حول العالم

"الأستاذ" مدرس سوري يبيع خضاره بتركيا بإقناع زبائنه بفوائدها

استقر العدد الأكبر من اللاجئين السوريين في المدن الحدودية التركية وبينها أنطاكيا- أرشيفية
استقر العدد الأكبر من اللاجئين السوريين في المدن الحدودية التركية وبينها أنطاكيا- أرشيفية
من مناطق سيطرة النظام في مدينة حلب، خرج المدرس أحمد الموسى "أبو علي" لاجئا إلى مدينة أنطاكيا التركية، بعدما فقد الأمل بالاستمرار في العيش بشكل طبيعي، وبعدما بدأ النظام السوري يحاول جرّ موظفيه للالتحاق بدورات عسكرية ليكونوا ضمن ما أطلق عليه "قوات الدفاع الوطني"، فضلا عن أن راتب "أبو علي" الذي يحصل عليه لا يتعدى الـ70 دولارا في الشهر.

وفي حديث لـ"عربي21" مع "الأستاذ"، وهذا لقب يطلقه عليه زملاؤه في سوق الخضار بأنطاكيا، تحدث الرجل عن جانب من قصته قائلا: "عندما غادرت حلب كنت أملك بعض المال الذي جمعته من بيع كل الأشياء التي أملكها، وليس من راتبي الذي يعادل دولارات قليلة، لكنني تفاجأت أن معظمه قد أُنفق حتى استطعت الوصول للحدود ومن ثم عبورها والوصول إلى أنطاكيا، وكان للمهربين النصيب الأكبر من المبلغ، رغم ذلك فقد كان وصولي وأسرتي إنجازا عظيما بالنسبة لي".

ويوضح أنه بعد وصوله إلى أنطاكيا استأجر "منزلا متواضعا جدا، وبدأت بالبحث عن فرصة عمل، فالوقت ليس من صالحي وما أملكه من مال سينفد خلال شهر على الأكثر".

ويضيف: "قمت بالتواصل مع مدارس سورية عدة في مدينة أنطاكيا، وتوقعت أن الحصول على فرصة عمل في التدريس أمر ميسر وبسيط، لكن الوضع كان مختلفا عن كل تصوراتي".

وبعدما واجه "الأستاذ" ما واجه من مصاعب، فقد بدأ بالتفكير في عمل خاص مهما كان نوعه، وتجول في المدينة أياما أدرك خلالها أن العمل في إحدى المنشآت الصناعية أو التجارية غير متوفر، فقرر مدرس العلوم افتتاح مشروعه الخاص البسيط، وهو عبارة عن عربة لبيع الخضار، والانطلاق إلى "سوق الخضرة" للعمل.

ورغم بساطة مشروعه، فإنه عانى كثيرا في البداية، إذ إنه كان غير مرحب به من قبل باقي الباعة والمنافسين، ومن ثم تحسنت علاقته معهم وبدأ في تعلم بعض المفردات التركية رغم أن قسما كبيرا من أهالي أنطاكيا يتكلمون العربية.

ويقول الموسى ساخرا من الحال الذي وصل إليه: "هنا أيضا ينادونني بالأستاذ بعدما حكيت لهم قصتي، وبدأ باعة السوق يحبونني كما أنني بدأت أحبهم، حتى إن الزبائن علاقتي معهم جيدة، وهنالك زبائن أتراك لا يشترون إلا مني في حال توفر لدي ما يريدونه، كما أنني بارع في الترويج لبضاعتي وطريقة بيعها للزبون".

ويروج "الأستاذ" لبضاعته بطرق لا تخلو من الطرافة، فهو يقدم لزبائنه معلومات عامة عن كل نوع من الخضراوات يبيعه. ويتابع: "في الحقيقة أبالغ في الموضوع أحيانا، فدائما يكون الصنف الذي أبيعه من أهم أصناف الخضار وأنواعها، فأشرح لهم فوائده الصحية، كما أنني أنجح في جعل الزبون يشتري ما لم يخطط لشرائه نظرا لفوائده العظيمة التي يحتاجها جسمه بالتأكيد".

ويكمل حديثه لـ"عربي21" قائلا: "لا أكذب عليهم بل أعطيهم معلومات حقيقية أعرفها تماما كوني مدرس علوم ولدي بعض الخبرة في ذلك، وهذا يساعدني على البيع وكسب الرزق، كما أن معظمهم يستمع لي باهتمام عندما أبدأ بشرح الدرس لهم وكأنني في المدرسة أمام طلابي".

ويرى أن "الناس تحب البساطة والابتسامة، وأنا خبرت ذلك فمزجت الأسلوب الكوميدي، بالتعليمي، بالتجاري، وبالنتيجة فإن ذلك يؤدي إلى حصولي على ثمن طعام أطفالي، وإيجار المنزل الذي نقيم فيه"، كما يقول.
التعليقات (0)