قضايا وآراء

استراتيجية أوباما نحو آسيا الباسيفيك: التحديات والإنجازات

محمد طاهر
1300x600
1300x600
منذ تولي باراك أوباما مهامه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، في كانون الثاني/ يناير 2009، حمل إرثاً ثقيلاً على عاتقه تركه له الرئيس السابق بوش الابن.

شغلت الملفات والقضايا المعقدة للسياسة الخارجية الأمريكية الجزء الأعظم من هذا الإرث العظيم، فبدأ أوباما ولايته الأولى بإعادة ترتيب دوائر اهتمامات السياسة الخارجية الأمريكية، فبدت لنا رغبته في الانسحاب التدريجي من إقليم الشرق الأوسط، فلم تعد هذة المنطقة من العالم مغرية لصانعي القرار الأمريكي كما كان معهود من قبل، فالتطورات الاقتصادية العالمية آنذاك أوجبت على الرئيس أوباما إعادة رسم التوجهات المستقبلية للسياسة الخارجية الأمريكية، فكان لا يزال المجتمع الأمريكي خاصة، والمجتمع الدولي عامة، يعاني من تداعيات الأزمة المالية العالمية التى هزت الاقتصاد العالمي عام 2008، وفي ظل التورط الأمريكي العسكري في وحل أزمات الشرق الأوسط، واتساع الدور الأمريكي وتشعبه على غير ما كان مخططا له مسبقا من شن حروب خاطفة محدودة تحقق أهداف محددة تحت شعار القضاء على الإرهاب ونشر الديمقراطية - وهما الشعاران اللذان تبنتهما الولايات المتحدة كأهداف لحروبها فى الشرق الأوسط - فاكتشفت الولايات المتحدة أنها تتحمل عبئا سياسيا واقتصاديا وعسكريا لن تستطيع مسايرته منفردة فى المستقبل. فحمل أوباما عدة وعود للشعب الأمريكي تتلخص في إنهاء الحروب الأمريكية في الشرق الأوسط وتقليص التواجد العسكري في المنطقة وتحويل دفة التوجه الأمريكي نحو القضايا ذات النفع للاقتصاد الأمريكي الذي تحمل تكاليف ليست بالقليلة نتيجة السياسات الأمنية والعسكرية التي أتبعتها الولايات المتحدة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فأعاد أوباما تعريف دوائر اهتمامات السياسة الخارجية الأمريكية التي سوف يرتكز عليها خلال فترة ولايته لتحقيق أهدافه المبتغاة.

رأى أوباما أن الوقت قد حان لترك الشرق الأوسط في سبيل التوجه شرقاً نحو الاهتمام بمنطقة آسيا الباسيفيك، تحت خطة أسماها "Asia Rebalance". تهدف هذة السياسة الجديدة إلى زيادة الانخراط الأمريكي في هذه المنطقة الواعدة والعمل على تعظيم الفرص المستقبلية وتعبئة مواردها لخدمة التحديات الاقتصادية الجديدة. آسيا الباسيفيك تمثل بالنسبة للكثير من لاأمريكيين الحديقة الخلفية لخدمة استثماراتهم كسوق للعديد من الشركات الأمريكية، بالإضافة إلى أنها تعد مقصدا سياحيا مفضلا للسائح الأمريكي.

لكن من الناحية الاستراتيجىة، لا تمثل ثقلا سياسيا تجذب انتباه صانعي القرار في السياسة الخارجية الأمريكية، فتاريخيا تعاملت الإدارات الأمريكية المختلفة خلال القرن الماضي مع هذا الإقليم بهدف حفظ المصالح الأمريكية في تلك المنطقة، وتقليل امتيازات الدول الأوروبية هناك وتسهيل نفوذ أمريكا إلى السوق الصينية دون العمل على تطوير هذه الاهتمامات لتصل إلى مرتبة التنسيق الاستراتيجي.

ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وحسم التنافس الياباني الأمريكي آنذاك لصالح الطرف الثاني، ومن ثم لم يتطلب هذا الإقليم إهتمام من نوع خاص طالما لا يوجد تهديد عسكرى جديد من قوي إقليمية أو دولية اخرى يهدد النفوذ الأمريكي في هذة المنطقة كمنطقة نفوذ تقليدية، فأصبح المحيط الهادي "بحيرة أمريكية" حيث أقيمت مئات القواعد العسكرية الجديدة في كل من اليابان، كوريا الجنوبية، أستراليا، جزر المارشال، وجزر أخرى في الباسيفيكي، من أجل تعزيز القواعد الموجودة من قبل في الفلبين، جوام، وهاواي، والتي تم توسيعها بصورة كبيرة فيما بعد فى ظل الحرب الباردة فعمدت أمريكا إلى تطوير تحالفاتها مع دول كثيرة كأستراليا واليابان والفلبين وغيرهم من الدول وذلك حفظا للتواجد الأمريكي في المنطقة، وبعد انتهاء الحرب الباردة أبقت واشنطن روابطها مع عدد محدود من دول المنطقة.

لكن مع النهضة الاقتصادية المتسارعة التي حدثت فى شرق وجنوب أسيا في الربع الأخير من القرن العشرين بدأ يتحول الثقل الإقتصادي العالمي من أوروبا لينتقل رويدا رويدا إلى أقصى الشرق الآسيوي، و في أواخر التسعينيات، بدأت واشنطن ترى في الصين منافسا استراتيجيا يمكن أن يهيمن على منطقة الهادئ الآسيوية، فأتبعت الولايات المتحدة أسلوب الاحتواء مع الصين فأعطتها الضوء الأخضر للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية وإدماجها فى النظام الاقتصادي الغربي. في غضون ذلك، تم تعزيز التحالف العسكري بين الولايات المتحدة واليابان وأستراليا، وهو التحالف الذي شكّل المعادل الوظيفي لحلف الناتو في منطقة شرق آسيا، ومن ثم اتسمت العلاقة بين الولايات المتحدة والصين بالارتباط والاحتواء في آن واحد طوال العقدين المنصرمين، ورأت الإدارات الأمريكية المتعاقبة بأن صينا مزدهرا أفضل لأمريكا؛ نظرا للاعتماد الاقتصادي المتبادل وحجم التجارة البينية بين الجانبين ومدى ثقلهما في الاقتصاد الدولي ودورهما فى استقرار النظام الاقتصادي العالمي.

ومع مرور الوقت كانت قضية التعامل مع الصين أكبر تحد للولايات المتحدة، وهي المسألة التي تمثل العقبة الكبرى والتحدي الأكبر في سبيل تحقيق سياسة إعادة التوازن لآسيا بطريقة مرنة كما يرغب أوباما، فحرص كبار المسؤولين الأمريكيين على التأكيد أن هذا التوجه الأمريكي نحو آسيا ليس موجها ضد بكين. وبدأت الولايات المتحدة العمل على توسيع قاعدة حلفائها لتشمل حلفاء جددا إلى قائمة حلفائها التقليديين التى تضم أستراليا، الهند، أندونيسيا، اليابان، سنغافورة وكوريا الجنوبية، وتعززت هذه السياسة عندما استضاف الرئيس أوباما زعماء وقادة منظمة "الآسيان" في كاليفورنيا بالولايات المتحدة مطلع العام الحالي، كأول قمة تُعقد من نوعها بين رئيس أمريكى وقادة منظمة الآسيان، كما أن أوباما يعد أول رئيس أمريكى يزور بورما ولاوس، وقد قام بزيارة الهند في مناسبتين مختلفتين خلال ولايته كأول رئيس أمريكى يزور الهند مرتين بصفته الرسمية. في المجمل، يعد أوباما أكثر رؤساء الولايات المتحدة زيارة للدول الآسيوية، فقد زارها أكثر من أي رئيس أمريكي آخر، بل أحيانا يزورها أكثر من مرة في نفس العام، كما زارت وزيرة خارجيته السابقة والمرشحة الرئاسية الحالية "هيلارى كلينتون" جميع دول منظمة أمم جنوب شرق آسيا خلال فترة ولايتها، كما أنها أول من قالت: "مثلما كان القرن العشرون هو قرن المحيط الأطلسي، فإن القرن الحادي والعشرين هو قرن المحيط الهادئ، بالنسبة إلى الولايات المتحدة"، وذلك في عام 2011.

