صحافة إسرائيلية

"هآرتس" تستعرض القمع في مصر وتسأل عن "الاحتجاج القادم"

أكدت "هآرتس" أنه "لا توجد تحديدات واضحة في مصر لحقوق الإنسان"- الأناضول (أرشيفية)
أكدت "هآرتس" أنه "لا توجد تحديدات واضحة في مصر لحقوق الإنسان"- الأناضول (أرشيفية)

استعرضت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية على لسان محرر الشؤون العربية فيها، تسفي برئيل، لمجموعة من خروقات النظام الانقلابي بمصر في حق المواطنين، وقالت إن "أغاني الشارع، والتماثيل المسيئة، والتطبيقات ضد الاعتقالات أو الاحتجاج على الاعتداءات ضد المسيحيين يمكن أن تكون أعراضا لاحتجاج قادم".

في بداية المقال، تحدثت الصحيفة عن فرقة "أولاد الشارع"، والأسباب التي أدت إلى اعتقالهم، وقالت إن نوعية الغناء الشعبي التي تغنيه الفرقة "يعتبر خطيرا"، كاشفة للتهم التي أدين بها أعضاء الفرقة من قبيل "التحريض والمس بأمن الدولة، والنية في إسقاط النظام، وتجمع غير قانوني"، وقالت إن "هذه هي بنود اتهام خطيرة تترتب عليها فترات سجن طويلة. وقد تم إطلاق سراح أعضاء الفرقة بشروط وقيود، وهم ينتظرون قرار النيابة بحقهم".

وتابعت: "إذا حُكموا بالسجن، لن يكون أعضاء الفرقة لوحدهم. حسب التقرير الذي نشرته الشبكة العربية للمعلومات حول حقوق الإنسان وحريات الأسرى في مصر البالغ عددهم 106 ألف شخص موزعين على 504 سجن ومعتقل. أكثر من 60 ألف منهم، كما يقول معدو التقرير، هم أسرى ومعتقلون سياسيون". 

وكشفت "هآرتس" في التقرير أنه "منذ الثورة ركزت السلطات على بناء 19 سجن جديد، في أحدها سجن جماسا الذي استثمر فيه أكثر من 95 مليون دولار، في الوقت الذي توقع فيه مصر على قرض يبلغ 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي"، لافتة إلى أن "هؤلاء الأسرى محظوظون نسبيا، حيث أنهم معروفون ومسجلون وعائلاتهم تعرف عن مكان اعتقالهم، خلافا لـ  1.250 ممن اختفوا في أقبية السجون في مصر في السنوات الاخيرة ولا توجد أي تفاصيل عنهم". واستطردت "هذا الأمر لا يعني أنهم ماتوا، بل أن الدولة لا تعطي تفاصيل حول مكان وجودهم". 

وأوضحت الصحيفة العبرية أن "هذا المعطى الفظيع دفع المجلس المصري لحقوق الإنسان إلى تطوير تطبيق جديد يسمح لمن اعتقل أن يرسل رسائل حول ثلاثة أشخاص معتقلين، عن مكان وجودهم، وبريد إلكتروني بمعلومات مشابهة لمجلس حقوق الإنسان".

ولفتت أنه "من أجل منع اكتشاف التطبيق تم تمويهه كآلة حاسبة. حيث أن الشرطة الذين يفحصون الهاتف المحمول لا يستطيعون ملاحظة أن المعتقل يبلغ أصدقاءه". وقالت إنه "بهذه الطريقة يأمل نشطاء حقوق الإنسان الوصول سريعا إلى المعتقل وإرسال المحامي إليه أو الوصول إليه وهو في المعتقل المحلي قبل نقله إلى السجن المركزي الأكبر الذي ستختفي فيه آثاره".
 
وأكدت "هآرتس" أنه "لا توجد تحديدات واضحة في مصر لحقوق الإنسان، وكتاب القوانين حولها غامض، حيث يمكن إخفاءه تحت جلابية أمن الدولة". 

وأشارت أن "الصراع حول حقوق الإنسان لا يمكن أن يعتمد فقط على بنود القوانين المرنة والتركيز فقط على منع إلحاق الضرر الجسدي بمواطنين أو كم أفواه الصحفيين والمثقفين".
 
وأوردت الصحيفة الإسرائيلية أحد الأمثلة التي أثارت جدلا، أخيرا، في الشارع المصري، معتبرة أنه مخل بحقوق الإنسان، ويتعلق الأمر بمقترح "تشديد العقوبة ضد الختان للنساء" الذي قدم إلى البرلمان، مشيرة إلى هجوم "عضو البرلمان الهامي عجينة على المبادرين للقانون وزعم أن "من الواجب ختان النساء من أجل كبح الضعف الجنسي لدى الرجال". وتفسيرا لذلك أضاف عجينة: "الرجال في مصر يعانون من ارتفاع الشهوة الجنسية، والدولة هي من أكثر الدول المستوردة للإثارة. نستطيع القضاء على ختان النساء فقط عندما يكون الرجال أقوياء بما يكفي ويمكنهم السيطرة على غرائزهم"".

وقالت الصحيفة إنه "لا حاجة إلى الجدال مع المنطق المشوه، الأمر الذي أثار موجة في وسائل الإعلام وأدى إلى استدعاء عضو البرلمان للجنة الأخلاق التابعة للبرلمان"، واستدركت: "ولكن يبدو أنه قد عبر عن النظرة السائدة". 

