صحافة دولية

فخ المديونية الخارجية الذي وقعت فيه ديمقراطية تونس الناشئة

زاد الجفاف من حدة الأزمة الاقتصادية في تونس
زاد الجفاف من حدة الأزمة الاقتصادية في تونس
نشرت صحيفة "لومانتي" الفرنسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن غرق تونس، الدولة الديمقراطية الناشئة، في المديونية الخارجية التي أثقلت كاهل اقتصادها، وأصبحت تشكل خطرا مباشرا على المسار الديمقراطي في البلد الذي انطلقت منه أول شرارة للربيع العربي.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن تسديد أقساط القروض المتراكمة هي مرحلة لا مفر منها بالنسبة للبلاد التونسية خلال العام المقبل. وعموما، ستبلغ نسبة الدين الخارجي 71.2 في المئة من الناتج المحلي للبلاد عام 2017، كما أنه من المتوقع أن تبلغ هذه النسبة ذروتها سنة 2018، لتصل إلى حوالي 72.3 في المئة.

وأضافت الصحيفة أنه في الوقت الذي لم تتحقق فيه بعد المطالب الاجتماعية للثورة، تتراكم الديون الخارجية للبلاد أكثر من أي وقت مضى. كما أنه في هذا العام، عانت البلاد من مشاكل أبرزها الجفاف ونقص المياه الصالح للشراب، ما أثار موجات غضب في المناطق الداخلية.

ويضاف إلى ذلك، تراكم النفايات وصرف مياه الأمطار الغزيرة التي عمت في البلاد خلال الفترة الماضية. وفي الوقت الذي يفترض فيه أن يكون المطر حلا لبعض المشاكل، تحوّلت الشوارع إلى سيول وتسبب في فيضانات قاتلة في بعض الأحيان في تونس العاصمة وسوسة.

وأشارت الصحيفة إلى المشاكل السياسية التي تواجه البلاد، من انقسامات داخل الحزب الحاكم، نداء تونس، ومواجهة حكومة يوسف الشاهد لمصاعب اقتصادية؛ هي الأخطر من نوعها منذ سقوط ديكتاتورية زين العابدين بن علي في عام 2011.

وقالت الصحيفة إنه منذ تعيينه في منصب رئيس الحكومة، يحاول الشاهد الموازنة بين مطالب الجهات المانحة للقروض والمطالب الاجتماعية التي تغذي صراعات لامتناهية.

وأشارت الصحيفة إلى الدعم الفرنسي الذي أعلن عنه الرئيس فرانسوا هولاند في بداية هذا العام، والذي يهدف إلى دعم تونس بقرض تبلغ قيمته مليار يورو يصرف على مدى خمس سنوات، إلا أنه في واقع الأمر هو مبلغ يفاقم من حجم الديون المتراكمة في تونس.

وجدير بالذكر أنه في الإجمال، أقرضت فرنسا تونس 1.3 مليار يورو، أي 13 في المئة من الديون الخارجية. وهو رقم يمثل استثمارا مربحا بالنسبة لباريس. وعموما، فإنه باعتبارها "شريكا جديدا للديمقراطية"، عُرضت على تونس منذ خمس سنوات العديد من القروض لإسعاف ميزانيتها العاجزة... ومواجهة ديونها.

وفي الحديث عن شروط صندوق النقد الدولي، مقابل منح تونس قرضا بقيمة 2.8 مليار دولار يتم صرفه على أقساط على مدى أربع سنوات بداية من العام الجاري، قالت الصحيفة إن صندوق النقد الدولي لم يكتف فقط برفع سن التقاعد، بل وضع أيضا لائحة من الشروط الأخرى التي تتعارض مع متطلبات الوضع والإستحقاقات الإجتماعية.

ويتصدر هذه القائمة جملة من "الإصلاحات الهيكلية الموجعة"، مثل تجميد الأجور، وشروط صارمة للانتداب في الوظيفة العمومية، وإنشاء "هيئة مستقلة لمراقبة إعادة الهيكلة". كما يصر صندوق النقد الدولي على "خفض دعم الطاقة" وزيادة سعر الكهرباء.

وفي هذا الإطار طرحت الصحيفة تساؤلا حول مدى فاعلية سياسة التقشف التي يفرضها صندوق النقد الدولي في ظل عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والأمني. كما أنه في الوقت نفسه يعي صندوق النقد الدولي مدى خطورة الوضع الأمني بسبب الإرهاب والأزمة الليبية.

وأوردت الصحيفة أنه إلى جانب الاحتجاجات الاجتماعية التي لا تعرف هدنة، فإن الحركة النقابية، وبشكل خاص الاتحاد العام التونسي للشغل، لم تتردد في التعبير عن قلقها حول الشروط التي يفرضها صندوق النقد الدولي.

وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة قول الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، كمال سعد، أن "الاتحاد العام التونسي للشغل يدافع فقط عن الخيارات التي تضمن التوازن الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للبلاد. كما أن الاتحاد سيعارض كافة اللوبيات التي تهدد البلاد".

وأضافت الصحيفة أن الضرائب التي تفرضها البلاد، استجابة إلى شروط صندوق النقد الدولي، تثقل كاهل الطبقة الوسطى أكثر من أي وقت مضى. ومن جهة أخرى، فإن ارتفاع قيمتها، يغذي عدم الثقة بين الشعب والحكومة وتدفعهم للتمرد أكثر.

كما نقلت الصحيفة عن وزير الفلاحة سمير الطيب، الذي لم يتردد في التعبير عن قلقه تجاه الدعم الغربي، قوله إن "البلاد تمر بوضع كارثي، كما أن أمامنا فرصة أخيرة لتدارك الوضع وإسعاف التجربة الديمقراطية الحاسمة في العالم العربي من الفشل".
التعليقات (0)