سياسة عربية

لقاء "السيسي-البشير".. هروب للاقتصاد من النهضة وحلايب

عمر البشير وعبدالفتاح السيسي ـ أ ف ب
عمر البشير وعبدالفتاح السيسي ـ أ ف ب
تغيب قضيتا سد النهضة الإثيوبي، ومنطقة "حلايب وشلاتين" الحدودية، عن جلسة المباحثات التي تجمع، الأربعاء، بين الرئيسين المصري والسوداني، عبدالفتاح السيسي وعمر البشير، في القاهرة، التي يزورها الأخير، كأول زيارة رسمية له، في ما بدا أنه رغبة مشتركة من الجانبين، في البحث عن نجاح اقتصادي وإعلامي، بعيدا عن تجديد الخلاف حول ملفات عالقة تتباين فيها وجهات نظريهما.

ويرأس السيسي والبشير، لأول مرة، الأربعاء، أعمال اللجنة العليا المصرية-السودانية المشتركة، ويشهدان مراسم التوقيع على 13 اتفاقية اقتصادية، وأمنية، بين البلدين، بعدما كانت اللجنة تعقد برئاسة النائب الأول لرئيس الوزراء فيهما، طيلة السنوات الماضية.

وفيما أتمت اللجنة اجتماعاتها، الثلاثاء، على مستوى وزيري خارجية البلدين، سامح شكري وإبراهيم الغندور، بمقر وزارة الخارجية المصرية؛ تحتفي القاهرة بالبشير في زيارته لمصر، التي تستمر أربعة أيام، إذ يتم تكريمه لدى مشاركته كضيف شرف في الاحتفالات المصرية بالذكرى الثالثة والأربعين لنصر أكتوبر، الخميس، ويحضر، هو والسيسي، احتفالا فنيا بهذه المناسبة، ويمنحه السيسي وساما، باعتباره شارك في حرب الاستنزاف بمصر، كجندي ضمن القوات السودانية المتطوعة.

وطرحت مصر في الاجتماعات التحضيرية، قضية وقف السودان لاستيراد الخضر والفواكه المصرية، فيما طرحت السودان قضية النزاع حول "حلايب وشلاتين"، وضرورة إيجاد حل لها بالحوار أو التفاوض أو التحكيم، إلا أن مصر رأت عدم مناقشة هذه القضية في أعمال اللجنة العليا المشتركة، والتركيز على الجوانب الاقتصادية في العلاقات، بحسب صحيفة "الشروق"، الأربعاء.

تحديات حلايب والنهضة

وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة "البديل"المصرية، الأربعاء، أن السودان يجدد، كل فترة، الحديث عن حلايب وشلاتين، وتثير الخرطوم من حين لآخر الخلافات حول تبعية هذه المنطقة، ومن ذلك الشكوى التي أودعتها أخيرا لدى مجلس الأمن الدولي، وتتصل بإجراء مصر انتخابات بالمثلث، ما أدى إلى توتر العلاقات بين الجانبين.

أما بالنسة لملف سد "النهضة" فيتهم خبراء مصريون الخرطوم بأنها تقف بجانب إثيوبيا بشكل يضر القاهرة، فيما يتراجع التنسيق بين البلدين على مستوى الدور الذي يمكن أن يؤديه السودان لضمان عدم الإضرار بحصة مصر من المياه، إلا أنه لم يتم التوصل إلى أي اتفاق مصري - سوداني، في هذا الشأن، قبل عقد القمة الثلاثية (المصرية-السودانية-الإثيوبية)، المقررة نهاية العام الجاري.

إلى ذلك، تراجع النظام المصري، لا سيما على مستوى الإعلام، عن اتهام نظام الرئيس السوداني بأنه يتبع أيدلوجية جماعة الإخوان المسلمين، نتيجة لجوء بعض قادة الإخوان إلى السودان بعد الانقلاب.

وكشفت تقارير إعلامية أن الاجتماعات التحضيرية شهدت أيضا مطالبة الجانب السوداني للمصريين بإبداء تسهيلات أكبر للجالية السودانية فيما يخص تصاريح الإقامة والعمل والانتفاع، وسعي مصر في المقابل، لحصول مواطنيها، وبصفة خاصة المستثمرين، على حقوق التملك والانتفاع طويل الأجل في أراضي السودان.

وترددت أنباء حول عكوف وزارتي الخارجية في البلدين، على صوغ مشروع اتفاقية لمكافحة تهريب البشر والهجرة غير الشرعية.

وعلاوة على ما سبق، يبحث الجانبان، الملف الليبي، الذي تبدو فيه الخلافات حاضرة بين توجه كل منهما، إذ يؤيد البشير بشكل واضح حكومة فايز السراج، المنبثقة عن اتفاق الصخيرات، بينما يضع السيسي على رأس أولوياته ترسيخ مكانة اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وخلال اجتماعات اللجنة المشتركة للعلاقات الخارجية، تم طرح وجهة نظر سودانية مطالبة بتدخل الجامعة العربية، وفريق مصري سوداني مغربي، لرأب الصدع بين حكومة الوفاق من جهة ومعسكر حفتر والبرلمان المنعقد في طبرق من ناحية أخرى، فيما يعارض السودان لهجة حفتر المضادة للسودان، التي تتهمه بدعم الأطراف الإسلامية.

اتفاقات اقتصادية مهمة

وعقد وزراء البلدين على مدار اليومين الماضيين، بحسب تقارير إعلامية، اجتماعات تحضيرية في سبعة قطاعات؛ تضمنت الجوانب السياسية والأمنية والقنصلية والتجارية والاقتصادية والزراعة والري والخدمات والتربية والتعليم العالي والثقافة.