ولفتت إلى أنه "حسب تقديرات منظمات حقوق الإنسان فإن 9 من كل 10 نساء في مصر يتعرضن للختان. وحسب تقديرات أخرى حدث انخفاض في عدد عمليات الختان في السنوات الأخيرة. والآن هناك 70 في المئة من النساء يتعرضن لذلك".
 
وأوضحت "هآرتس" أن العملية الجراحية التي تستعمل في ختان الفتيات "تتم أحيانا بأدوات بيتية وبدون رعاية طبية وفي ظل غياب الشروط الصحية والنظافة، الأمر الذي قد يتسبب بموت الفتيات في حالات كثيرة". 

وقالت الصحيفة إنه رغم وجود جمعيات نسوية مصرية تحاول تثقيف الجمهور ومنع الختان، إلا أنه "من الأسهل محاولة إسقاط النظام من القضاء على هذا الإرث المتجذر".

كما أوردت الصحيفة مثالا آخر يتجلى في تمثال سوهاج، وقالت إنه "طلب من النحات المشهور وجيه ياني "تصليح" تمثاله الكبير "أم المقدس المعذب" الذي وضع في سوهاج في جنوب مصر. التمثال هو لجندي له شارب ويعانق امرأة بملابس تقليدية، حيث إحدى يديه توجد تحت صدرها وكأنها تسندها". 

وأوضحت الصحيفة الجدل الذي اندلع فور الكشف عن التمثال، وما صاحبه من انتقادات واحتجاجات، باعتباره يعبر عن "التحرش الجنسي"، وليس "عملا فنيا".

وأوردت الصحيفة تصريح النحاتة المصرية، عزة عبد المنعم، التي ردت على مجموعة من المحتجين الذين قالوا إن "الطريقة التي يمسك بها الجندي المرأة لا تشير إلى نية الدفاع عنها، هذا يبدو مثل الاغتصاب"، بالقول: "المرأة تلبس الملابس المحافظة وتبدو ضعيفة وكأنها بحاجة دائمة إلى المساعدة. إذا كان تمثيل مصر هكذا، فهذا هو تمثيل كاذب". 
 
وأكدت الصحيفة الإسرائيلية أن "هذه الردود والانتقادات في الشبكات الاجتماعية، التي قارنت بين التمثال وبين المشهد المعروف من فيلم "تايتانيك" دفعت حاكم مقاطعة سوهاج إلى الطلب من النحات ياني تغيير التمثال بشكل يلائم مشاعر المواطنين". 
 
فيما أشارت "هآرتس" إلى مثال ثالث يتعلق بالمسيحيين الأقباط، وقالت إنه تم في الأسبوع الماضي، سنّ قانون يسهل بناء الكنائس. وقد بادر الى القانون رئيس الانقلاب السيسي بعد سلسلة من المواجهات العنيفة بين المسيحيين والمسلمين وخصوصا في القرى الجنوبية من البلاد التي أحرقت فيها منازل الأقباط. "وشددت السلطات على تعريف القانون الجديد بمفاهيم دراماتيكية مثل "انعطافة تاريخية"، حيث أنه يأتي بعد سنوات طويلة من منع بناء الكنائس الجديدة"على حد قولها.
 
ولفتت أن "القانون الجديد يمنح النظام الأدوات الكافية لمنع بناء كنيسة"، وأعطت مثالا بالقول: "مثلا، حكام المحافظات هم الذين سيمنحون الإذن النهائي للبناء، بناء على عدد السكان المسيحيين الذين يعيشون في المدينة أو القرية التي يريدون بناء الكنيسة فيها. والمشكلة هي أن الحكام بشكل خاص والحكومة بشكل عام لا ينشرون عدد السكان المسيحيين في الدولة ككل أو في المحافظات. وبدون معطيات دقيقة يستطيع كل حاكم أن يقول إنه لا يوجد عدد كاف من المسيحيين في المنطقة المعينة، ولا توجد طريقة لدحض أقواله". 

وأكدت أنه "لدى الجاليات المسيحية معطيات دقيقة حول عدد المسيحيين الذين يعيشون في كل مدينة وقرية، لكن قياداتها تفضل عدم التصادم مع السلطات من أجل منع الاعتداءات". 

وشددت على أن "هذه السياسة تثير الخلاف الكبير بين الجيل القبطي الشاب الذي يريد تدخل الشرطة في كل حادثة اعتداء وبين القيادة المحافظة التي تسعى إلى ضبط النفس وتجاهل الاعتداءات".

وفي ختام المقال، قالت الصحيفة الإسرائيلية إنه "حسب الحكمة المتعارف عليها، يمكن اختبار استقرار ومكانة مصر بناء على معايير اقتصادية وعسكرية، واختبار قدرة الحكومة على إعادة الديون وإجراء الإصلاحات الاقتصادية، ومحاربة الإرهاب والتأثير على الخطوات السياسية. هذه بدون شك وسائل هامة وضرورية، ولكن بعد ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011 لم يعد بالإمكان الاكتفاء بذلك، أغاني الشارع، التماثيل المسيئة، التطبيقات ضد الاعتقالات أو الاحتجاج على الاعتداءات ضد المسيحيين – هذه مظاهر ومتغيرات نتجت عن تلك الثورة. ويمكن أن تكون أعراض للاحتجاج القادم".
التعليقات (1)
مصري
الأحد، 11-09-2016 10:15 م
الشيطان نفسة أصبح يتبرأ من أفعال وجرائم السيسي وزبانيته .