كتاب عربي 21

عهد السبسي: انحطاط الدولة

طارق الكحلاوي
1300x600
1300x600
كلما انتقد من كان سابقا في السلطة خاصة في إطار أول مجلس منتخب سنة 2011، وكنا من بينهم في إطار مرحلة الرئيس المنصف المرزوقي، إلا وانبرى داعمو التحالف الحاكم بما في ذلك حزب السبسي للقول إنه لا يحق لنا نقدهم وسوق كل  التبريرات التي كانت ضمنيا تعتبر عهد بن علي الأفضل.

 أريد الآن أن أخوض بعض المقارنات البسيطة بناء على المعطيات وليس الشعارات بين الفترتين خاصة أن هؤلاء سيحتفلون بعد أسابيع قليلة بالذكرى الأولى لانتخابهم في السلطة، وشعارهم الدعائي الأساسي في حملتهم التي تحايلوا فيها على التونسيين كان "هيبة الدولة".
فهل حقق هؤلاء "هيبة" للدولة أم ساهموا بشكل حثيث في صناعة انحطاط غير مسبوق؟!

هل سبق أن حققت تونس خلال مرحلة رئاسة المنصف المرزوقي نسب نمو تقارب الصفر في المئة؟! ونسب إغلاق غير مسبوقة للنزل؟! والتراجع الأسوأ في ترتيب "منتدى دافوس" في مؤشر التنافسية؟! 

هل حدث أن اقتحم وتفقد أمين عام حزب حاكم في مرحلة الترويكا مدرسة ابتدائية ووزع هدايا باسم حزبه في سياق حملته الانتخابية لمؤتمر حزبه؟! و وزير التربية الشجاع والحازم جدا (أمام النقابات) صامت، والقوى "التقدمية" المناضلة من أجل حياد المؤسسات العمومية صامتة، وحلفاء الحزب الحاكم الأكفاء والضامنين للحريات صامتون، والإعلام الجريء والمتحدي... صامت؟!

هل سبق في عهد الرئيس المرزوقي أن تم الإعلان عن انضمام تونس إلى "تحالف دولي" من خلال رئيس دولة أجنبي ويكون ممثل الدولة التونسية حاضرا في هذا الإعلان مثل غيره يستمع إلى الإعلان مثل بقية المواطنين؟! 

هل سبق أن دخلت تونس في إطار تقاليدها الدبلوماسية المعروفة بـ"الحياد الإيجابي" إلى أي تحالف عسكري خارج إطار الأمم المتحدة، خاصة أن السبسي وحزبه تحايلوا على التونسيين باصطناع اتباعهم المدرسة البورقيبية والتي حرصت طوال عقود لتجنيب تونس الدخول في أي تحالفات ومحاور عسكرية من أي نوع؟! وخاصة أنه، ومثلما حدث في الإعلان الأمريكي لإدراج تونس في مرتبة "العضو غير الحليف" في الناتو، لم يتم التنسيق مع حليف إقليمي تاريخي لتونس معروف بتوافقه مع بلادنا في سياسة تجنب الأحلاف  أي الطرف الجزائري؟!

وهنا بالمناسبة ليس هناك أي شك أن مواجهة "داعش" تستوجب بالضرورة تنسيقا مع أطراف إقليمية ودولية، لكن هناك فارق شاسع بين الدخول في تحالف يستدعي انخراطا أمنيا وعسكريا خارج الحدود التونسية والتنسيق العسكري والاستعلاماتي في مواجهة مجموعة إرهابية في إطار التراب التونسي. 

هل سبق في عهد الرئيس المرزوقي أن انتحل أي من مستشاريه الذين يحملون الصفات الإدارية لـ"الوزير" و"كاتب الدولة" في زياراته الخارجية (بما في ذلك إلى الولايات المتحدة) لصفة وهمية من نوع "وزير الشؤون السياسية" والأدهى أن يوقع بتلك الصفة المزيفة بروتوكول اتفاق مع حكومة أجنبية؟! 

