صحافة دولية

قصة مأساوية.. تحرش مواقع التواصل يدفع مراهقا للانتحار

التايمز: أثارت حادثة انتحار فيلكس الانتباه حول مشكلة التحرش بين الأطفال والأحداث- أرشيفية
التايمز: أثارت حادثة انتحار فيلكس الانتباه حول مشكلة التحرش بين الأطفال والأحداث- أرشيفية
نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا للصحافية فريحة كريم، تتحدث فيه عن مشكلات التحرش في المدارس، خاصة بين الأطفال.

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى رسالة مفتوحة كتبتها أم، ووصفت فيها الظروف التي تعرض لها ابنها، ودفعته نحو الانتحار، وذلك بعد حملة مضايقة تعرض لها من "بلطجية" على مواقع التواصل الاجتماعي لم يعرفهم من قبل، ولم يقابلهم أبدا.

وتذكر الكاتبة أن لوسي ألكسندر (51 عاما)، دعت الآباء والمدرسين إلى بذل الجهود لمواجهة البلطجة والتحرش، بعدما انتحر ابنها فيلكس (17 عاما)، حيث رمى نفسه أمام قطار في بلدة ورشستر، في نيسان/ أبريل.

وتلفت الصحيفة إلى أن لجنة التحقيق علمت أن فيلكس تعرض للتحرش عندما كان في سن العاشرة، ووصفه زملاؤه في "كينغز سكول" وورشستر بالضعيف أو الجبان، وأطلقوا عليه ألقاب مشينة، وذلك بعدما كشف عن أن والديه منعاه من لعب لعبة على الحاسوب، تحمل اسم "كول أوف ديوتي: مودرن وورفير2" (نداء الواجب: الحرب الحديثة2)، التي لا يسمح لمن هم دون الثامنة عشر عاما بلعبها، مشيرة إلى أنه بعد سنوات من التحرش في ملعب المدرسة، وعلى موقع إنترنت "أسك أف أم"، الذي ارتبط بانتحار سبعة أحداث، قرر فيلكس التخلص من حياته. 

ويفيد التقرير بأن انتحار فيلكس جاء رغم انتقاله من المدرسة الخاصة، التي كانت تكلف عائلته 13 ألف جنيه سنويا، التي درس فيها المذيع التلفزيوني المعروف كريس تارانت، إلى مدرسة بيرشور الثانوية الحكومية، إلا أن التحرش استمر.

وتنوه كريم إلى أن التحقيق في ظروف وفاة فيلكس توصل في تموز/ يوليو، إلى أنه انتحر، وقالت والدته إن منع ابنها من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي زاد عزلته وكآبته، وأضافت ألكسندر، التي تعمل ممرضة في مجال الصحة الجنسية، أن أشخاصا لم يتعرف عليهم من قبل كانوا يتحرشون به، وهو ما أدى إلى فقدانه الثقة بالنفس والرغبة في العمل، وقالت: "أصبح وضع فيلكس مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي لا يطاق".

وتبين الصحيفة أن لفيلكس شقيقة اسمها شارلوت (22 عاما)، وشقيقا آخر اسمه بن (21 عاما)، حيث قالت والدتهما إن ابنها الذي قتل نفسه أقام صداقات مع تلاميذ المدرسة الجديدة ومدرسيه، إلا أن سنوات التحرش التي تعرض لها في مدرسته السابقة دمرته، وأضافت: "لم يكن قادرا على معرفة الأشخاص الحقيقيين الذين كانوا يحرصون عليه".

وتقول ألكسندر عن سبب كتابتها الرسالة، إن كل شخص لديه "مسؤولية؛ لمنع انتحار الشباب، وأناشد الاطفال بأن يكونوا لطيفين، وألا يترددوا في الإبلاغ عن حالات التحرش"، وتضيف: "أناشد الأساتذة بأن يكونوا واعين لأي إشارة عن حالات يعاني فيها الأطفال، وكلهم يملكون هواتف ذكية، ومن المهم إرشادهم حول كيفية استخدامها".

وتتابع ألكسندر قائلة: "أخيرا، أناشد الآباء، نحن لا نحب التفكير بأن أبناءنا مسؤولون عن أعمال قاسية، لكنني صدمت بالأطفال التسعة (الجيدين) الذين تسببوا بمعاناة فيلكس". 

وبحسب التقرير، فإن وفاة فيلكس كانت هي الأخيرة من بين حوادث انتحار الأطفال والأحداث، وأثارت الانتباه حول مشكلة التحرش بين الأطفال والأحداث، مشيرا إلى أن الآلاف في برادفورد شاركوا يوم الاثنين في جنازة أسد خان (11 عاما)، الذي شنق نفسه بعد التحرش به في المدرسة، بالإضافة إلى أنه تم التحرش بتوبي غيتس (12 عاما)؛ بسبب شعره الأحمر، وضرب بالسكوتر الذي كان يستخدمه، وتم وضع صور عملية الضرب والهجوم على "فيسبوك".

وتقول الكاتبة إنه مطلوب من المدارس، بحسب القانون، بأن تكون لديها سياسة واضحة وجاهزة لمنع التحرش في ساحات المدرسة، وقاعات الدرس، لافتة إلى أن الحكومة دعت المدارس إلى إبلاغ الشرطة عن أشكال معينة من التحرش، مثل العنف، والمكالمات المسيئة، والرسائل الإلكترونية والهاتفية.

وتشير الصحيفة إلى أنه يتم تقييم حالات التحرش بناء على الحوادث المبلغ عنها، مستدركة بأن هناك الكثير من الحالات التي لا تصل إلى المدرسة أو الشرطة، وتلفت إلى أن دراسة مسحية جرت قبل عامين، وسئل فيها 10 آلاف طفل، وجدت أن 6% منهم تعرضوا للتحرش بشكل يومي، وأن 7% منهم تعرضوا للتحرش بشكل مستمر.

ويكشف التقرير عن أن أكثر أنواع التحرش انتشارا هي التنابز بالألقاب، وذلك بحسب دراسة المركز الوطني للأبحاث الاجتماعية، الذي قال إن "التحرش الإلكتروني" أثر في واحد من كل عشرة أشخاص، مشيرا إلى أن معظم الحالات تتم خارج المدرسة.

وتورد كريم أن حالات "التحرش الإلكتروني" تنتشر بين البنات، حيث قالت نسبة 15% منهن إنهن تعرضن لهذا النوع من التحرش العام الماضي، مقارنة بـ7% بين الأولاد، لافتة إلى أن التحرش يعد السبب الخامس الذي تقدمه العائلات، بصفته سببا لغياب الأطفال عن المدرسة في عام 2012، وأثر في 16500 طفل، تتراوح أعمارهم ما بين 11 و15 عاما.

وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن معظم الأطفال يعتقدون أن التحرش بأنواعه كلها سيتوقف إن تم الإبلاغ عنه للكبار في المدرسة، بحسب تقرير لمكتب المعايير التعليمية "أوفستيد"، مستدركة بأن المدرسين لم يتلقوا تدريبا كافيا حول التعامل مع حالات التحرش.
التعليقات (0)