قضايا وآراء

أزمة اللاجئين.. العار الذي لحق بالعرب والمسلمين

رضا حمودة
1300x600
1300x600
لا شك أن أزمة اللاجئين السوريين ومعهم العراقيين الأخيرة قد فجّرت مشاعر من الغضب والاستياء الشديدين محليا وعالميا، خاصة بعد نشر صورة الطفل "إيلان كردي"، ذلك أنها كشفت الحالة المزرية التي عرّت إنسايتنا وضمائرنا تجاه الحد الأدنى من نجدة الشقيق، وإغاثة الملهوف من بني جلدتنا، بعدما اختار هؤلاء اللاجئين الفرار والموت غرقا في ظلمات البحار على العيش في حجيم بشار والعبادي.

الأكثر مرارة في قضية اللاجئين السوريين أنهم فضلوا الهرب إلى أوروبا الغربية المتآمرة عليهم وعلى ثورتهم، على اللجوء إلى أشقائهم في الخليج العربي المسلم الذي ضن عليهم بالإيواء والاحتواء دون أن تتحرك لديهم وخزة ضمير أو إنسانية تُذكّرهم بحق الدم والدين، بل وصل حد الخذلان إلى اعتبار هؤلاء اللاجئين مرضى نفسيين لا يستحقون إلا العلاج وليس اللجوء!

على مدى أسابيع طويلة، واللاجئون يتدفقون على أوروبا رغم ما يعانونه من عنصرية طائفية، وشوفينية مقيتة تجاه كل ما هو إسلامي، حفاظا على نقاء العرق المسيحي الأوروبي كما يطرح بعض ممثلي تيارات اليمين المتطرف، هربا من شبيحة بشار وبراميله المتفجرة في سوريا، ومليشيات الحشد الشعبي الطائفية في العراق، في الوقت الذي تنشغل فيه أنظمة الخليج بمحاصرة وخنق الربيع العربي بالمال والسلاح والإعلام، خوفا من تصدير مجرد جوهر الثورة لممالكهم، حيث إن للإنسانية مقاما آخر لا يتسع هنا لأمثال هؤلاء المنكوبين!

مواقف الدول العربية، لا سيما الخليجية أدانتها صحف غربية مثل" نيويورك تايمز" و"الغارديان" ومحطة "البي بي سي" التي تساءلت عن عدم استقبال الدول الخليجية لإخوانهم العرب والمسلمين الذين يتدفقون على أوروبا، ويجدون كل الترحيب والمساعدة من حكوماتها وشعوبها في آن واحد، في إشارة واضحة الدلالة لمدى خذلان الأنظمة الخليجية لإخوانهم السوريين والعراقيين على وجه الخصوص.

اللاجيء الذي يفضل الموت غرقا في قوارب الموت في البحر المتوسط على الموت بالبراميل المتفجرة كالذي يستجير بالرمضاء من النار ، بعد أن أُغلقت دونه كل منافذ الحياة حتى من اخوانه العرب.

إن أوروبا تدفع ثمن مواقفها المتخاذلة لنبض الشعوب العربية بدعمها المبطن لطواغيت العرب، بانفجار أزمة اللاجئين السياسيين في عقر دارها دون أن تكون مستعدة بالقدر الكافي لمواجهة أزمة كهذه، ربما ليكون جرس إنذار للقارة العجوز كي تنفض أيديها من قبول أي حل في سوريا يتضمن وجود المجرم بشار الأسد تحت أي تصور في المرحلة المقبلة، مع ضرورة الدفع باتجاه انهاء حالة بشار الأسد من أي خريطة تفاوض لمستقبل سوريا، عبر اتباع أسلوب أكثر براجماتية حمايةً لمصالحها أولاً من خطر انفجار الأوضاع في وجهها نتيجة الكبت والقهر الذي يتعرض له السوريون والعراقيون.

وعلى العرب لا سيما في دول الخليج أن ينتظروا المزيد من الأزمات والإنتكاسات، وألاّ يضيقوا ذرعا من لعنات المكلومين والمظلومين، إن لم يديروا قلوبهم ووجوهم تجاه اخوانهم السوريين والعراقيين ولا ننسي الفلسطينيين في كل كل العصور مهما كلفهم ذلك من مال، حيث إن توفير بند واحد من بنود البذخ على حفلات كبار الحكام والملوك والأمراء والمسؤولين ورحلات أولادهم الترفيهية في الداخل والخارج، والأموال الطائلة التي تُنفق على برامج المسابقات والغناء التافهة كفيلة بحل مشاكل الملايين من فقراء العالم العربي والإسلامي.
0
التعليقات (0)