هل سبق في عهد الرئيس المرزوقي أن لا يقوم رئيس الجمهورية عقب أكبر عمليتين إرهابيتين في تاريخ الجمهور ية، من حيث الانعكاسات وعدد الضحايا، بأي إجراء يهم الأمن القومي سوى تسخين قانون "طوارئ" من آخر السبعينات، وفي المقابل أن يوظف حالة الهلع العام لتمرير قانون يسمح لمن سانده في الحملة الانتخابية لفسخ التتبعات القضائية ضدهم في قضايا الفساد؟! أو يكون هاجسه الأساسي إعادة "كفاءات" الدعاية للاستبداد والفساد من حزب بن علي مثلما تنقل أحد الصحف الموالية للسبسي وحزبه حيث أذنت: "الجهات الرسمية منذ ما قبل شهر رمضان المعظم الماضي بفتح ملفات عدد من إطارات تعمل في الوظيفة العمومية ومؤسسات الدولة وهم من خريجي الأكاديمية السياسية للتجمع المنحل"؟! 

هل حدث أن يكون هاجس رئيس الدولة الأول وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة والمسؤول الأول عن الأمن القومي أن يكون هاجسه تطبيع الفساد في حين أن وظيفته الأساسية تقتضي أن  يبادر بإجراءات خاصة لمواجهة الإرهاب مثل التركيز على شراء تجهيزات عسكرية لمحاربة الإرهاب أو التحضير لاستراتيجيا وطنية لمكافحة الإرهاب مثلما كان يفعل الرئيس المرزوقي؟! 

هل سبق في عهد الرئيس المرزوقي أن خرج بعد أي مأساة ليثبط من عزائم شعبه ويعتبر أن هجوما إرهابيا آخر سيؤدي إلى انهيار الدولة؟! وأن يتجاهل جنازات الأمنيين والعسكريين الذين سقطوا في معارك الدولة ضد الإرهاب في حين يهرول لجنازة ملك أجنبي أو ينتهز فرصة موت أمير في دولة أخرى لزيارتها بعد تجاهل طلبه لزيارتها طيلة اشهر؟!

هل حدث في عهد الرئيس المرزوقي أن تكون علاقات تونس بجميع الأطراف الليبية المتناحرة سلبية وصدامية في الوقت الذي يجب أن تمثل فيه حماية هذه الحدود مع ما تبقى من أجهزة الأمن الحدودية هاجسا أساسيا؟! وأن لا تكون تونس حاضرة في أي اجتماعات للمصالحة الليبية في حين تحضر جل دول غرب المتوسط حتى مالطا في حين كانت تونس تنظم هذه الاجتماعات وآخرها الذي أشرف عليه الرئيس المرزوقي في صيف 2014 في مدينة سوسة؟! 

هل حدث أن تدهورت علاقات تونس حتى مع أصدقاء من هم في السلطة؟! فالدولة التي أرسلت سيارات مصفحة للسبسي ودعمته علنا وسرا تحجب حتى أبسط الإجراءات القنصلية عن المواطنين التونسيين حتى المقيمين منهم؟! أي أن السبسي وحزبه لم ينجحوا حتى في تسيير علاقات تونس الدبلوماسية بحلفائهم؟!

وكل ذلك للذكر لا الحصر. 

لن ندعي أبدا أن عهد المرزوقي كان مثاليا. قمنا بأخطاء وكان للمرزوقي الشجاعة الكافية للاعتذار عنها. في المقابل ادعوا أنهم المنقذون وباعثو هيبة الدولة. 

عهد السبسي هو انحطاط الدولة… بامتياز. إن صح التعبير. 
التعليقات (2)
نجيب بوعزيز
الأربعاء، 07-10-2015 09:22 م
الجمل ما يشوفش عوج حدبتو بخلاصة جماعة المؤتمر كلهم مصابون بالنرجسية بالوصولية وبعدم ا?عتراف بأخطائهم الفادحة ونتيجتهم في الإنتخابات التشريعية تدل على هذا
mohsen
الأحد، 04-10-2015 06:12 م
بربي يزينا من كلامك المليان بالحقد و الكراهية . بدون إطالة فلوسكم وفات