ملفات وتقارير

هل تنجح مهلة السيسي بإعادة ثقة "الخليج المحبط"؟

السيسي حائر
السيسي حائر
يعكس توتر العلاقات السعودية مع مصر وتصريحات الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله الأخيرة، "إحباطا خليجيا" من أداء رئيس الانقلاب في مصر، عبد الفتاح السيسي في الداخل المصري وخارجيا.

وكان عبد الخالق عبد الله الذي ينظر إليه إعلاميا بأنه مستشار سياسي لولي عهد أبو ظبي، نشر تغريدات على حسابه الرسمي في "تويتر"، قال فيها إن ثمة حالة من "الإحباط والاستياء" الخليجي من أداء نظام السيسي. 

وقال: "يوما بعد آخر، يتصاعد شعور الإحباط تجاه أداء النظام في مصر، وتحوله إلى عبء سياسي ومالي يصعب تحمله طويلا".

وأوضح عبد الله في تصريحات أخرى لوكالة لأناضول التركية، أن حجم المساعدات الخليجية لمصر، منذ الانقلاب في تموز/ يوليو 2013، "تجاوزت الـ20 مليار دولار أمريكي، لكنها لم تنعكس (إيجابا) على المستوى المعيشي للشعب المصري".

وكان السيسي استمهل أنصاره وحلفاءه ستة أشهر، ليجدوا الأمور أفضل، على حد تعبيره.

وعلق أستاذ الإعلام السياسي السعودي، أحمد بن راشد، على تصريحات السيسي هذه، وقال إنه لا يعتقد بأن "السيسي قادر على إحداث اختراق يذكر في أي من الملفات الساخنة محليا وإقليميا".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21" أن السيسي "غير قادر على تقديم أي شيء على المستوى الاقتصادي المحلي، وغير قادر على بلورة رؤية واضحة عربيا لأحداث المنطقة، ففاقد الشيء لا يعطيه". 

ورأى أن السيسي رغم مهلة الستة الأشهر التي أعطاها لنفسه، إلا أنه "غير قادر على إعطاء حلول أو أن يفي بوعود"، مضيفا أن "الإحباط من أدائه يتزايد، ليس على مستوى الخليج فحسب، ولكن على المستوى الشعبي أيضا في مصر".

وأوضح أن "الغليان يزداد في الشارع المصري، والملل والسأم من أدائه يتصاعد أيضا، وهناك شعور من أنصاره محليا وحلفائه خليجيا بالإحباط يتفاقم بشكل كبير".

وقال إن السيسي كونه يطالب بستة أشهر زيادة، فكأنما هو يستجدي مهلة من أنصاره وحلفائه، موضحا أن "هذا في حد ذاته ليس خطابا سياسيا رشيدا، فلا يستقيم أن يطلب السياسي مهلة لتحسين الأداء، لأنه يضع نفسه في موقف شديد الحرج، فإما أن يفي بوعده أو يزيد الأمور سوءا".

وأكد أن ستة أشهر لن تفي بالغرض، وإنما ستزيد موقفه حرجا.

اقرأ أيضا: السيسي يستمهل مواطنيه 6 أشهر قبل 25 يناير: مستعد أتحاسب

ولفت ابن راشد إلى أن إحباط الخليج ليس متعلقا في الدعم المالي الضخم الذي قدم للسيسي، ولكنه مرتبط باختلاف الرؤى وفقدان الدور المصري في قضايا وملفات حساسة، كان من المفترض أن تكون "الشقيقة الكبرى" حاضرة في الكثير من المواقف والنزاعات.

مبدأ الأخذ والعطاء

وحول سؤال "هل يمكن أن تتخلى السعودية والإمارات عن السيسي في مصر؟"، قال بن راشد إن السياسة هي لعبة مصالح وتقاسم أدوار وتبادل منافع، وإذا لم يكن هناك أخذ وعطاء ومصالح متبادلة، وقدرة على الوصول إلى تفاهم في نقاط وقواسم مشتركة، فلا بد من أن العلاقات ستدهور وتتأثر وتسوء كثيرا.

وأضاف أنه لا يمكن أن يتصور أن دولا تعطي ولا تأخذ، فهذا ليس مصطلحا عليه في عالم السياسة أو حتى العلاقات الإنسانية، ولا غيرها، لا بد من أن يكون هناك تنسيق وتعاون وتشاور لا سيما في القضايا الكبرى التي تهم المنطقة كلها، فلا تستطيع دولة أن تغرد خارج السرب، وأن تشذ وحدها عن قرارت ربما تشكل مصيرا مشتركا للجميع.

