صحافة دولية

سلايت: لماذا لا يقاتل النظام السوري تنظيم الدولة؟

استولى التنظيم على أسلحة ثقيلة ومدافع بعد السيطرة على تدمر
استولى التنظيم على أسلحة ثقيلة ومدافع بعد السيطرة على تدمر
نشرت صحيفة "سلايت" الناطقة باللغة الفرنسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن العلاقة بين النظام السوري وتنظيم الدولة، متسائلة عن الأسباب التي تجعل النظام يغض الطرف عن هذا التنظيم ولا يدخل في مواجهات معه.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه في اللحظات الأخيرة التي يستعد فيها بشار الأسد للإعلان عن "النصر" النهائي في حلب، سمحت قوات النظام السوري لمقاتلي تنظيم الدولة بالسيطرة مرة أخرى على مدينة تدمر التاريخية، بعد أن سيطرت عليها قبل تسعة أشهر. وبالتالي، فإن السؤال الذي يطرح هو هل أن ما يقوم به النظام السوري استراتيجية مدروسة ومتعمدة؟

وأشارت الصحيفة إلى أن الصحفي روي غوتمان؛ حاول من خلال سلسلة من التقارير التي تستند إلى شهادات حية، نشرها في صحيفة "دايلي بيست" الأمريكية، إثبات أن النظام السوري يستخدم تنظيم الدولة لمصلحته. ففي الجزء الأول من تقاريره، أشار الصحفي إلى حقيقة أن النظام السوري، سمح خلال الفترة الفاصلة بين سنة 2003 و2010، بمرور المتطرفين من العراق إلى الحدود السورية.

أما في الجزء الثاني، فقد أشار غوتمان إلى أن العديد من الهجمات التي نسبت إلى تنظيم القاعدة خطط لها النظام السوري مسبقا. أما في الجزء الأخير من تقاريره، فتحدث عن سماح النظام السوري بتوسع تنظيم الدولة داخل الأراضي السورية، وذلك من خلال إطلاق سراح "الإرهابيين" الأكثر خطورة من السجن، ثم تجنب مواجهتهم عسكريا.

وأضافت الصحيفة أن إطلاق سراح بعض السجناء في سنة 2011، كانت له نتائج وخيمة، حيث إن النظام استجاب لمطالب إطلاق سراح السجناء السياسيين، إثر الاحتجاجات الأولى، على طريقته، ووظفها فقط لمصلحته.

وتجدر الإشارة إلى أنه في صيف سنة2011، أصدر النظام مرسوم العفو السياسي، الذي يقضي بإطلاق سراح المئات من المعتقلين في سجن صيدنايا العسكري، الذي يضم العديد من الوجوه "المتطرفة"، حيث أصبح العديد منهم في وقت لاحق، شخصيات بارزة بين صفوف تنظيم الدولة، وجبهة النصرة، وغيرها من الجماعات الأخرى.

ومن بين هذه الأسماء؛ القيادي في تنظيم الدولة، عمرو العبسي "أبو أثير"، الذي أصبح مشرفا على كل من محمد إموازي وعبد الحميد أبا عود ونجم العشراوي (والأخيران هما منفذا هجمات أوروبا). كما أطلق النظام سراح أبي خالد السوري، المقرب من بن لادن والذي شارك لاحقا في تأسيس جماعة أحرار الشام، فضلا عن زهران علوش، مؤسس جيش الإسلام.

وبينت الصحيفة أن الأسد اعتمد ورقة إطلاق سراح "المتطرفين"، من أجل نشر التشدد والتطرف في صفوف المعارضة وتشويه سمعتها أمام المجتمع الدولي، ثم تبرير القمع ضدها.

وفضلا عن ذلك، اعتاد النظام السوري على استغلال الجهاديين من أجل تقويض استقرار خصومه، وهي استراتيجية استعملها في العراق ولبنان، وهو ما يؤكده أيضا سجناء سابقون وآخرون منشقون عن النظام.

وفي التساؤل حول عدم وضع النظام السوري استراتيجية محاربة تنظيم الدولة ضمن أولوياته، قالت الصحيفة إنه في بداية الثورة السورية اقتصرت المناوشات بين النظام وجبهة النصرة على الفترة الأولى فقط. كما أن المواجهات بينه وبين تنظيم الدولة وقعت في وقت متأخر، في صيف سنة 2014.

ومن جهة أخرى، فإن النظام السوري يستفيد من الاشتباكات بين تنظيم الدولة وجبهة النصرة والمعارضة السورية، فهو يترك أعداءه يتناحرون فيما بينهم.

وأوردت الصحيفة أنه في بعض الحالات؛ يتخلى النظام عن مواقعه لصالح تنظيم الدولة، ويتجنب مواجهته، مثلما حدث في نهاية الأسبوع الماضي في تدمر. وإن دلت هذه الخطوة على أمر ما، فهي تدل على أن النظام قد ترك، طوعا، تنظيم الدولة يتوسع في أراضيه. وفي واقع الأمر، يمكن الحديث في هذه الحالة عن نقص في الموارد وفي الاستراتيجية العسكرية.

كما أكدت الصحيفة أن الخيارات السياسية والعسكرية للأسد، متوافقتان تماما. فعلى الرغم من إعلان الأسد أنه يواجه في حربه الجماعات المتطرفة، إلا أنه على أرض الواقع لا يركز، مع حلفائه، على تنظيم الدولة، بل يستهدفون بقصفهم المناطق المكتظة بالسكان، والأسواق، والمستشفيات، والمدارس، والمواقع التابعة للمعارضة السورية.

وأشارت الصحيفة إلى أن أولوية الأسد تتمثل في محاربة المعارضة، وليس محاربة تنظيم الدولة، مما أدى إلى تعزيز موقع الجماعات "المتطرفة" في المعارضة، مثل جبهة فتح الشام، الأمر الذي سهل انضمام العديد من السكان اليائسين إلى صفوف هذه الجماعات.

وفي الختام، اعتبرت الصحيفة أنه بهذه الطريقة، لن يبقى أمام الأسد سوى "الإرهابيين" من جهة، والمعارضة التي يهيمن على عناصرها "المتطرفون"، من جهة أخرى. وفي هذه الحالة، تصبح ادعاءات الأسد المتعلقة بحربه ضد الإرهاب والتطرف حقيقة لا خيالا.
التعليقات (0)