سياسة عربية

تحركات احتجاجية بمصر رفضا للتنازل عن "تيران وصنافير" للسعودية

المعارضون أكدوا أن موافقة الحكومة على اتفاقية ترسيم الحدود وصمة عار للنظام بأكمله - أرشيفية
المعارضون أكدوا أن موافقة الحكومة على اتفاقية ترسيم الحدود وصمة عار للنظام بأكمله - أرشيفية
أعلنت قوى وشخصيات مصرية رفضها وغضبها من قرار الحكومة المصرية بالموافقة، مساء الخميس، على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والمملكة العربية السعودية، والتي تقضي بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وإرسال الاتفاقية للبرلمان في خطوة وصفوها بالباطلة والمخالفة للدستور، مؤكدين اتخاذهم مجموعة من الإجراءات الاحتجاجية ضد هذا الأمر.

ودشّن عدد من النشطاء حملة توقيعات على موقع آفاز (وهي حركة عالمية على الإنترنت تهدف لتمكين سياسات الشعوب من صناعة القرارات حول العالم)، لإعلان رفضهم التنازل عن الجزيرتين، وتجاوزت التوقعيات 6 آلاف توقيع حتى الآن.

وقال النشطاء - في بيانهم المكتوب باللغة العربية والإنجليزية على آفاز-: "أعلن كمواطن مصري أنني لم ولن أمنح السيسي ونظامه أي تفويض ببيع أو التنازل عن أي قطعة أرض، من أرض مصر، وأعلن أن الإجراءات المتخذة من مجلس وزرائه والمحولة إلى البرلمان للتصويت لا أعترف بها ولا بأي قرار لهما. أو لأي جهة أخرى يُتنازل فيه عن ذرة تراب واحدة من أرض مصر".

وقال المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين، طلعت فهمي: "الخائن الذي اختطف وطنا بأكمله، يبيع أرضه ويفرط في ترابه، ويطلب من برلمان العار مشاركته في الجريمة بالموافقة عليها، رغم أحكام قضائهم الملاكي".

وأضاف – في تصريح له مساء الخميس-: "سواء وافق أم رفض (برلمان السيسي)، فتيران وصنافير أرض مصرية وستظل مصرية رغم أنف الخائن وعصابته، ومهما طال الزمن لن ينسى شعب مصر ذرة تراب من أرضه".

ورأى مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير إبراهيم يسري، أن الحكومة المصرية كانت تستغل هذه القضية كعامل ضغط  للحصول على المزيد من المعونات والمساعدات السعودية.

ونوه إلى أن عرض الاتفاقية على البرلمان هو إجراء باطل لأسباب أهمها صدور حكم قضائي ببطلان هذه الاتفاقية أمام محكمة القضاء الإداري وطعن الحكومة مازال أمام القضاء، مضيفا: "أحكام القضاء الإداري واجبة التنفيذ على الفور إلا إذا صدر حكم من لجنة فحص الطعون، وهو ما لم يقع حتى الآن، فالطريق الوحيد لإبطال الحكم في اختصاص الإدارية العليا".

وشدّد – في تصريح لـ"عربي21"- على أن البرلمان ليست له سلطة البت في وقائع التنازل عن جزء من الإقليم، وإنما مرد ذلك إلى الشعب من خلال إجراء استفتاء عام، مؤكدا أن "التنازل عن السيادة يجب أن يصدر من الشعب، لأن الشعب وحده هو صاحب السيادة بنص الدستور".

ولفت "يسري" إلى أن أي اتفاقية تخالف الدستور باطلة ولا تلتزم بها مصر، وأن مخالفة الدستور والتنازل عن جزء من الإقليم إجراء مادي باطل يعرض المخالف للمسؤولية الدستورية والجنائية.

واختتم بقوله: "يبدو للأسف أن السلطة تعتبر الدستور أداة تجميل ولا تنفذ أحكامه، بل وتسعى إلى تعديله، وهذا مظهر واضح للتخلف الدستوري والقانوني، فالدستور يصدر لمائة عام أو يزيد، ولكن في بلادنا يتم تعديل الدساتير أكثر من مرة والتلاعب بها، وهذا يمثل قمة التغاضي عن أحكام الدستور في الدولة ويضع قراراتها موضع البطلان، كما يضم مصر إلى الدول الشمولية المتخلفة".

ويعتزم عدد من النشطاء والثوار تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان المصري بالقاهرة، بالتزامن مع مناقشة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، كما يعتزم آخرون الدعوة إلى التظاهر وتدشين حملات إلكترونية رافضة للتنازل خلال الفترة المقبلة، بحسب مصادر تحدثت لـ"عربي21".

وشدّد المنسق العام للتجمع الحر من أجل الديمقراطية والسلام، محمد سعد خير الله، على أن موافقة الحكومة على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية بمثابة وصمة عار للنظام المصري بأكمله.

وقال – في تصريح لـ "عربي21"- إن هذا النظام أصبح شعاره ومنهجه هو التفريط والبيع، والجميع يعلم إنه لا توجد أي حكومة أبدا في أي نظام استبدادي فاشي، وما يطلق عليه كذبا بالحكومة هي ليس إلا سوى تجمع للسكرتارية لا يعملون إلا بتوجيهات وتكليفات السيسي الذي يريد الالتفاف على وصمة بالعار وحصر الخيانة من بين حكومته وبرلمان البوساء.

