ملفات وتقارير

مجموعات مرتبطة بتنظيم الدولة تستنزف الجيش الحر جنوب سوريا

تشترك في قتال الفصائل المرتبطة بتنظيم الدولة غالبية فصائل الجيش الحر والقوى الإسلامية الرافضة للتنظيم - أرشيفية
تشترك في قتال الفصائل المرتبطة بتنظيم الدولة غالبية فصائل الجيش الحر والقوى الإسلامية الرافضة للتنظيم - أرشيفية
منطقة حوض اليرموك الاستراتيجية، في جنوب سوريا الحالية، وفي قلب سوريا الطبيعية (بلاد الشام)، فيها كان يوم اليرموك مع هرقل، وفيها غلبت الروم في أدنى الأرض، وبالقرب منها كانت حطين.

حوض اليرموك الذي يشهد حاليا صراعا دمويا بين فصائل الجيش الحر، أو ما يعرف بـ"المعارضة المعتدلة" من جهة، وتشكيلات تتهم بمبايعة تنظيم الدولة مثل لواء "شهداء اليرموك" وأخرى تحمل فكر التنظيم كـ"حركة المثنى الإسلامية"، من جهة أخرى، تعد منطقة ذات أهمية "جيوسياسية" وعسكرية بالغة، بحسب تعبير المتخصص في العلوم السياسية، العقيد الركن عبد الله الأسعد، فهي "تحاذي الجولان المحتل من الشرق والأردن من الشمال فضلا عن إطلالتها على فلسطين المحتلة".

ويضيف الأسعد لـ"عربي21": "من يتحكم بهذه المنطقة يتمتع بمكانة عسكرية كبيرة، فهي تمتد على نصف مسافة الجبهة بين فلسطين وسوريا البالغة 74 كيلومترا، وفيها العديد من التلال الحاكمة، ومن يمتلك قوة عسكرية في هذه المنطقة لا بد أن يكون مؤثرا في القرارات السياسية"، وهذه الميزات، بحسب الأسعد، تجعل المنطقة مهمة جدا لدول الجوار.

الصراع في هذه المنطقة بدأ يتسع بعد أن تحرك لواء "شهداء اليرموك"، المتهم بمبايعة التنظيم، وبتنسيق غير معلن مع حركة المثنى، بالانقضاض على بلدات تسيل وعدوان، وقطع الطرق الموصلة إلى مدينة نوى، فضلا عن السيطرة على بلدات تل شهاب، والمزيريب وحيط وجلين، الواقعة في عمق حوض اليرموك، وهذا الأمر دفع فصائل الجيش الحر إلى التحرك لمواجهته.

ويوضح قائد "جيش اليرموك" لـ"عربي21" أنه "بعد أن خرج "شهداء اليرموك" عن طوق الحصار، حاول الخروج من القرى التي يتمركز بها باتجاه بلدة الشيخ سعد، وذلك بعد قدوم قيادات جديدة من خارج المنطقة، مثل أبي عبد الله المدني، الذي حاول التمدد إلى المنطقة ودخل إلى بلدة تسيل، في حين تم قطع الطريق على نوى من جهة الشيخ سعد من قبل حركة المثنى، ورفعت سواتر ومنعت الدخول والخروج، وهي حركة مشابهة لما فعله شهداء اليرموك في تسيل".

تحرك فصائل الجيش الحر، وعددها 18 فصيلا، اعتمد مرجعية مدنية قضائية هي "دار العدل في حوران"، وهذا التحرك يراه الصحفي محمد العويد أمرا موجعا، لكنه، كما قال لـ"عربي21"، "الخيار الأفضل بين خيارات تبدو ملامحها في الشمال السوري، فمن المؤكد أن لا أحد من القوى، سواء السورية أو الإقليمية الجارة أو الدولية، ستغض النظر طويلا عن تواجد فصائل تعلن جهارا تطرفها وانتماءها لتنظيم الدولة أيا يكن منتموها"، وفق تقديره.

ويضيف العويد: "القصف والطيران سيعاود طلعاته إن بقيت الحالة في الجنوب متأزمة، وهنا تبدو خيارات المواجهة (..) وبأقسى تجلياتها، فالرمد أهون من العمى، وهو لن يصيب الجنوب بوعي أبنائه وحرصهم ووفائهم لثورتهم وساحاتها"، بحسب قوله.

لواء "شهداء اليرموك" الذي أعلن أنه لم يبايع تنظيم الدولة، يُكفّر فصائل الحر والحركات الإسلامية، مثل "جبهة النصرة" وحركة "أحرار الشام"، وهو منهج كانت حركة المثنى تخفيه حتى أيام قليلة ماضية، إذ قال أميرها ناجي المسالمة (أبو أيوب)، في أحد لقاءاته الإعلامية: "أي فصيل من الفصائل يسعى لتحكيم الأحكام الوضعية ويجعلها دستورا في الحياة فهو بذلك يخالف كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وبالتالي هو ليس بأخ لنا ودماؤه مستباحة".

العويد، ورغم أنه يعتبر محاربة الأفكار "المتطرفة" أهون الشرين، إلا أنه يشير إلى أن "ثمة مخاوف من أن يكون التحرك نتاج توافقات دولية وإقليمية، بمعنى رسائل لحلفاء الأسد بأننا يمكن أن ننتصر على التنظيم في أماكن كما انتصرتم في تدمر، بدليل ما يحققه الجنوب السوري، لكن المخاوف في أن يترك الجنوب لمصيره دون أي دعم كما شهدنا مع فصائل أخرى في شمال سوريا"، وفق تعبيره.

ويضيف: "أما إن كان بداية لتوافقات حقيقية، سواء لجهة توحيد قوى الجيش الحر، أم لجهة إنهاء قوى راديكالية مرفوضة أصلا من السوريين وشركائهم، كما رفضوا مسبقا نظام الأسد وحلفاءه، فهو أمر مرحب به".

من جهتها، أكدت "دار العدل"، وهي المرجعية القضائية الوحيدة في حوران، أن الحملة العسكرية هدفها استئصال الفكر المتطرف من المنطقة الغربية في حوران، وهو توصيف لا يراه كذلك العقيد الأسعد، إذ يقول: "ما يحدث ليس نزاعا فكريا. هناك معارك وحرب شرسة جدا".

فتنظيم الدولة الذي يستنزف الجيش الحر، بحسب تعبير الأسعد، عبارة عن "فرع مخابرات سوري روسي، فالتنظيم يعمل على تحرير المحرر"، كما قال.

ويضيف: "لو كان التنظيم يريد أن يقاتل لقاتل النظام، فلواء شهداء اليرموك منذ عامين أوقف القتال مع النظام، ولم يطلق طلقة واحدة على ضاحية درعا الغربية الواقعة تحت مرمى مدفعيته".

ويحذر الأسعد من تمكن تنظيم الدولة من منطقة اللجاة، الواقعة في الجهة الأخرى من حوران (الشمال الشرقي)، ويرى أن سيطرته عليها ستكون بمثابة كارثة، وفق تقديره.

وقال: "إذا تمركز التنظيم في اللجاة لن يستطيع أحد إخراجه منها، وحاليا جاءت فلول من تدمر دخلت في مناطق النظام ووصلت إلى مشارف اللجاة وتخوض اشتباكات يومية مع العشائر هناك".
التعليقات (1)
rmb
الجمعة، 01-04-2016 07:14 م
الدواعش عليهم لعنة الله دائما وأبدا ..