ملفات وتقارير

ألغام تنظيم الدولة تجعل الحياة بريف حلب "مهمة انتحارية"

غالبية ألغام تنظيم الدولة مخصصة للأفراد -  أرشيفية
غالبية ألغام تنظيم الدولة مخصصة للأفراد - أرشيفية
بالرغم من توقه الشديد لبيته وقريته، يفضل محمود الموسى (36 عاما) مواصلة حياته في مخيم للنازحين في مدينة كيليس التركية؛ على العودة إلى قريته "تلالين" في شمال حلب، وذلك بسبب كثرة الألغام التي خلفها تنظيم الدولة في القرية المذكورة، قبيل طرده منها من قبل فصائل "درع الفرات".

يؤكد محمود لـ"عربي21" أن التنظيم عمد إلى تلغيم البيوت والمرافق والمحلات والشوارع والحقول قبيل انسحابه عن المدينة، لمنع قوات المعارضة من الدخول إليها، مبينا أن الحياة هناك أشبه بمهمة "انتحارية"، وأن كل الأهالي الذين عادوا إلى القرية، على قلة عددهم، "يعيشون مع هاجس الموت الذي يتربص بهم في كل لحظة"، كما يقول.

ويضيف محمود: "لقد تعرض حوالي 50 منزلاً في القرية للدمار الكامل، أما بقية المنازل فهي غير صالحة للسكن، بسبب الألغام المزروعة فيها".

وتصنف مصادر محلية أكثر من 30 قرية وبلدة في الريف الشمالي لحلب؛ على أنها مناطق "موبوءة بالألغام"، وذلك بسبب وقوعها على خط الاشتباك السابق بين تنظيم الدولة والجيش الحر، من أهم هذه المناطق: تلالين وتل مالد وكفرة وتركمان بارح وجارز ويحمول.

ومنذ طرد التنظيم عن ريف حلب الشمالي خلال الشهرين الماضيين، أودت الألغام بحياة العشرات من المدنيين والعسكريين على حد سواء، كان آخرهم هاني نعمة (37 عاما)، الذي لقي مصرعه في 27 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري في محيط مدينة مارع، إثر تعرضه لانفجار لغم من مخلفات التنظيم في حقل زراعي.

ودفع هذا الوضع السكان المحليين إلى مطالبة فصائل الجيش الحر بمنع عودة الأهالي إلى القرى والبلدات "المحررة" حديثا، قبل التأكد من تنظيفها من الألغام ومخلفات الحرب.

وفي هذا السياق، قال شادي عيد، وهو ناشط سوري من قرية تلالين المحاذية لمدينة مارع: "في كل يوم نسمع بتفاصيل حادثة موت جديدة، وغالبية القتلى هم من المدنيين الذين يدفع بهم شتاء يطرق الأبواب إلى العودة إلى منازلهم، رغم كل الأخطار المحدقة بهم".

وأضاف عيد في حديث لـ"عربي21": "يجب العمل وبشكل جدي على تنظيف قرى وبلدات الريف الشمالي من الألغام، لأنه يكفي ما فقد هذا الريف المنكوب من شهداء".

ومع تصاعد الأصوات الغاضبة والمنادية بوجوب تنظيف المنطقة من الألغام، أبدى نشطاء تذمرهم من عدم تزويد الجانب التركي الجيش الحر بمعدات لتفكيكها.

 من جانبه، أكد ديبو مطر، وهو قائد كتيبة للهندسة تعمل في مجال نزع الألغام، أن تنظيف الريف الشمالي من الألغام قد يكون مستحيلا، دون توفر كاسحات ألغام متطورة.

وعن أنواع الألغام المزروعة، قال مطر لـ"عربي21": "الألغام المتطورة المضادة للأفراد التي برع التنظيم في صنعها هي أكثر أنواع الألغام انتشاراً، ولكونها ألغاما غير تقليدية فإن درجة الخطورة عند التعامل معها مرتفعة جداً".

وأوضح مطر أن "الوسائل والتقنيات التي يصنع بها التنظيم الألغام لا حصر لها، وفي كل يوم جديد نرى وسائل جديدة، منها الحديث ومنها المبتكر بطريقة غير مسبوقة"، لافتا إلى أنه خلال عمله في نزع الألغام منذ بداية معارك درع الفرات في آب/ أغسطس الماضي؛ فقد زوج ابنته وآخر قريبا له.
التعليقات (0)