و قد أشارت "سوزان رايس"، مستشارة الأمن القومي للرئيس أوباما، إلى أهم الإنجازات التي تحققت في عهد إدارة أوباما، في سبيل تنفيذ آليات استراتيجية التوجه الآسيوي، في مقالة لها نشرتها عقب الجولة الآسيوية الأخيرة لأوباما وحضوره فاعليات قمة العشرين فى الصين، فقد أعلنت أن الولايات المتحدة ستظل ملتزمة بتوسيع وتعميق مشاركتها وانخراطها في القضايا الأسيوية، والعمل على زيادة روابط الصلة بين الولايات المتحدة وجميع الدول الآسيوية، وأنها ستواصل تعزيز تحالفاتها الأمنية في المنطقة. وأكدت على أهمية تصديق الكونجرس على مبادرة "الشراكة عبرالمحيط الهادئ"، والتي وقعت فى 2 شباط/ فبراير من العام الحالي في نيوزلندا، وتعد بمثابة الإنجاز الأكبر لأوباما في سبيل تحقيق استراتيجيته الآسيوية. فهي اتفاقية تجارية حرة، تهدف إلى تعميق الروابط الاقتصادية بين 12 دولة باسيفيكية، وهي أستراليا، سلطنة بروناي، كندا، تشيلي، ماليزيا، المكسيك، نيوزيلاندا، بيرو، الولايات المتحدة الأمريكية،سنغافورة، فيتنام واليابان. فهي تعتبراتفاقية التجارة للقرن الحادي والعشرين - كما وصفتها - مع الدول التي تشكل ما يقرب من 40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العالم، وتعداد السكان في تلك الدول مجتمعة يزيد على 800 مليون نسمة، ووصل معدل دخل الفرد سنويا في هذه الدول إلى نحو 31,500 دولارا، بينما بلغ إجمالي الناتج القومي لكل تلك الدول مجتمعة ما يزيد على 20 تريليون دولار. فاتفاقية تجارة حرة بين تلك الدول من شأنها أن تحول تلك المنطقة إلى سوق واحدة أمام العديد من مجالات العمل، وستسمح بتصدير ما يقرب من 18 ألف سلعة أمريكية إلى 11 دولة باسيفيكية منعدمة الضرائب، كما أن رايس متفائلة بأن هذة الاتفاقية سوف تجتذب اقتصادات أخرى في السنوات القادمة.

وصرحت رايس بأن تأخير التصديق على هذه الاتفاقية لمدة عام واحد فقط كان يمكن أن يكلف ما يقرب من 100 مليار دولار ضائعة على اقتصاديات الدول الموقعة على الاتفاقية. فحرص الإدارة الأمريكية على التوقيع على هذا الاتفاق فى هذة المرحلة يعكس مدى اهتمام الولايات المتحدة والتزامها تجاه آسيا والمحيط الهادي ورغبة واشنطن الحقيقية في ترجمة وعودها إلى وتحويلها إلى سياسات على أرض الواقع، وأكدت على أن أي تأخير في تطبيق بنود هذا الاتفاق يفسح المجال أمام المنافسين العالميين لكي يهددوا المصالح الأمريكية الآسيوية المشتركة بما فيهم الصين والتي ربما كانت تعمل على وأد هذا الاتفاق وتقويض نفوذ الولايات المتحدة في هذة المنطقة، حيث ترى الصين هذة الاتفاقية ترسخ لكيان إقليمي موازٍ ترغب الولايات المتحدة في استبداله تدريجيا بكتلة دول جنوب شرق آسيا "الآسيان"، فنجاح الرئيس أوباما في حصوله على تصديق الكونجرس على هذة الاتفاقية بهذه السرعة قبل انتهاء فترة ولايته الأخيرة؛ يعتبر نجاحا آخر يُضاف إلى سجل نجاحاته الأخرى في العديد من قضايا السياسة الخارجية.

لكن يرى البعض أن هذه الاتفاقية التي تضم عددا من دول القارة الآسيوية موجهة بالأساس ضد الصين، وتهدف إلى وقف تعاظم دور الصين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، و هو الأمر الذي جعل الصين تبدأ في إطلاق مشروع اقتصادي مضاد، وهو مشروع "طريق الحرير الجديد" الذي يعد أحد أكبر مشروعات البناء والتنمية الاقتصادية والتجارة في العالم - من وجهة النظر الصينية - وتعمل على استقطاب دول مناوئة للدور الأمريكي غير المرغوب فيه في آسيا مثل دول وسط وغرب آسيا بقيادة دول الكومنولث الروسي، حيث أن روسيا ترى في إنشاء كيانات اقتصادية مغلقة كـ"الشراكة عبر المحيط الهادئ" يؤدي إلى زيادة الخلل في الاقتصاد العالمي وفق الرواية الرسمية الروسية.