وتم الاتفاق على تعزيز التعاون العسكري والأمني بين البلدين، في ما يتعلق بتدريب الجيش والشرطة السودانيين بمصر، وتنسيق الجهود لضبط الحركة عبر الحدود المشتركة، والتأمين المشترك لمياه البحر الأحمر.

وفي مجال الزراعة، تم الاتفاق على مضاعفة أعداد رؤوس الماشية المخصصة لمشروع توريد اللحوم لمصر للإسهام في حل الأزمة الغذائية للشعب المصري، وكذلك وضع خطة زمنية على الأمد القصير، لقيام السودان برفع الحظر الذي فرضته منذ أسابيع على استيراد المنتجات الزراعية المصرية لتحليلها، والتأكد من سلامتها الغذائية.

وتشمل الاتفاقيات المزمع التوقيع عليها، صوغ آلية للتعاون المشترك في مجال الإنتاج النباتي والحيواني والري، ودعم الاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني بين البلدين، وتفعيل الشركة المصرية السودانية للتكامل الزراعي، والانتهاء من زراعة مساحة مئة ألف فدان مخصصة للشركة من الحكومة السودانية.

وكذلك تمت دراسة مشاريع جديدة للنقل البري والنهري بين البلدين، على رأسها ربط السكك الحديدية بينهما، والتشغيل التجريبي لمعبر أرقين، الذي يدخل ضمن خطة الطريق القاري (القاهرة-كيب تاون)، وتعلق عليه الدولتان أملا في مضاعفة معدلات التبادل التجاري بينهما، كما حدث مع افتتاح معبر قسطل.

ويذكر أن وفد البشير لزيارة مصر يضم كلا من: وزير شؤون الرئاسة، فضل عبد الله فضل، ووزير الخارجية، إبراهيم غندور، ووزير التجارة، صلاح محمد الحسن، وزير الزراعة، إبراهيم الدخيري، ووزيرة الاتصالات والمعلومات، تهاني عبد الله، إضافة إلى وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي سمية أبو كشوة.

رأي خبراء وسفراء ووزراء

وعلى مستوى آراء الخبراء والسفراء، قال أيمن شبانة المتخصص في الشؤون الأفريقية، إنه لأول مرة يتم عقد لجنة الشؤون الأفريقية على المستوى الرئاسي، مشددا على أن لقاء السيسي بالبشير، هدفه تقوية العلاقات المشتركة بين البلدين.

وتابع "شبانة" في حواره لبرنامج "451 فهرنهايت"، على فضائية "العاصمة 2" مساء الثلاثاء، أن سد النهضة من أهم القضايا التي تؤدي إلى فتور العلاقة بين البلدين.

وأشار إلى أن البشير يؤيد بناء سد النهضة، الذي يتوافق مع مصالح الشعب السوداني، لكن في حالة انهياره سيكونون هم أول المتضررين، وفق قوله.

ومن جهته، قال وزير التعاون الدولي السوداني، كمال حسن علي، في تصريحات صحفية بالعاصمة السودانية، الخرطوم: "هذه القمة ستكون قمة المصالح الاقتصادية".

وقال سفير السودان بالقاهرة، أحمد عبد الحليم، إنه "آن الأوان أن تتحول شعاراتنا إلى مصالح مشتركة في المجالات الزراعية والتجارية والاستثمارية ومشروعات يشعر بها المواطنون في البلدين".

ويذكر أنه توجد ثلاثون لجنة للتعاون الثنائي بين السودان ومصر، إضافة إلى التعاون العسكري، الذي تم التشاور بشأنه خلال زيارة رئيس الأركان السوداني لمصر التي التقى خلالها رئيس الأركان المصري، وعددا من قيادات الجيش، لبحث تعزيز التعاون المشترك.

ومن الجدير ذكره أن آخر لقاء جمع الرئيس السوداني بنظيره المصري قد احتضنته العاصمة الرواندية كيجالي على هامش اجتماعات القمة الأفريقية، في تموز/ يوليو الماضي، واختتم بدعوة من السيسي إلى عقد "لجنة عليا مشتركة" في إطار العمل على تعزيز العلاقات بين البلدين في المجالات كافة.

وكانت وزيرة التعاون الدولي المصرية، سحر نصر، أطلقت، الثلاثاء، التشغيل التجريبي لميناء أرقين البري، على الحدود المصرية - السودانية، في حضور وزير النقل المصري، جلال سعيد، ومحافظ أسوان، اللواء مجدي حجازي، إضافة إلى وزير النقل وزير الدولة بوزارة الخارجية حاكم ولاية الشمال من الجانب السوداني.

ويقع الميناء غرب بحيرة ناصر، ويبعد من مدينة بو سمبل نحو 150 كيلومترا على الحدود المصرية-السودانية، ويعمل بطاقة استيعابية تبلغ 7500 مسافر يوميا وأكثر من 300 شاحنة وباص، ويعتبر نقطة الانطلاق لمحور "الإسكندرية - كيب تاون"، ويربط أكبر تكتل أفريقي من البحر المتوسط حتى المحيط الهادئ، ويخدم الحركة التجارية مع 15 دولة أفريقية تقع على الطريق التجاري البري لهذه الدول. 
التعليقات (1)
مصري
الأربعاء، 05-10-2016 01:43 م
كان فيما مضي يتواجد الكثير والكثير من الأخوة السودانيين في مصر للعمل ، ولكن بعد تراجع الإقتصاد المصري وتدهورة بالنسبة للإقتصاد السوداني الذي حقق بعض التقدم فقد رجعوا إلي بلدهم بعد أن تحسن وضع الجنيه السوداني أمام الجنيه المصري بعد احتلال العسكر لمصر وتوليهم السلطة بالقوة المسلحة الغاشمة وإدارتهم للبلاد عن طريق الفساد والجهل .