حقوق وحريات

القضاء المصري يلزم "جنينة" بالصمت 3 سنوات.. فكيف رد؟

محاميه: حكمت المحكمة بتحرير الجسد مؤقتا وحبس النفس وكتم الشهادة لمدة ثلاث سنوات- أرشيفية
محاميه: حكمت المحكمة بتحرير الجسد مؤقتا وحبس النفس وكتم الشهادة لمدة ثلاث سنوات- أرشيفية
لم يلتزم الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، هشام جنينة، الصمت إزاء الحكم الصادر بحقه، الخميس، عن محكمة جنح مستأنف القاهرة الجديدة، بتأييد حكم حبسه سنة مع الشغل، من قِبل محكمة "أول درجة"، بتهمة إشاعة أخبار كاذبة حول حجم الفساد بمصر، في القضية المعروفة إعلاميا بـ"فساد الستمئة مليار جنيه"، مع إيقاف التنفيذ ثلاث سنوات، تبدأ من تاريخ الحكم، مع تأييد تغريمه 20 ألف جنيه.

وجاء تعليق جنينة على الحكم، في تصريحات أدلى بها لجريدتي "أخبار اليوم" الحكومية و"التحرير" المستقلة، عقب صدوره، مؤكدا أن الصبغة السياسية تقف وراءه، وأنه يلزمه بالصمت ثلاث سنوات، مشيرا إلى أنه في حال التحدث وتوجيه اتهام له بإذاعة أخبار كاذبة فسيتم تنفيذ الحكم عليه.

وكانت نيابة أمن الدولة أجرت جلسات تحقيق منفصلة مع "جنينة"، حول تصريحات أدلى بها قبل قرابة عام لإحدى الصحف الخاصة (اليوم السابع) عن حجم الفساد بمصر، الذي قدَّره بستمئة مليار جنيه.

وفي آخر جلسة تم عقدها في مطلع حزيران/ يونيو الماضي، قررت النيابة إخلاء سبيله بكفالة عشرة آلاف جنيه، ورفض جنينة دفعها، فأحالته النيابة للمحاكمة العاجلة، قبل أن تسدد أسرته الكفالة في اليوم التالي، ويُخلى سبيله، ويحاكم على ذمة القضية، حيث صدر الحكم المتقدم، الذي تم تأييده بدرجة الاستئناف.

ورأى خبراء قانون أن الحكم يحول بين "جنينة" والانضمام لنقابة المحامين، التي تقدم إليها سابقا بطلب، حتى يحصل على البراءة، مؤكدين أنه حكم نهائي يمنعه أيضا من مباشرة حقوقه السياسية، سواء في الترشح أو الانتخاب، باعتبار أن القضاء الإداري أورد "نشر أخبار كاذبة" ضمن التهم الماسة بالشرف والاعتبار.

جنينة: "حكم مُسيَّس وسأطعن عليه"

وفي حواره مع صحيفة "أخبار اليوم"، الخميس، كشف "جنينة" أنه سيطعن على الحكم؛ "لأن به قصور شديد، وإخلال جسيم بحق الدفاع وإجراءات المحاكمة"، مشيرا إلى أن الحكم لم يستجب للطلبات التي تم إبداؤها من جانبه.

وشدَّد أن المحكمة نظرت القضية في أسرع وقت، وأنه تم توظيف الحكم لصالح القرار المطعون عليه بمجلس الدولة، وهو قرار عزله من منصبه، حتى يكون هناك سند لقرار عزله، وهو حكم إدانته، على حد قوله.

وتابع قائلا: "الحمد لله على الحكم.. لكن أتمنى ألا يُساء للقضاء أكثر من ذلك".

وفي حواره مع صحيفة "التحرير"، دافع "جنينة" عن نفسه، فقال: "أنا مؤمن تماما بكل ما قدمه الجهاز (المركزي للمحاسبات) عندما كنت رئيسا له، سواء من بيانات أو معلومات صادرة عنه، وكانت استنادا لتقارير رسمية موثقة".

وتابع: "الدراسة التي قدمتها لم تكن من الهواء، لكن منبعها الأصيل الذي استمدت منه الأرقام والبيانات كان من تقارير الجهاز، التي سبق اعتمادها من الجهات محل الفحص، ولا تقبل التشكيك فيها"، مشيرا إلى أن الحكم، مهما كانت صورته، فإن الصبغة السياسية تقف وراء الدافع منه، على حد قوله.

وأكد جنينة أنه ليس ضد أحد، ولم يكن يوما ضد النظام الحالي أو السابق، ولا يعمل لحساب أنظمة بعينها، لكنه يعمل لحساب البلد، مستدركا: "كنت أمينا في أثناء وجودي بموقعي، وإذا كان النظام يعتبر أن لديه رجاله، فأنا لست من ضمن رجاله، وكل ما يمكنني الحديث عنه أنني أعمل في دولة مؤسسات".