وتقوم الرؤية الطموحة لبكين على فكرة إحياء طريق الحرير القديم، ليصبح ممرا حديثا للتجارة والاقتصاد يمتد من شنجهاي شرقا إلى لندن غربا، حيث من المقرر أن يمر الطريق عبر الصين ومنغوليا وروسيا وبيلاروسيا وبولندا وألمانيا، بحيث يخلق منطقة اقتصادية تمتد عبر أكثر من ثلث محيط الأرض، ولكن تعمل الولايات المتحدة على إغراء المملكة المتحدة بالإنضمام إلى تلك الكتلة الاقتصادية الواعدة، خاصة بعد خروجها من الإتحاد الأوروبى.

فالرؤية الأمريكية تجاه زيادة انخراطها فى الشؤون الآسيوية والباسيفيكية مكتملة الأركان، فيرى البعض أن الولايات المتحدة قد تتجه مستقبلا إلى عملية توسيع آسيوية لحلف الناتو، على غرار عملية توسيع الحلف فى شرق أوروبا طوال العقدين المنصرمين، إلا أنه كما يرى العديد من المحللين لا يوجد تأييد حقيقي من جانب الحلفاء الأوروبيين لأن يصبح الناتو عالميا بالمعنى الكامل للكلمة، وإنما اعتراف بانه من أجل حماية أراضي الحلف وقد يضطر الى العمل خارج منطقة شمال الأطلنطى فى بعض الحالات - فى إشارة الى مهمة الناتو في افغانستان وليبيا - غير أن بعض الدول فى منطقة آسيا الباسيفيك كانت مساهما رئيسيا فى مهمة الحلف فى أفغانستان، وأن هناك مجالات للتعاون مع دول آسيا الباسفيك يقوم بها الناتو، مثل مكافحة القرصنة، وبعثات الأمن البحري. وهذا التعاون مرغوب فيه طالما يحقق العديد من المصالح المشتركة، لكن لا تحبذ الدول الأوروبية فى تطوير هذا التعاون وصولا إلى حصول تلك الدول على عضوية الحلف، بما يترتب عليه المزيد من الأعباء على القوى الأوروبية تجاه هذه الدول. ويظل هذا الأمر مستبعدا فى الأمد المنظور، فالمعطيات الحالية لا تؤدى إلى واقعية هذا الطرح، فالوصول إلى هذة المرحلة يتطلب قدرا ليس بالقليل من الوفاق السياسي والاقتصادي والعسكري، ومن قبله الأيديولوجي، وهذا ما لم يتجلَ بعد.

لذلك، سعت أمريكا إلى تقوية تواجدها العسكرى المنفرد في منطقة شرق آسيا، فعمدت إلى التحالف العسكري الاستراتيجى مع عدد من الدول كاليابان، كوريا الجنوبية، أستراليا، ومن ثم الفليبين وتايلند في الدرجة الثانية، كما سعت واشنطن إلى العمل على تحجيم قدرة الصين من خلال إبرام عدة اتفاقيات دفاعية خاصة مع اليابان، بالإضافة إلى اتباع الولايات المتحدة دبلوماسية تصادمية مع الدولة الصينية بسبب النشاطات العسكرية التب تقوم بها في منطقة بحر الصين الجنوبي، من بنائها لعدة جزر صناعية، وادعاء سيادتها على كامل مياهها واستغلالها اقتصاديا بالقوة، مع اتهام الولايات المتحدة بكين بعدم الاهتمام بأمن دول الجوار، والاعتداء على حقوقهم السيادية، خاصة بعد رفض الصين الامتثال لحكم محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي، الذى صدر في تموز/ يوليو الماضي، بعدم مشروعية الأفعال التي تمارسها الصين في بحر الصين الجنوبى - يعد شكوى الفلبين فى عام 2013 - وقد أصرت الصين على مقاطعة جلسات المحكمة، قائلة إنها ليست مخولة بالبت في الخلاف. وقد دأبت الصين مسبقاً على التصريح بأنها لن تتقيد بما تصدره المحكمة من قرارات، وهنا تدخلت الولايات المتحدة ووجهت الدعوة إلى جميع المطالبين بالسيادة على بحر الصين الجنوبي بتجنب الإجراءات التي تثير التوتر، وإلى اتخاذ خطوات عملية لبناء الثقة وتكثيف الجهود لإيجاد حلول سلمية ودبلوماسية للنزاع، وكان المقصود ضمنياً من تلك التصريحات هى الصين، فكل هذا يوضح سعي واشنطن لتحجيم الدور الصيني مقابل تقوية النفوذ والتواجد الأمريكي فى شرق آسيا. وما يدل على سعي أمريكا لتوسيع نفوذها العسكري في تلك المنطقة الاتفاق الذي وقعته مع الفلبين على بقاء القوات الأمريكية فيها عشر سنوات إضافية، بالإضافة إلى إنشاء قواعد عسكرية على أراضيها - قبل أن تتوتر العلاقات الأمريكية الفلبينية مؤخرا - بالإضافة إلى المناورات العسكرية الأمريكية المشتركة التي تنفذها الولايات المتحدة بصورة شبه روتينية مع اليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية.

