قضايا وآراء

المختطفون الأربعة وتداعيات تقصيرنا

إبراهيم المدهون
1300x600
1300x600
 رسالة من خال المختطف عبد الدايم أبو لبدة انتشرت في العيد تقول: "أقسم بالله العظيم أن والدة عبد الدايم أبو لبدة منذ صباح اليوم حتى اللحظة لم تتوقف عن البكاء".. إذا لم يكن عيد الأضحى لهذه العائلات وأخواتها بل عيد البكاء والألم والحسرة، ما فائدة كل أضحياتنا وتبهرجنا في حين أن أربعة شباب كورد الجنينة الجميل يتم اختطافهم على مرأى ومسمع من العالم أجمع دون أن يحرك أحد ساكنا؟ كيف حال آبائهم وأمهاتهم وإخوانهم وأخواتهم وأصدقائهم؟! وكيف حالهم هُم؟ وما هو مصيرهم؟ وكيف هو واقعهم المجهول؟!

العيد لم يكن عيدا ولم يكن مبهجا لأن عائلات المختطفين عاشت بقلق وألم وبؤس وبكاء ولوعة وخوف وتذكر وجنون وكآبة، فكيف لمسؤول أن يضحك ويجتمع ويعيد أبناءه ويكون معهم على سفرة واحدة، في ظل واقع كئيب كل هذه الكآبة لشباب الوطن؟ إننا أمام حادث خطير إنساني سياسي أمني جمعي يجب الوقوف عليه بمسؤولية عالية، وما زلت ألحظ أن ردة فعلنا ليست على قدر هذا الحدث وخطورته.

لا بد أن نلوم أنفسنا أولا على تقصيرنا أمام خيرة شبابنا، وحقيقة يعجبني منطق الاحتلال الإسرائيلي الذي يشن الحروب وتهتز الدنيا لاختفاء جندي واحد أو مواطن من مواطنيه، والجميع عندهم يتكاتف لا يسأل عن أي الأحزاب ينتمي، وهل هو متدين أم علماني؟ شرقي أم غربي؟
 
هناك من يدعي أن تدخل كتائب القسام أربك حركة التضامن، وهذا مبرر سخيف يسوقه البعض ليداري جبنه وتقصيره وليريح ضميره، تبني وحديث كتائب القسام عليه أن يزيد من تضامننا ودفاعنا عنهم، فماذا نحن من غير كتائب القسام؟ ماذا نحن من غير شباب القسام الذين يحفرون الأرض ويصنعون الصواريخ ويخوضون البحر ويجودون بأرواحهم وجهدهم وجهادهم وحياتهم من أجل عزتنا وكرامتنا؟ ما قيمة غزة وشعبها من غير شبابها وجنودها ومقاوميها؟! من يدافع عنا في الخطوط المتقدمة؟ ما هو فخرنا أصلا كشعب فلسطيني إلا بهؤلاء الذين يسطرون أروع آيات التضحية والفداء؟

إن الحراك الشعبي والفصائلي والحمساوي والرسمي والسلطوي ضعيف جدا لا يرقى لمستوى الحدث
والفجيعة، وهذا سيؤدي لتمادي الجهة الخاطفة وسيشجعها على انتهاك الحرمات الفلسطينية والدوس على كرامتنا. وتمرير الحادث بهذا الضعف في التضامن والاهتمام سيجر علينا ويلات لها أول وليس لها آخر، ولهذا لم يكتف النظام المصري باحتجازهم وإخفائهم وإهمال قضيتهم، لكنه الآن يقوم بإغراق الحدود بالماء الملوث الفاسد ليعاقب غزة، فالجميع مستهدف وكلنا في سفينة واحدة، ولو استطاع السيسي أن يغرقنا بالبحر لفعل أمام صمتنا وترددنا في التضامن مع شبابنا ورفع الظلم عنا.

وللأسف، فإن صمت المقاومة وأهالي غزة سيدفعون ثمنه أضعافا مضاعفة، ولن ينجيهم إلا التداعي ومواجهة الحقائق وكشف الأوراق ومحاورة النظام المصري الذي يشدد الخناق يوميا علينا.

من المؤكد أن المختطفين الأربعة تحتجزهم السلطات المصرية، وعلينا التركيز في حملات التضامن وتجييش المجتمع للضغط بكل السبل المشروعة والمعروفة، وأتمنى من النشطاء والشباب العمل جديا في حملة تضامن شعبية لإيصال الصوت بكل لغات العالم حول مأساة أربع عائلات يختطف أبناؤها ويتم إخفاؤهم. 
التعليقات (0)