وكان جنينة صرح لصحيفة "البداية" أيضا، قبل صدور الحكم بساعات، بأن قضية اتهامه بنشر أخبار كاذبة عن حجم الفساد بمصر تم حبكها ضده منذ البداية، باتهامات ملفقة لا أساس لها من الصحة، وأن الجميع يعلم أنه لا توجد قضية من الأساس، مضيفا أنه كانت هناك رغبة للتخلص من وجوده في منصب رئاسة الجهاز، على حد قوله.

محاميه: "اكتم شهادتك على نهب وطن"

من جهته، أيَّد محامي جنينة، علي طه، ما ذهب إليه موكله من أن الحكم يلزمه الصمت ثلاث سنوات، كاشفا أنه سيتقدم بطعن أمام محكمة النقض عليه فور إيداع حيثياته.

واتهم طه المحكمة التي أصدرت الحكم بأنها منعت موكله من الحديث لأي وسيلة إعلامية لمدة ثلاث سنوات، وأنه في حالة المخالفة سيتم تنفيذ الحكم.

وأضاف أنه بعد مرور ثلاث سنوات يسقط حكم حبس جنينة، بشرط ألا يوجه له أي اتهام جديد خلال تلك الفترة بإشاعة أخبار كاذبة.

وأضاف، في تدوينة عبر موقع "فيسبوك": "حكمت المحكمة بتحرير الجسد مؤقتا، وحبس النفس، وكتم الشهادة لمدة ثلاث سنوات.. فعليك يا هشام جنينة أن تلتزم الصمت، وأن تكتم شهادتك على نهب وطن، وسرقة مقدرات أمة، ونسوا أن الكلمة كالنفس".

وتابع: "إذا حبسوها نموت، وإن شهادة الحق أمر من الله، وإننا نرفض هذا الموت، وسنطعن على هذا الحكم بالنقض، حيث غابت عنا ضمانات المحاكمة العادلة، ولم تستجب المحكمة لأي طلبات أبداها الدفاع".

وأضاف: "سينتصر قضاء النقض للقانون، كما سينتصر القضاء الإداري لسيادة القانون والدستور ضد تعسف السلطة التنفيذية، وتغولها على القانون والدستور الذي هو إرادة شعب، حينما فصلت قانونا وأخذت بموجبه قرارا بالإعفاء لجنينة، معتدية على استقلال أعلى جهاز رقابي بمصر ليصبح خارج الخدمة"، بحسب قوله.

تضامن من مؤيدي الانقلاب ومناهضيه

إلى ذلك، أثار الحكم تعاطفا شعبيا واسعا مع جنينة، وانتقادات واسعة من حقوقيين ونشطاء، وشخصيات عامة، سواء في صفوف معسكر مؤيدي الانقلاب، أو مناهضين له.

وبالنسبة للأولين، كتب المرشَّح الرئاسي السابق، حمدين صباحي، بموقع "تويتر": "متضامن مع هشام جنينة المصري الأصيل النبيل الأمين".

وعلقت حركة شباب 6 إبريل في تغريدة: "نظام الفساد يحمي الفساد".

وقال مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، جمال عيد: "لواء خرج قال أعطيك الإيدز في صباع
كفتة"، مضيفا: "متحبسش، هللوا لكذبه".

وقال عضو مجلس نواب ما بعد الانقلاب، هيثم الحريري، عبر "تويتر": "حكم بالسجن لمن فضح الفساد، وصمتنا عن الفساد، واكتفينا بمحاكمة بعض الفاسدين، وتصالحنا مع من سرقوا أموال الشعب". 

وقال أستاذ الجيولوجيا بجامعة حلوان، يحيى القزاز، عبر "فيسبوك": "مصر تعيش أزهى عصور الفساد.. تأييد حبس المستشار الجليل النزيه النظيف هشام جنينة؛ بتهمة محاربته للفساد، ومحاولة نشر وإشاعة ثقافة الشفافية والنزاهة، ومحاربة اللصوصية واللصوصين".

وبالنسبة لمناهضي الانقلاب، قال الإعلامي أحمد منصور، عبر "تويتر": "القضاء الفاسد في مصر يؤيد الحكم على المستشار هشام جنينة بتهمة نشر أخبار كاذبة عن الفساد في مصر، التي تعتبر واحدة من أكثر الدول فسادا في العالم".

وقال مستشار وزير الأوقاف السابق، محمد الصغير، في تغريدة: "هشام جنينة رئيس أكبر جهاز رقابي في مصر حكم عليه قضاء السيسي بسنة سجن مع الإيقاف، ليضمنوا سكوته، بعدما فضح الفساد الذي استشرى في دولة العساكر".

وأخيرا، قال رئيس حزب "مصر القوية"، عبد المنعم أبو الفتوح، على "تويتر": "بعد عزل المستشار هشام جنينة فخر القضاء المصري، وفصل ابنته من عملها، ومصادرة حقه في الحديث للشعب، والحكم عليه.. بأي وجه يقول النظام إنه ضد الفساد؟"، بحسب تساؤله.
التعليقات (0)