كتاب عربي 21

في ظل تعاظم السجالات المذهبية في المنطقة: هل يمكن إعادة تصويب الصراع؟

قاسم قصير
1300x600
1300x600
ازدادت في الايام القليلة الماضية حدة السجالات المذهبية في المنطقة على ضوء التطورات الاخيرة في مدينة حلب ومناطق اخرى في سوريا والعراق واليمن والبحرين، وادى انتشار بعض اللقطات المصورة والتصريحات المذهبية وحرق بعض الباصات او الاعتداء على باصات اخرى كانت تخرج محاصرين في حلب او مناطق سورية اخرى، الى تكريس خطاب مذهبي حاد وكأن المنطقة تخوض حربا سنية – شيعية لا عودة عنها وكأننا دخلنا في اتون حارق ينتشر في كل دول المنطقة، ما يحقق التوقعات الغربية التي تحدثت عن حرب المئة عام بين السنة والشيعة والتي لن تنتهي الا بقضاء طرف على الاخر.

فما مدى صحة اعطاء الطابع المذهبي لكل ما يجري في المنطقة؟ وهل نحن امام حرب مذهبية طاحنة ستمتد لسنوات طويلة قد تؤدي لمقتل ملايين البشر وتدمر ما بقي من دول ومدن عربية واسلامية؟ ام ان هناك ابعادا اخرى للصراعات القائمة وعلينا اعادة تصويب ما يجري ووضعه في الاطار السياسي والجيوسياسي بين دول المنطقة او بعض القوى الاقليمية والدولية؟

قد يكون من غير الصحيح او غير المنطقي نفي وجود ابعاد وجذور مذهبية لبعض الصراعات الحاصلة في المنطقة، خصوصا في ظل التعبئة المذهبية المنتشرة وفي ظل استخدام بعض الشعارات والمصطلحات المذهبية وكذلك لتداخل بعض الابعاد المذهبية مع الابعاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية في صراعات معينة.

لكن مع صحة وجود بعد مذهبي في بعض الصراعات، فان اعتبار كل ما يجري من صراعات هو صراع مذهبي او طائفي غير صحيح، والدليل البسيط والواضح على ذلك ان هناك دولا في المنطقة تشهد صراعات وازمات كبرى منذ عدة سنوات، وليس لهذه الازمات علاقة بما يجري بالبعد المذهبي السني – الشيعي، فالصراع في الصومال او في ليبيا او ما يجري في مصر وتونس او ماجرى في مالي وسابقا في الجزائر ليس صراعا سنيا – شيعيا بل له ابعاد اخرى دون الدخول في التفاصيل.

وفي لبنان ورغم الخلافات السياسية فاننا نشهد تعاونا بين جميع الاطراف لادارة شؤون البلد والحفاظ على استقراره في ظل تنوع طائفي ومذهبي.

واما الصراع في سوريا واليمن واليحرين والعراق، فان البعد المذهبي حاضر في الكثير من المحطات، لكن في الوقت نفسه فان اعتبار ما يجري صراعا مذهبيا فقط غير صحيح، لان هناك عوامل اقليمية ودولية وعناصر اقتصادية وسياسية وجيو سياسية دخلت في هذه الصراعات وليس لها علاقة بالبعد المذهبي، فما هو دور روسيا بالصراع المذهبي؟ ولماذا هناك تعاون روسي – ايراني – تركي لمعالجة الازمة السورية رغم الخلافات السياسية بينهم ورغم ان تركيا تعتبر دولة سنية وايران تعتبر دولة شيعية؟ وماهي علاقة التحالفات الدولية سواء ضد داعش او من اجل سوريا بالصراعات المذهبية؟ وماهو دور الصراع حول مستقبل الغاز والنفط بما يجري من صراعات؟

وهل لو ان الرئيس السوري لم يكن اسمه بشار الاسد وكان اسمه محمد رستم او جورج مسعد لتخلت ايران وحزب الله وروسيا عن دعمه؟ وهل الموضوع يتعلق بطائفة او مذهب الرئيس او بالعلاقة الاستراتيجية والتحالف العسكري والسياسي الذي يربط بين هذه الاطراف؟

وما هو سبب تغير مواقف بعض الاطراف الدولية والاقليمية من الوضع في العراق او سوريا؟ فهل المشكلة فقط مذهبية ام إن هناك مخاطر اخرى لها علاقة بمصالح الدول وحساباتها؟

وهل الصراع في اليمن بدأ فقط مع تدخل ايران ام ان لهذا الصراع جذورا سياسية وتاريخية منذ عشرات السنين؟ وهل ازمة البحرين بدأت منذ سنوات قليلة ام إنها مرتبطة بصراع طويل حول الحكم الملكي والدساتير التي اقرت؟

انا لا انفي بروز ابعاد مذهبية لبعض الصراعات واستغلال بعض الشعارات المذهبية لتأجيج الصراع، لكن في المقابل لماذا لا نعيد تحديد طبيعة الصراع بالابعاد السياسية والجيوسياسية وحتى الانسانية والاجتماعية والاقتصادية، ومن خلال ذلك نعيد تحديد مواقفنا وادورانا من هذه الصراعات ونساهم في معالجتها والوصول الى حلول سياسية لها بدلا من العمل لتأجيجها واضفاء ابعاد دينية ومذهبية عليها؟
2
التعليقات (2)
علان بلال
الخميس، 29-12-2016 02:17 ص
جزاك الله خيرا على هذه القرائه الصائبه لهذه الحرب العبثيه التي ستأكل الأخضر واليابس ولا منتصر بها فالشيعة ليسوا ورثة سيدنا الحسين ولا السنة احفاد يزيد، وهل مطلوب من هذا الجيل ان يحل خلافا مذهبيا منذ اكثر من 1400 عام أكرر شكري لك
مُواكب
الأربعاء، 21-12-2016 04:03 م
الانتصار النصيري الشيعي في حلب، على مَنْ؟ والنصر هذا تم بأيدي مَن؟ لن يجرؤ أي كاتب شيعي هضم في ضميره كل ما رآه وشهد عليه خلال أعوام الثورة السورية، على الدخول في تفاصيل الأحداث، ولن يستطيع أن ينطق بقول سديدا. وهكذا تنحسر أدبيات الشيعة السياسية إلى عاميات لا يفقهون معناها إلاّ هم وحدهم.