سياسة عربية

اتهام كنيسة تواضروس بالتطبيع.. وقس: زيارة القدس ترميم

تواضروس الثاني زعيم اقباط مصر - الفرنسية
تواضروس الثاني زعيم اقباط مصر - الفرنسية
اتهم نشطاء سياسيون الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، تحت قيادة البابا تواضروس الثاني، بأنها تواصل مسلسل التطبيع مع الكيان الصهيوني، مجددا، بما أعلنته السبت، عن قيام عدد من القيادات التابعة لها، بزيارة مدينة القدس المحتلة رسميا، الثلاثاء، في وقت عللت فيه الكنيسة الزيارة بأنها تأتي في إطار حل أزمة ترميم "دير السلطان" هناك.

ويتبع الدير الكنيسة المصرية، ويقع داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس المحتلة، وله أهمية خاصة لدى الأقباط، لأنه يعد طريقهم المباشر للوصول إلى كنيسة القيامة، وكان أحد أسباب منع البابا شنودة الثالث "الحج للقدس"، بعد استيلاء "إسرائيل" عليه.

الكنيسة: الزيارة استجابة لطلب أثيوبي

ودافعت الكنيسة عن الزيارة المرتقبة لوفدها، في بيان أصدرته السبت، وقالت فيه إن الزيارة ستستمر خمسة أيام، وستكون بحضور القائم بأعمال السفير المصري، حازم خيرت، وسفير أثيوبيا لدى "إسرائيل".

ورفض المتحدث باسم الكنيسة، القس بولس حليم، وصف الزيارة بـ"التطبيع"، قائلا إن "الزيارة تأتي بناء على طلب الكنيسة الأثيوبية"، قائلا إن "الوفد في مهمة كنسية بحضور القائم بأعمال السفير المصري، وكذلك السفير الأثيوبي"، متسائلا: "أين التطبيع؟".

وأضاف - في تصريحات نقلتها صحيفة "الوطن"، الأحد - أن الوفد الكنسي المتجه إلى القدس، سافر بناء على طلب الرهبان الأحباش الذين يديرون دير السلطان، للمشاركة في بعض ترميمات الدير الذى سلمه الاحتلال الإسرائيلي للأحباش في سبعينيات القرن الماضي، مشيرا إلى أن الزيارة ستستغرق عدة أيام.

الوطن: زيارة القدس عبر "تل أبيب"

لكن صحيفة "الوطن" كشفت أن وفد الكنيسة الأرثوذكسية سيزور القدس المحتلة، عبورا بـ"تل أبيب".

وقالت الصحيفة إن ثلاثة أساقفة سيتوجهون، الأحد، من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إلى القدس المحتلة، عبر مطار تل أبيب، للمشاركة في تطييب أجساد بعض القديسين التابعين للكنيسة في بطريركية الأقباط الأرثوذكس بالقدس المحتلة، وهم: الأنبا رافائيل، سكرتير عام المجمع المقدس، أسقف عام كنائس وسط القاهرة، والأنبا بيمن، أسقف عام كنائس وسط القاهرة، رئيس لجنة الأزمات بالمجمع المقدس، والأنبا يوسف، سكرتير مساعد المجمع المقدس وأسقف جنوبي الولايات المتحدة. 

وكانت بطريركية الأقباط الأرثوذكس في القدس المحتلة أعلنت وصول الوفد الكنسي المصرى إلى كنيسة القديس الأنبا أنطونيوس بالقدس، الثلاثاء، الثاني من آب/ أغسطس المقبل، وليس اليوم الأحد، حسبما ذكرت "الوطن".

وأضافت البطريركية أنه سيكون في استقبالهم مطران الكرسي الأورشليمي والشرق الأدنى، الأنبا أنطونيوس، لحضور صلاة عشية تطييب الأجساد للقديس موريس والقديسة فيرينا.

الزيارة الرابعة في عهد تواضروس


وتأتي الزيارة بعد أشهر من زيارة أثارت الجدل للبابا تواضروس الثاني، للأراضي الفلسطينية المحتلة، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، للمشاركة في جنازة مطران القدس الراحل، الأنبا إبراهام. ووقتها قالت الكنيسة، في بيان لها، إن الزيارة "رعوية وليست سياسية".

وأعقب تلك الزيارة زيارات تالية لأساقفة الكنيسة نفسها، إلى القدس المحتلة، لترؤس قداس عيد الميلاد، وحضور قداس الأربعين للأنبا إبراهام نفسه، وحضور حفل تجليس المطران الجديد بالقدس المحتلة.

وقدَّر مراقبون أن الزيارة هي الرابعة من نوعها من وفد كنسي مصري، في خلال عامين، مشيرين إلى زيارة الأنبا رافائيل، لحضور ذكرى الأربعين للأنبا إبراهام، وعقب ذلك أوفد البابا تواضروس فريقا من المطارنة لتجليس الأنبا انطونيوس مطران القدس والكرسي الأورشليمي في آذار/ مارس الماضى.

