مقالات مختارة

رئيس الوزراء والمرشح للرئاسة وداء الكراهية

محمد قيراط
1300x600
1300x600
عندما يتدخل رئيس الوزراء في شؤون الكرة وفي قضية لازال القضاء لم يفصل فيها، فالأمر ليس بسيطا ومجرد حرص مسؤول كبير في الدولة على أخلاق من يمثل المنتخب الوطني في المحافل الدولية.

قضية اللاعب الدولي الفرنسي ذي الأصول الجزائرية كريم بن زيمة أخذت منعرجا خطيرا يعكس فشل السلطة الفرنسية في التعامل مع الأقليات والديانات والثقافات العديدة التي تعيش على أراضيها، كما يعكس التعالي والغطرسة والفصل والتمييز ما بين الفرنسي مائة بالمائة والفرنسي من أصول أجنبية.. فالصحافة الفرنسية تفننت كيفما شاءت في القضية دون التريث وانتظار ما سيسفر عنه القضاء من حكم.. فابن زيمة حكمت عليه الصحافة الفرنسية قبل أن يحكم عليه القضاء الذي قد يبرؤه من الاتهامات التي وُجهت إليه، وعندها فالصحافة الفرنسية لا تعتذر وإنما تتجاهل الحكم تماما.

رئيس الوزراء الفرنسي صرح بأن الرياضي يجب "أن يكون مثالا وإلا ليس له مكان في منتخب فرنسا، ارتداء قميص فرنسا أمر مهم جدا في هذه الأوقات".. ويأتي تصريح فالس بعد أسبوع فقط من الحملة التي شنتها الوزيرة السابقة نادين مورانو عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف تجريد كريم بن زيمة من شرف تمثيل منتخب فرنسا، متهمة إياه بعدم احترام النشيد الفرنسي، وإهانة ضحايا تفجيرات باريس بسبب بصقه في أرضية الملعب مباشرة بعد انتهاء النشيد الفرنسي قبل مباراة الكلاسيكو. 

قضية بن زيمة تنبعث منها رائحة العنصرية الفرنسية تجاه كل ما هو غير فرنسي، فبعد أحداث باريس بدأت تتعالى الأصوات المناوئة والعنصرية وانتشرت ثقافة الكراهية ونبذ الآخر، حيث خرجت بعض الصحف لتدعي أن كريم له اليد الطويلة في تصوير الفيلم، وأنه لا يحترم السلام الوطني الفرنسي...إلخ..
واللافت هنا كيف خرج فالبوينا على الإعلام ليدعي أنه فقد المصداقية بينه وبين كريم ولم يتوقع هذا الأمر منه، مدعيا أنه “خان أمانته ولم يكن عند حسن ظنه”! الوقت الذي خرج به زاد الطين بلة على كريم، هل يمكن أن يكون وراء هذا الخروج دافع سياسي؟ أخيرا وليس آخرا ما قاله رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس بأن كريم لا يستحق تمثيل فرنسا، هل هو حجر الأساس في التراكمات الرياضية التي طالتها السياسة؟ ربما في القادم من الأيام سيظهر كريم وكأنه يتبع فصيلا ما وله علاقة بالعقل المدبر لتفجيرات باريس!

نحن لا نقضي في عرضنا لهذه القضية التي شغلت الصحف الرياضية وأسالت الحبر مؤخرا أن نربط كريم بالإرهابيين، فذلك بعيد كل البعد ولا صلة له، ولكن أن تجد كل هذه السكاكين تكثر على رقبة المخطئ، فكريم مخطئ وإن لم يقصد، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته وهذا ما يحيّر عقل الملاحظ لسلوك الإعلاميين والسياسيين على حد سواء في فرنسا، وما هي الدوافع وما هي الأهداف من وراء هذه الحملة الإعلامية المنظمة؟ السلسلة طويلة في عنصرية من يدعي محاربتها، فمن يمكنه أن ينسى ما قاله سمير نصري نجم وسط مانشستر سيتي عندما استبعده ديشامب من تمثيل “الديكة”، حيث كانت كلماته واضحة وجاءت كالتالي “أواجه اتهامات وتعاني أسرتي جراء ذلك، لا أريد لأسرتي أن تعاني، لذلك أرى أنه من الأفضل التوقف والتركيز على مسيرتي مع النادي فقط”، ممتنعا عن الاستجابة لأي طلب للعودة إلى المنتخب الوطني الفرنسي، وفضل نصرة أسرته على الدفاع عن ألوان فرنسا.

من جهة أخرى، وفي بيان أصدرته حملته الانتخابية تحت عنوان "منع الهجرة الإسلامية"، اعتبر دونالد ترامب، المرشح الأوفر حظا للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية، أن منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة أمر ضروري لحفظ الأمن. وأصدرت حملة ترامب الانتخابية بيانا بعنوان "بيان دونالد ترامب لمنع الهجرة الإسلامية"، وجاء فيه أن "دونالد ترامب يدعو إلى وقف تام وكامل لدخول المسلمين إلى الولايات المتحدة حتى يفهم نوابنا ما جرى".

دونالد ترامب قال، استنادا إلى استطلاع للرأي في صفوف المسلمين الذين يعيشون في الولايات المتحدة، إن عددا كبيرا منهم يكن "الحقد" للأمريكيين. وتابع ترامب في هذا البيان "من أين يأتي هذا الحقد ولماذا، يجب أن نحدد ذلك. وحتى نكون قادرين على تحديده وفهم هذه المشكلة والتهديد الخطير الذي يمثله، لا تستطيع بلادنا أن تبقى ضحية هجمات إرهابية من بعض الناس الذين لا يؤمنون إلا بالجهاد، وليس لهم أي احترام للحياة الإنسانية". الغريب في الأمر أن دونالد ترامب نسي أعماله التجارية في دول الخليج وخاصة مشاريعه العقارية في دبي، وكأنه نسي أن الإماراتيين والخليجيين يدينون بالإسلام.

من خلال ما تقدم نلاحظ أن موضوع الإرهاب والعلاقة مع الآخر لازال بحاجة إلى دراسات وأبحاث ومؤتمرات وندوات كثيرة، لتصحيح الكثير من الالتباسات والأخطاء والمغالطات...إلخ.. فالخطر الأساسي في الأمر هو عندما يروّج السياسي وصانع القرار والنخبة المثقفة لأفكار هدامة ولثقافة الحقد والكراهية، التي لا تخدم في الأساس وبالدرجة الأولى إلا أهداف القوى الظالمة والجماعات الإرهابية.

عن صحيفة الشرق القطرية

0
التعليقات (0)