كتاب عربي 21

الغنوشي ومؤتمر الإصلاح الديني.. أفكار واقتراحات لحوار مستمر

قاسم قصير
1300x600
1300x600
شارك رئيس حركة النهضة التونسية الشيخ راشد الغنوشي في مؤتمر إصلاح المجال الديني الذي انعقد في مدينة الحمامات التونسية ما بين 27 و29 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي بدعوة من مركز دراسات الوحدة العربية والمعهد السويدي في الإسكندرية، وإلى جانب الغنوشي حضر الدكتور محمد سليم العوا والأستاذ فهمي هويدي والدكتور عبد الإله بلقزيز والدكتور زياد الحافظ وعدد كبير من الشخصيات الفكرية والدينية والإعلامية من العالم العربي.

وقدم الشيخ الغنوشي في جلسة الافتتاح مجموعة من الأفكار المحددة من أجل البحث والحوار حول الإصلاح الديني، ومما قاله: "لا بد من العودة إلى أعمال التأويل في فهم النص الديني كمدخل للتجديد الحضاري والديني، وإلى فصل المجال السياسي عن المجال الديني والتمايز بينهما دون أن يؤدي ذلك إلى التناقض أو الصدام بينهما".

وأكد أن هذا هو الخيار الذي اتخذته حركة النهضة في مؤتمرها العام الأخير، كما أكد أهمية البحث في العلاقة بين الدين والدولة والمجتمع نظرا لأهمية العامل الديني في الحياة وعدم إمكانية تجاهل هذا العامل رغم كل التغيرات التي حصلت في العالم.

واعتبر الغنوشي أن الدين الإسلامي كان مدخلا أساسيا لقيام الحضارة الإسلامية، وعندما ترهّلت لجأ العلماء والمفكرون إلى التأويل كآلية لإعادة فهم النص الديني وجعله عنصرا للتطوير بدل أن يكون سببا للتخلف والإساءة للإسلام، ونحن اليوم نعيش صحوة إسلامية يعتبرها البعض سببا للنهوض فيما يجعله الآخرون سببا للدمار.

وأكد أن الدين والديمقراطية لا يتناقضان وأن المطلوب إعادة التمايز أو الفصل بين المجال السياسي والمجال الديني لأن لكل منهما اختصاصه ونحن بحاجة للتأويل والتجديد والتخصص.

هذه الأفكار إضافة إلى سلسلة المناقشات والأفكار التي قدمت من قبل المشاركين في المؤتمر حول أهمية الإصلاح الديني والعقبات التي تواجهه وكيفية العمل لتحقيق هذا الإصلاح، يمكن أن تكون مدخلا صحيحا من أجل البحث في كيفية إصلاح المجال الديني ومن أين ينبغي أن نبدأ.

فقد بدا واضحا إن هناك وجهتي نظر حول عملية إصلاح المجال الديني، الأولى تدعو إلى العمل من داخل النص الديني ومن خلال إجراء مراجعة كاملة للتراث الديني وإجراء قراءة نقدية للتجارب الدينية عامة والإسلامية خاصة، مع الاستفادة من التجربة المسيحية في الإصلاح الديني.

وأما وجهة النظر الأخرى فتعتبر أن عملية الإصلاح الديني لا يمكن أن تتم إلا من خلال إصلاح المجال العام وإقامة الدولة العادلة وتوفير حقوق الإنسان والحريات وإجراء مراجعة نقدية لكل التجارب العربية والإسلامية بشأن قيام الدولة الوطنية والأزمات التي يواجهها الواقع العربي والإسلامي اليوم.

ومن المهم الإشارة إلى أن الأبحاث التي قدمت والحوارات التي تمت خلال جلسات العمل اتسمت بالعمق والجرأة وإن كانت برزت بعض الحدة في بعض الآراء، لكن ما قدم من آراء وأفكار والتي سيعمد مركز دراسات الوحدة العربية إلى إصدارها في كتاب خاص، يمكن أن تشكل خلفية أولية لإعادة الحوار والنقاش في عملية إصلاح المجال الديني في هذه المرحلة.

هذا المؤتمر وما دار فيه، وفي غيره من المؤتمرات والورش والندوات واللقاءات الحوارية التي تعقد في أكثر من عاصمة عربية وإسلامية ودولية، يؤكد الحاجة الماسة لإجراء حوار موسع بين النخب العربية والإسلامية، إضافة لقيادات الحركات الإسلامية والمرجعيات الدينية من أجل وضع خارطة طريق لكيفية العودة لخيار الإصلاح الديني والسياسي من كافة جوانبه، ولا بد أن يحمل هذا المشروع قوى وشخصيات فاعلة في المجتمع كما يجري الآن في تونس من خلال تجربة حركة النهضة وبالتعاون مع بقية القوى السياسية والحزبية والفكرية وبذلك تتحول الدعوة لإصلاح المجال الديني من مجرد أفكار واقتراحات تقبع في الكتب وقاعات الفنادق إلى عملية سياسية واجتماعية وفكرية ودينية متكاملة.
التعليقات (1)
علان بلال
الخميس، 29-12-2016 02:35 ص
هل اصبح ما يقوله الغنوشي وما وصل اليه من اجتهاد هو القدوه والطريق الصحيح؟! وهل وصل بِنَا حب السلطة والجاه لدرجة ان ننادي بفصل الدين عن السياسه لم تكن الحركة الاسلا ميه تتحكم مثل الكنيسه لنسير على دربهم، أين ذهب كلام الرسول (صلى الله عليه وسلم) والله لو وضعوا الشمس في يميني.....الخ، واين ذهب كلام الله قتل اصحاب الأخدود......... حسبي الله ونعم الوكيل