وجاءت الزيارات برغم صدور قرار البابا شنودة الثالث، من المجمع المقدس عام 1980، برفض التطبيع الكنسي مع "إسرائيل"، ومنع الأقباط من زيارة مدينة القدس المحتلة، وإنزال عقوبات كنسية على المخالفين.

إلا أن مصدرا كنسيا كشف أن عددا من الأساقفة، قدم في أيار/ مايو الماضي، توصية للمجمع المقدس، لإعادة النظر في القرار، لكن التوصية لم تطرح للمناقشة في الجلسة السنوية للمجمع، في حزيران/ يونيو الماضي.

سيف الدولة: الزيارة تطبيع لن نقبله

وانتقد نشطاء سياسيون الزيارة الجديدة بشدة، من بينهم الباحث في الشأن القومي العربي، محمد سيف الدولة، إذ قال: "لا لزيارة أساقفة الكنيسة القبطية للقدس تحت الاحتلال الصهيونى، ولا للزج بالاخوة المسيحيين في مستنقعات التطبيع، ومشروعات ‏السلام الدافيء، بعد ساعات قليلة من لقاء قادة الكنيسة بالسيسي"، على حد وصفه.

وأضاف سيف الدولة، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "المتدينون الحقيقيون والمسيحيون المؤمنون والوطنيون المخلصون لا يطبعون، ولا يراوغون".

وأردف أنه بعد وفاة البابا شنودة ظهرت على استحياء رحلات السياحة الدينية المسيحية إلى القدس بالمخالفة لقرار الكنيسة، وقالوا وقتها إنها تتم بدون موافقة الكنيسة، وإنها تقتصر على كبار السن فقط الذين يخشون أن توافيهم المنية قبل أن يحجوا، وفي السنوات التالية زادت الرحلات، وتضخمت أعداد الزائرين.

وتابع سيف الدولة، قائلا: "ثم قام بعدها البابا تواضروس بزيارة القدس، وقالوا وقتها إنه موقف استثنائي للعزاء، وإن الكنيسة متمسكة برفض التطبيع".

وعلق سيف الدولة على الزيارة الكنسية الجديدة بالقول: "عفوا.. نرفض زيارتكم، ونرفض تطبيعكم، ولا نصدق بياناتكم، ونتشكك في دوافعكم".

واستطرد قائلا: "ليس على رأس أي مصري، مسلما كان أم مسيحيا، ريشة لكي يبيح لنفسه التطبيع مع العدو الذي أجمع الشعب المصري بكل قواه ونقاباته على رفضه وإدانته".

وتوجه بحديثه للكنيسة، وقال: "لا تراهنوا على أن حرصنا على الوحدة الوطنية، وتصدينا للفتن الطائفية، وإيماننا بالمساواة بين كل المواطنين، بصرف النظر عن دينهم، سيحرجنا ويمنعنا من أن ننتقد ونرفض وندين تطبيع قادة الكنيسة مع العدو الصهيوني، مثلما أدنا من قبل تطبيع مفتي الجمهورية، الشيخ على جمعة".

زاخر يدافع: الزيارة للتطييب

في المقابل، قال المفكر القبطي كمال زاخر، إن زيارة الوفد الكنسي الرفيع المستوى إلى القدس، تأتي لسبب كنسي ومناسبة كنسية معروفة بين الأوساط المسيحية، وهي تطييب أجساد قديسين، بمعنى الاحتفال بذكرى هؤلاء القديسين بشكل طقسي كنسي.

وتابع القول بأن الزيارة مناسبة كنسية لا محل فيها للحديث عن وجود تبعات وأغراض سياسية، على حد قوله.

وأضاف في مداخلة هاتفية لبرنامج "ساعة من مصر"، عبر فضائية "الغد"، مساء السبت، أنه يتوقع بناء على تلك الزيارات المتكررة إلغاء قرار المجمع المقدس الذي كان أصدره البابا شنودة بعدم سفر أي قبطي إلى القدس كون تلك الزيارات غرضها ديني، حسبما قال.

سياق مريب للزيارة

وتأتي الزيارة الكنسية الجديدة عقب اجتماع قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، بتواضروس وعدد من رجاله، قبل أيام، وأقر فيه السيسي، وفق مراقبين، بتمرير مشروع قانون "بناء الكنائس"، الذي أعدته الكنائس المصرية الثلاث، عبر البرلمان، دون تعديل، في الأيام القليلة المقبلة.

وتستعد اللجان الدينية والتشريعية والدستورية والإسكان في مجلس نواب ما بعد الانقلاب، لمناقشة القانون حال إرساله من الحكومة.

وكان القانون شهد جدلا كبيرا في الأيام الماضية بين الحكومة والكنائس الثلاث، بشأن عدد من المواد الخلافية التي جرى التوافق عليها، في لقاء السيسي، المشار إليه بـ"البابا".
التعليقات (0)