سياسة عربية

الجيش الجزائري يضبط سقف "حرية التعبير" لضباطه السابقين

ينص القانون الجديد على واجب التحفظ الذي يتعين على العسكريين التحلي به عقب التوقف النهائي عن الخدمة- أرشيفية
ينص القانون الجديد على واجب التحفظ الذي يتعين على العسكريين التحلي به عقب التوقف النهائي عن الخدمة- أرشيفية
يعرض البرلمان الجزائري، بدءا من الأحد المقبل، مشروع قانون مثير للجدل، ويستهدف منع الضباط السابقين بالجيش الجزائري والمخابرات من التعليق على القضايا المطروحة على الساحة الوطنية، وخاصة ما تعلق بالملفات ذات العلاقة بنشاط المؤسسة العسكرية.

وأقر مجلس الوزراء بالجزائر، الذي اجتمع برئاسة عبد العزيز بوتفليقة في السابع من حزيران/ يونيو، مشروع القانون المتضمن للقانون الأساسي للمستخدمين العسكريين الذي سيعرض على المجلس الشعبي الوطني خلال الأيام المقبلة، وينص على واجب التحفظ الذي يتعين على العسكريين التحلي به عقب التوقف النهائي عن الخدمة بالمؤسسة العسكرية.

ورغم أن "واجب التحفظ" مبدأ معمول به، بقانون واضح بالجزائر سواء بالنسبة لضباط الجيش أو كبار المسؤولين بالقطاعات المدنية، المحالين على التقاعد، إلا أن مشروع القانون الجديد يضيق أكثر من هامش المناورة بالنسبة للضباط المتقاعدين من الجيش، ويوفر للسلطات العسكرية متابعة أي ضابط متقاعد في حال أقدم على تصريحات تصنفها المؤسسة المعنية مساسا بالأمن العام أو بسمعتها.

ويرى محمد خلفاوي، الضابط المتقاعد من المخابرات الجزائرية، بتصريح لـ"عربي21"، الثلاثاء، أن "الحفاظ على الأسرار العسكرية في صلب قسم أداه منتسبو الجيش والمخابرات في أول يوم التحاقهم بالسلك، وهذا يسري إلى غاية وفاتهم، وهي قاعدة معمول بها في العالم".

لكن خلفاوي يبدي مخاوفه من أن تتوسع دائرة "واجب التحفظ" للعسكريين لتطال المنع من الكلام، وتكميم الأفواه، والمساس بحرية التعبير التي يكفلها الدستور الجزائري.

وأضاف: "يجب ألا يصبح اليوم الذي ترك فيه العسكري الخدمة يوم إعدام له، أو إقامة جبرية في بيته حتى الوفاة".

وتواتر عن تحسن الأوضاع الأمنية بالجزائر خلال السنوات الأخيرة، بعد عشريتين من أعمال العنف المسلح، بروز موجة من الخبراء الأمنيين والمحللين العسكريين اشتغلوا بالسابق بمواقع متعددة داخل نظم مكافحة الإرهاب في الجيش والمخابرات والشرطة بالجزائر.

كما دفعت التغييرات التي قام بها الرئيس الجزائري، على مستوى جهاز المخابرات، والتي انتهت بإقالة رئيسه الفريق محمد مدين يوم 13 أيلول/ سبتمبر 2015، إلى بروز تيار معارض للنظام مشكل من العسكريين السابقين الذين أضحت تصريحاتهم ومشاركتهم ببلاتوهات السياسة بالبلاد ظاهرة مقلقة بالنسبة للنظام.

وتلزم المادة 24 من القانون الساري العمل به بالجزائر العسكري، بعد التوقف النهائي عن الخدمة، أن يظل ملزما بواجب التحفظ، وأي إخلال بهذا الواجب الذي من شأنه "المساس بشرف واحترام مؤسسات الدولة" يكون محلا لعدد من الإجراءات.

 ويتعلق الأمر بـ"سحب وسام الشرف"، ورفع شكوى بمبادرة من السلطات العمومية لدى الجهات القضائية المختصة وتنزيل الرتبة. ويذكر مشروع القانون المنتظر عرضه للتصويت بالبرلمان الجزائري، بأنه "يتعين على العسكريين المحالين مباشرة إلى الحياة المدنية، أن يتحفظوا على كل فعل أو تصريح أو سلوك من شأنه الإضرار بسمعة المؤسسات والسلطات العمومية".

ويعتقد العقيد المتقاعد عبد العزيز مجاهد أنه "يتعين التعاطي بإيجابية مع القانون الجديد"، موضحا بتصريح لـ "عربي21"، الثلاثاء: "إننا بحاجة ماسة إلى الحفاظ على سمعة الجيش".

وأحدث مشروع القانون جدلا واسعا بالجزائر، إذ استغربت لويزة حنون، زعيمة حزب العمال الجزائري، تكميم أفواه العسكريين السابقين، وقالت إنه "بمجرد إحالة الضباط السامين والجنرالات على التقاعد يصبحون مواطنين مدنيين، ومنهم من تولوا ويتقلدون مناصب سياسية واقتصادية وعن جدارة".

كما أفادت حنون: "ليس من المنطق أن نقوم بحرمان ضباط سامين من ممارسة السياسة والإدلاء بآرائهم في القضايا الوطنية والمسائل التي تهم المجتمع والرأي العام، خاصة أن الدستور يضمن مبدأ المساواة بين جميع المواطنين".
التعليقات (0)