وأضاف "خير الله": "ما يجري هو ترسيخ لآليات العصابات المفياوية لإدارة الدول، وما حدث بالأمس هو نتاج الزيارة السرية للوفد السعودي الذي طلب اتمام الاتفاق المحرم، والذي تواجد في القاهرة منذ عدة أيام".

وطالب بحصر كل "الشخصيات المتورطة في هذا الأمر، لتسطيرها داخل كشوف العار، ولتقديمها يوما ما للعدالة بتهمة الخيانة العظمى، وعلى رأسهم السيسي ومجلسه العسكري".

وشدّد وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية السابق، محمد محسوب، على أن "الدستور حصن الإقليم المصري بحدوده الأرضية والبحرية من كل احتمال للتنازل، فقرر أولا حظر التنازل مطلقا عن الأراضي من أي سلطة، بل ولا تجوز حتى بالاستفتاء".

وأضاف – في تصريح له الجمعة-: "أما بشأن حقوق السيادة، فلا يجوز التنازل عنها أيضا إلا باستفتاء، وملكية الأرض تشمل السيادة غالبا، لكن أحيانا تملك الدولة أراض ليست لها سيادة عليها كملكيتنا لبعض الجزر – في اليونان مثلا- ولأراض وعقارات بالقدس، وهي لا تجوز التنازل عنها ولو بالاستفتاء".

وتابع: "بينما حقوق السيادة لا ترتبط دائما بالأراضي، فحقوقنا على مياه النيل لا تتعلق بالأراضي لكنها حقوق قانونية بضمان وصول الماء دون عوائق، وهي حقوق سيادية حظر الدستور التنازل عنها إلا باستفتاء"، لافتا إلى أن جزيرتي صنافير وتيران جزء من مجمل الأراضي المكونة لحدود الدولة لحظة صدور الدستور وحقوقنا عليها تشمل الملكية والسيادة.

واختتم "محسوب" بقوله: "لا يجوز للسلطة التنفيذية ولا القضاء ولا البرلمان إقرار أي تنازل عن الأراضي، ولو بدعوة الشعب للاستفتاء، وارتكاب ذلك يعد جريمة مزدوجة وإهدارا للدستور وخيانة عظمى".

وحمّل المرشح الرئاسي السابق، حمدين صباحي، "السيسي" المسؤولية الكاملة عن "التفريط في أرض الوطن وانتهاك الدستور والخروج على أحكام القضاء، ويتحمل مسؤولية الصدام بين السلطتين القضائية والتشريعية، والخروج على ثوابت الوطنية المصرية والاستهانة برأي الشعب".

من جهته، أكد الفقيه الدستوري محمد نور فرحات أن مجلس الوزراء ليس مختصا بتوقيع الاتفاقيات أو إحالتها للبرلمان، وأن الاختصاص الوحيد في هذا الإطار بنص الدستور ممنوح للرئيس، ولا يجوز له أن يفوض أحدا في اختصاصاته السيادية.

واستند- في تدوينة له على "الفيسبوك"- إلى نص المادة 151 من الدستور التي تحكم توقيع الاتفاقيات الدولية، مشيرا إلى أنها لم تذكر رئيس الوزراء أو مجلسه من قريب أو بعيد.

وأضاف "فرحات": "لا أدري ما دخل الحكومة باتفاقية رسم الحدود مع السعودية، الذي وقع الاتفاقية رئيس الوزراء في حين أن المادة 151 من الدستور تجعل سلطة إبرام المعاهدات لرئيس الجمهورية"، مبديا تعجبه من أن الذي وافق على الاتفاقية، وأحالها للبرلمان متجاهلا حكم القضاء، هو مجلس الوزراء، ولا اختصاص له فى ذلك.

ودعا منسق حركة تحرر محمد فوزي للتظاهر يوم 16 كانون الثاني/ يناير المقبل، تزامنا مع نظر دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، طعن الحكومة على حكم محكمة القضاء الإداري، ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية.

وقال "فوزي" – في بيان له-: "لتكن لحظة الحكم في قضية تيران وصنافير هي ساعة الصفر للموجة الثورية المقبلة، لتخرج الأمة إلى الشوارع والحوار، ثم تعتصم في الميادين، دفاعا عن جزرها وأراضيها، ومحاكمة خونتها".

واستطرد قائلا: "سنشارك في تظاهرات 16 يناير/ كانون الثاني بالأعلام المصرية، ولن نسمح لمن يعكر الاصطفاف الوطني بأي شكل من الأشكال، ليكن 16 يناير 2017 يوما للوطنية المصرية.. احشدوا.. استعدوا.. وتأهبوا".

وأطلق نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية والقيادي السابق بجبهة الإنقاذ، مجدي حمدان، حملة شعبية لضرب أي نائب يصوت بالموافقة على التنازل عن الجزيرتين بالأحذية، وطرح اسمائهم للعامة ليعرفوا من خان وباع الوطن، وفق قوله.
التعليقات (0)