابة النعنع البري لجناح في الحزب الجمهوري يتعالى صوته في وقت الحرب والهجرة والاضطرابات العنصرية، وفي الواقع فإن الحزب الجمهوري استخدم موضوع العرق على مدى 50 عاما في استراتيجيته، لكنه ومع أنه رفض أن يلتزم بآداب السلوك الانتخابي لاستراتيجية ريتشارد نيكسون، (حيث قال الأخير للمسؤول عن موظفيه هالدمان: يجب مواجهة الحقيقة، وهي أن المشكلة الحقيقية هي السود.. ومفتاح الحل يكمن في ابتكار نظام يدرك ذلك، وفي الوقت ذاته لا يبدو كذلك)، وانحدرت حملته إلى سلسة متكررة من التهكم العنصري". 

ويرى يونغ أنه "يجب ألا نقلل من قيمة دور العنصرية، لكن أثرها قد يبالغ فيه، وفي حين أنه من الواضح أن ترامب شجع العنصريين، فإنه  ليس واضحا أن كان أوجد عنصريين جددا، حيث حصل على النسبة ذاتها من أصوات البيض، مثل ميت روتني في 2012، وجورج بوش في 2004".

ويجد الكاتب أن "هناك علاقة عميقة بين صعود ترامب وما فعله أوباما، أو ما لم يفعله، اقتصاديا، حيث دخل البيت الأبيض في لحظة أزمة اقتصادية، وكانت هناك أغلبية جمهورية في المجلسين، وكان مديرو البنوك في حالة ضعف، وكان الخيار أمامه أن يترك قطاع الأموال كما هو، أو تبني إصلاحات كبيرة لهذا القطاع، تخدم مصلحة من صوت له وقال إنه اختار الخيار الأول".

وينوه يونغ إلى أنه "بعد شهرين من انتخاب أوباما، فإنه دعا إلى اجتماع مع كبار مديري البنوك، وقال أحدهم لرون سوسكيند في كتابه (كونفيدنس من/ الرجال الواثقون): (جمعنا الرئيس في لحظة ضعف حقيقي.. وفي تلك اللحظة كان يمكنه أن يطلب منا فعل أي شيء.. لكنه لم يفعل، بل أراد أن يساعدنا)، فخسر الناس بيوتهم، لكن أصحاب البنوك حافظوا على مكافآتهم، واحتفظت البنوك بأرباحها".

ويورد الكاتب نقلا عن عضو لجنة المراقبة في الكونغرس دامون سيلفرز، قوله في 2010: "يمكننا أن نجد حلا لأزمة الرهن أو أن نحافظ على بنية البنوك، ولا نستطيع فعل الخيارين معا"، مشيرا إلى أنهم "اختاروا الخيار الثاني، فليس غريبا ألا تكون هناك شعبية لأوباما، حيث تأثر 58% من الناس في البلاد، وأرادوا من الحكومة أن تساعدهم لوقف حبس الرهن".

ويخلص يونغ إلى القول: "لذلك عندما ترشحت هيلاري كلينتون لولاية ثالثة لأوباما، لم تكن المشكلة مجرد عجز في الرؤية والتصور، بل كانت في عدم الوفاء بالوعود في الفترتين السابقتين". 
0
التعليقات (0)