رياضة عربية

الرياضة بمناطق تنظيم الدولة في سوريا: متنفس بزمن الحرب

يحاول الشباب ممارسة الرياضة ضمن شروط التنظيم
يحاول الشباب ممارسة الرياضة ضمن شروط التنظيم
قد يكون مثيرا وغريبا الحديث عن النشاطات الرياضية في سورية عموما، والمناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة خصوصا، فالرياضة ترتبط غالبا بالطمأنينة والاستقرار، فقد توقفت الرياضة بشكل كامل في المناطق المحررة، قبل أن يسيطر عليها تنظيم الدولة، بسبب كثافة القصف.

يقول الطالب الجامعي مؤيد، من منبج بريف حلب الشرقي: "لم نعتد القصف بداية، وكذلك النزوح وعدم الاستقرار، ولكن بعد فترة عادت الناس لممارسة حياتها الطبيعية، ولكن توقفت الرياضة مرة أخرى خوفا من داعش التي لم توقف الرياضة، ولكنها فرضت شروطا على ممارستها".

وانحصرت المنافسات الرياضية في إطار محلي؛ إذ توقفت الرياضة المنظمة والدوريات الرسمية بعد انفصال مناطق الثوار عن مناطق النظام، وانحصرت في دمشق والساحل تقريبا، وأغلب مباريات الدوري تقام بشكل ضيق، فيما فقدت الكرة بهجتها.

يتابع مؤيد قائلا: "لا يوجد أي نشاط رياضي رسمي، سواء في مناطق الثوار أو المناطق الواقعة تحت سيطرة داعش"، ولكن ذلك لم يمنع تنظيم النشاط الرياضي نوعا ما.

وبعد سيطرة التنظيم على مناطق في سوريا، تنوعت الأنشطة الرياضية من مدينة لأخرى، تبعا للظروف الأمنية، فشهدت منبج نشاطا رياضيا مميزا.

وفي هذا السياق، يقول محمود، وهو لاعب بأحد فرق منبج: "في منبج عدة دوريات منها دوري الحسون للملاعب السداسية ودوري اليونس للملاعب السداسية أيضا"؛ إذ قُسمت الفرق المشاركة لعدة مجموعات يتأهل الأول والثاني من كل مجموعة حتى يصل فريقان للنهائي؛ ليحصل الفائز على جوائز رسمية، وكل ذلك في إطار النشاط الفردي.

يتابع محمود فائلا: "الشباب ينظمون الدوري فيما بينهم دون أي رعاية رسمية (من التنظيم)، فأحيانا يبدأ الدوري قبل انتهاء الدوري الأول"، فيما اللاعبون كلهم هواة غير متفرغين.

وبرزت أسماء جديدة للفرق الرياضية إضافة للتي كانت سائدة سابقة، بحيث تتماشى مع الوضع الجديد، مثل "التوحيد"، و"السلام"، ولم يعترض التنظيم على التسميات أو يتدخل فيها.

وانحسر النشاط الرياضي كثيرا في المناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة التنظيم، كدير الزور وريفها، والباب في ريف حلب، حيث تشهد هذه المناطق قصفا عنيفا.

يقول عبد العزيز، من الشميطية في ريف دير الزور الغربي: "تجري المباريات على ملاعب ترابية لا وجود للعشب فيها، فلا إمكانية ولا رعاية من أحد"، ويسري الأمر ذاته على الشحيل.

ويشارك عناصر تنظيم الدولة غالبا في المسابقات الرياضية، بل يكون لهم أحيانا فريقهم الخاص.

يقول عبد الرحمن من الخفسة، في ريف حلب الشرقي: "يشاركوننا (عناصر التنظيم) ببعض المباريات في دوري الخفسة الذي كان يقام بالقرب من ناحية الخفسة على أرضية ترابية".

وفي السياق ذاته، يقول ياسر من الخفسة: "شاركونا اللعب بدوري الكرة الطائرة، حيث لهم فريق يلعب ضدنا، ويتقبلون الخسارة بروح رياضيّة، ولكن بعض الشباب يخشى اللعب خوف تلفظه بألفاظ نابية أو كفرية أثناء اللعب تكون عقوبتها وخيمة".

وينسحب الأمر ذاته على الجانب التشجيعي، إذ منع التنظيم مشاهدة المباريات عبر التلفزيون، في المقاهي والأماكن العامة، بدعوى المخالفات الشرعية حينا والناحية الأمنية حينا آخر.

يقول أبو محمد، صاحب مقهى في منبج: "أغلق التنظيم كثيرا من الصالات و صودرت أخرى مثل صالة الحديقة العامة التي صادرها التنظيم؛ بحجة أنها ملك عام، ونادي الباسل الذي توقف عن العمل، وبالتالي تحضر الناس المباريات في بيوتها".

والغريب أن التنظيم منع الناس بالأماكن العامة ما أباحه لعناصره بالمقرات، قبل منع التلفاز مؤخرا.

ويقول حليم، أحد سكان منبج: "أعتقد أن عناصر داعش كانوا يحضرون مباريات كرة القدم، فهم يشغلون المولدة بداية كل مباراة في كأس العالم الماضي، ونسمع أصوات التشجيع والهتافات"، بحسب قوله.

ورغم ما يشاع عن محاربة الرياضة، لكن في الواقع أن الوضع العام لا يسمح بها، رغم ما يتردد عن التنظيم بإعدام 13 شخصا في العراق لحضورهم مباراة كرة القدم بين العراق والأردن.

ويقول أحد عناصر التنظيم: "الدولة الإسلامية تنفذ أحكامها علنا، ولو أنها قامت بذلك لنشرها إعلام الدولة، وهذا خبر من أخبار كثيرة كاذبة، والحقيقة بالتأكيد معروفة للسكان المحليين"، وفق قوله.

وفي هذا الإطار، يلفت الانتباه جذب التنظيم عددا من الرياضيين العالميين لصفوفه، مثل "نيرو سارايفا" و"سيلسو رودريجيز" و"دا كوستا روريجيز" و"ساندرو وفابيو بوكاس"، و هم خمسة لاعبين برتغاليين كانوا يلعبون لأندية إنكليزية، بحسب صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، كما انضم أحد اللاعبين الذين لعبوا لفريق أرسنال إلى التنظيم، وهو يحمل لقب "أبو عيسى الأندلسي"، بحسب الصحيفة ذاتها.

ومؤخرا نفى حارس مرمى منتخب شباب سوريا، عبد الساروت، انضمام للتنظيم. ويقود الساروت الآن "كتيبة ثوار البياضة"، وتعرض أخيرا لحملة عسكرية من جبهة النصرة التي اتهمته بمبايعة التنظيم.

وتبقى الرياضة في مناطق التنظيم مجرد هواية، وفرصة للترويح عن النفس وزيادة النشاط في وقت كثرت فيه الضغوط النفسية، وربما تكون القطاع الوحيد الذي سلم من حظر التنظيم.
التعليقات (0)