وقال إن عودة العلاقات بين مصر والخليج إلى ما كانت عليه في 2013 لا تبدو بهذه السهولة، ما لم يكن هناك عودة إلى قواسم مشتركة والبحث عن هذه القواسم، وحد أدنى من التفاهمات حول القضايا الكبرى، وتنسيق في القضايا المصيرية، مضيفا أنه "دون ذلك كله، لا يمكن أن ترجع العلاقات لتكون سمنا على عسل".

ووافق الناشط المصري عمرو عبد الهادي، ما ذهب إليه بن راشد، إذ أشار إلى أن علاقة الدول الخليجية بالنظام المصري قائمة على العطاء بمقابل، فهناك من أعطى وأخذ مقابل هذا العطاء، مثل الإمارات، وفق قوله.

وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن السعودية، أعطت ولم تأخذ حتى الآن، وعندما جاءت للأخذ تم التنكيل بالاتفاق معها، وتم التملص منه، رغم أن هذه كانت أول ثمرة ستقطفها المملكة من وجود السييسي في سدة الحكم.

وأوضح عبد الهادي عضو جبهة الضمير، أنه لا يمكن وضع الخليج كله في ميزان واحد بالنسبة لعلاقته مع السيسي، فهناك من دول الخليج من أعطى وأخذ مثل الإمارات، وهناك من أعطى ولم يأخذ حتى الآن، ومن الدول مثل قطر وغيرها التي لم تتعاط مع السيسي ولم تساعده، وتمت محاربتها.

وقال: "نحن أمام علاقات متوترة بين السعودية والسيسي. ولكن السيسي يسارع الخطوات لتقديم تيران وصنافير، وهذا معناه أنه خضع للضغوط الخليجية، ولن يهتم بالرأي العام الداخلي وهي خطوة غير موفقة يتخذها قبل مظاهرات 25 يناير المقبل".

العلاقة مع الخارج على حساب الداخل

وفي هذا الخصوص، نوّه عبد الهادي إلى أن أي علاقة مع الخليج الآن ستأتي على حساب الداخل المصري، ما يجعل السيسي في موقف حرج.

وأضاف أن "السيسي بات الآن بين مطرقة الجوع غير قادر على توفير الاحتياجات البترولية التي كانت السعودية تعطيها عن طريق أرامكو بتسهيلات كبيرة، وأمام إحباط خليجي".

وأشار إلى أن "أي قرار سيتخذ السيسي برجوع العلاقات مع الخليج، يعني فقدان الداخل تماما، إذ إن فقدان تيران وصنافير يعني اتهامه بالخيانة المباشرة". 

وفي المقابل، لفت عبد الهادي إلى أنه في حال لم يتخذ السيسي هذا الإجراء لصالح حلفائه من دول الخليج، يعني أنه سيبقى في أزمته الاقتصادية.

اقرأ أيضا: هل تنقذ مهلة الـ 6 أشهر سمعة السيسي.. وما هي خطته؟

وعند سؤاله "هل تتخلى السعودية والإمارات عن السيسي؟"، قال إن الإمارات تتعامل بحرص في هذه العلاقات، وتلتف لمحاولة الضغط على السعودية لإعادة العلاقات مع السيسي.

وفي معرض حديثه، علق عبد الهادي على الدبلوماسية المصرية، وقال إنها لا تلبي طموحات دول الخليج.

وقال إن الدبلوماسية المصرية "عريقة، ولها جذور وأصول"، و"لكن في عهد الانقلاب المصري، تم إهانة هذه الدبلوماسية"، مضيفا أن هناك مطالبات بسحب رئاسة الجامعة العربية من مصر في الدورة التالية، وهذا سيحصل في حال لم ينفذ السيسي ما وقعه مع السعودية حول ترسيم الحدود، وفق قوله.

وطالب عبد الهادي السعودية التي اعتبر أنها باتت تمثل مركز الشرق الأوسط الآن، إلى أن تأخذ خطوات بعيدة عن نظام السيسي الذي وصفه بـ"المنهار"، منوها إلى أن السيسي "يخسر يوميا شعبية في الشارع المصري، وهو ما اعترف به السيسي ذاته، حين قال في آخر خطاب له، إنه ليس في مباراة شعبية".
التعليقات (0)