من المؤكد أن أوباما قد حقق عدة إنجازات تاريخية على صعيد السياسة الدولية، حتى وإن كانت لا تزال بعض هذه الإنجازات جدلية ومؤقتة لكنها تظل إنجازات، أهمها نجاحه فى التوصل إلى اتفاق دولي مُرضٍ للملف النووى الإيرانى، وإعادة العلاقات مع كوبا بعد قطيعة دامت لما يقرب من 60 عام، والتصديق على اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015 بعد مشاورات ماراثونية مع الصين، ونجاحه فى إعادة الثقة مرة أخرى لحلفاء الولايات المتحدة بعد أن شهدت توترا ملحوظا فى عهد جورج بوش. إلا أن الإنجاز الأهم من وجهة نظر الإدارة الأمريكية هو التوقيع والتصديق السريع على اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ، وما ترتب عليه من فتح آفاق مستقبلية جديدة للدور الأمريكى فى منطقة واعدة ومهمة من العالم، إلا أن الجميع ينتظر نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني/ نوفمبر القادم بشغف، وذلك لمعرفة مسار النهج الذى سيتبعه الرئيس الجديد حيال العديد من القضايا الدولية والذي سيتمخض عنه بالطبع أسلوب إدارته للملفات الآسيوية، بعد أن أعطى أوباما الدول الآسيوية دورا جديدا فاعلا فى رسم السياسات المستقبلية في العديد من المجالات.

ولكن يتشكك الكثير من الشركاء الآسيويون في مدى التزام الرئيس الأمريكي القادم بالاستراتيجية الآسيوية الجديدة التي بدأها أوباما، ولا يخفون تخوفهم من عزم الرئيس الجديد على تحويل انتباه الولايات المتحدة من آسيا صوب أقاليم أخرى من العالم، مثل أفريقيا أو أمريكا اللاتينية فقد صرح المرشح الجمهوري دونالد ترامب سابقا بأن على العديد من الدول الحليفة للولايات المتحدة في أسيا أن تدفع أكثر فى مقابل التزام أمريكا بحفظ أمنها، وتطوير سلاحها لحمايتها من التهديدات المستمرة من كوريا الشمالية والصين، غير أن المرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون كانت قد أعترضت سابقاً على اتفاق الشراكة عبر الهادئ، وهو ما يثير قلق الدول الأعضاء فى الاتفاق والبالغ عددها 12 دولة.

لكن الشهور القليلة القادمة ستضع نهاية لهذا التوجس والترقب الآسيوي، فيما إذا كان الرئيس القادم سيعمل على تطوير ما قد بدأه أوباما وسيبدأ من حيث ما انتهى إليه، أم أنه سيعيد النظر فى تلك الاستراتيجية الوليدة؟ فلننتظر...
التعليقات (1)
محمد صلاح
الأربعاء، 21-09-2016 03:31 م
مقال رائع يوضح مدى أهمية امريكا بالسيطرة على شؤون تواجدها العسكرى في الكثير من المناطق