حقوق وحريات

مسؤولون بنظام بن علي متّهمون بقتل طالب نهضوي تعذيبا (فيديو)

طالبت عائلة الضحية فيصل بركات بالمحاسبة وتنفيذ القانون
طالبت عائلة الضحية فيصل بركات بالمحاسبة وتنفيذ القانون
أحالت محكمة الاستئناف في محافظة نابل التونسية 21 شخصا للمحاكمة؛ بتهمة تعذيب طالب نهضوي حتّى الموت، بعد حجزه بمقر فرقة للأبحاث والتفتيش للحرس الوطني في المحافظة عام 1991، حيث ألقيت جثته بالطريق العام؛ للإيهام بتعرّضه لحادث سير.

وقال جمال بركات، شقيق الضحية فيصل بركات، إن قرار دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بنابل يشمل وزراء ومستشارين برئاسة الجمهورية في نظام بن علي، إضافة إلى عدد من الأمنيين، ممن قاموا بأعمال العنف والتعذيب.

ووصف بركات قرار المحكمة بأنّه "رائد ومتطور في القضاء التونسي؛ لإدانته لأول مرة في هذه القضية متهمين بتهمة التعذيب الناتج عنه الموت".

في هرم السلطة

ولفت في تصريح لوكالة أنباء إفريقيا الرسمية، السبت، إلى أن القرار يقضي بقبول قرار قاضي التحقيق وإحالة الملف إلى المحاكمة بإدانة 11 متهما كفاعل أصلي، واتهام 10 آخرين بالمشاركة في أعمال العنف والتعذيب.

لكنّه قال إنّ عائلته ستطعن، الاثنين، في القرار الصادر عن المحكمة؛ "لتورط أطراف أخرى في القضية"، وفق تعبيره، مؤكّدا "أن هذه الأطراف تشغل اليوم مراكز حساسة في الدولة، ومن بينها من هو في هرم السلطة"، وفق تعبيره.

وكانت والدة فيصل بركات وشقيقه جمال كشفا في جلسة الاستماع العلنية لهيئة الحقيقة والكرامة في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي عن تفاصيل اعتقاله وتعرّضه للتعذيب قبل وفاته، حيث كان الضحية طالبا بكلية العلوم بتونس، ونشط في الاتحاد العام التونسي للطلبة، كما تمت محاكمته سنة 1987؛ بتهمة الانتماء لجمعية غير مرخص لها (حركة النهضة).

شتى أنواع التعذيب

ووفق ما جاء في شهادة العائلة بموقع هيئة الحقيقة والكرامة، فإنّ فيصل لاحقته الأجهزة الأمنية في بداية سنة 1991، بعد ظهوره في برنامج تلفزيوني (المنظار) حول أحداث طلابية شهدتها الجامعة التونسية في تلك الفترة.

وتمّ اعتقال فيصل يوم بتاريخ 8 تشرين الأوّل/ أكتوبر 1991 من قبل أعوان الفرقة المركزية الأولى للأبحاث والتفتيش بالعوينة وأعوان فرقة للأبحاث والتفتيش التابعة للحرس الوطني بنابل، وتم اقتياده إلى مقر هذه الأخيرة.

وتقول عائلته إنّه "تعرّض لشتى أنواع التعذيب، منها وضعه في شكل الدجاجة المصلية، وتولى الأعوان المتواجدون في المكتب ضربه بالهراوات على كافة أنحاء جسمه، وتم إدخال عديد المرات عصا بشرجه، وربط ذكره بخيط صنارة بشدة، وذلك طيلة 6 ساعات، إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة على مرأى ومسمع العديد من الموقوفين".

 4 ساعات تعذيب

وقال جمال، شقيق الضحية، إنّه كان موقوفا لحظة جلب شقيقه إلى مقر فرقة الحرس، حيث وضع الأعوان ستارا لحجب الرؤية عنه وعن عدد من المعتقلين، "لكنه رأى شقيقه فيصل وهم يقتادونه إلى مكتب رئيس الفرقة وعليه آثار الاعتداء".

وقال إنّه كان "يستمع لصياح واستغاثة فيصل أثناء تعذيبه في ذلك المكتب لمدة 4 ساعات، مرددا (اللهم إني مظلوم فانتصر)، وكان يكرر (ما عملت شيء)، ويقول (يا رب يا رب).. وكان الأعوان المتواجدون في المركز يروحون جيئة وذهابا على المكتب؛ للمشاركة في تعذيبه".

وبحسب ما جاء في أوراق القضية، فإنّ عددا من الشهود الذين حضروا حادثة مقتل فيصل بركات صرّحوا بأنهم تعرضوا للتهديد بالسجن من جديد أو القتل في حال تقديمهم لشهادتهم لدى حاكم التحقيق.

المحاسبة وتنفيذ القانون

وكان رئيس لجنة التحكيم والمصالحة في هيئة الحقيقة والكرامة، خالد الكريشي، قال في تصريح سابق لـ"عربي21" إن الهيئة ستحيل الملفات التي لا تفضي إلى مصالحة بين الضحية أو من يمثله وبين الجلادين إلى الدوائر القضائية المختصة؛ لتتبع الجناة والتعويض للضحايا ماديا ومعنويا.

وفيما أشار الكريشي إلى أنّ الصلح يخضع لشروط -منها الإقرار والاعتراف، وجبر الضرر للضحية، وطلب الاعتذار الصريح منه، وموافقة لجنة التحكيم- طالب جمال بركات باسم عائلته، خلال إدلائه بشهادته في جلسة الاستماع العلنية، بالمحاسبة وتنفيذ القانون.

وذكّر العضو في لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، عبد الوهّاب الهاني، بموقف الأخيرة سنة 1999، حين "شككت في مصداقية تقارير التشريح الطبي الرسمية، التي استخدمتها السلطات للتغطية على الجريمة، والإيحاء بحادث مرور وهمي".

وقال في منشور له في "فيسبوك" إن لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب أوصت الحكومة التونسية آنذاك بضرورة استخراج الجثة وتشريحها بحضور خبراء دوليين مستقلين؛ لتحديد أسباب الوفاة، ليتّضح أن الضحية ماتت تحت التعذيب.


التعليقات (0)