ملفات وتقارير

الصحفي تيسير علوني يروي ذكرياته مع الملا محمد عمر

علوني: الملا عمر كان سياسيا بارعا تمكن من توظيف إنجازات المقاومة الأفغانية بطريقة فذة - أرشيفية
علوني: الملا عمر كان سياسيا بارعا تمكن من توظيف إنجازات المقاومة الأفغانية بطريقة فذة - أرشيفية
تحدث صحفي الجزيرة المعروف تيسير علوني، الذي كان مراسلا للجزيرة إبان الغزو الأمريكي لأفغانستان وسقوط حكم حركة طالبان منذ العام 2001، عن زعيم حركة طالبان الملا عمر الذي أعلن أنه توفي قبل عامين في الأيام القليلة الماضية.

وقال علوني في حوار مع موقع "هافينغتون بوست عربي"، إن شخصية الملا عمر تجمع أمورا عديدة، "فالأفغان يتميزون بأنهم شعب صعب المراس ومتمرد بطبيعته بسبب توزعهم على الأرياف والبوادي والجبال ولكونه تمكن من قيادة شعب بهذه الخصائص وفرض النظام عليه فهو زعيم قوي بكل معنى الكلمة".

وأوضح علوني الذي التقى الملا عمر في الـ 2001 أن الزعيم الأفغاني "لم يدرس السياسة في مناهج المدارس الدينية لكنه تعلمها بسرعة واستفاد من أخطائه، ومن خلال متابعتي رأيت أن حركة طالبان في عام 1994 هي غيرها في الأعوام الأخيرة، وشهدت تطورا لافتا في تعاملها مع الداخل والخارج".

وأضاف: "يمكنني القول أنه أصبح سياسيا بارعا تمكن من توظيف إنجازات المقاومة الأفغانية بطريقة فذة جعلت الأمريكيين يستنجدون ويتوسلون التفاوض معه بأي طريقة ويفتتحون له مكتبا للاتصال السياسي في قطر بهدف البقاء على تواصل معه من أجل التوصل إلى سحب قواتهم من أفغانستان بطريقة تنقذ ماء وجوههم أمام الشعب الأمريكي".

وتحير علوني إن "كان وصف رجل الدين ينطبق على الملا محمد عمر لأنه أصلا كان طالب علم لم تسمح له ظروف الجهاد والحروب المستمرة بإكمال دراسته، وفي النهاية أرى أن شخصية الملا عمر جمعت أفضل مافي خصائص الأفغاني الأصيل إلى جانب كونه رجل مبادئ، ومعلوم أنه من الصعب جدا الجمع بين المبادئ وممارسة السياسة في عالم اليوم".

تفاصيل اللقاء الأول

يتحدث علوني في حواره عن اللقاء الأول بينه وبين الملا عمر، وكيف أن هيبته وبساطته خيمت على الأجواء التي استقبله فيها هو ووفد حركة طالبات الذي قدموا من الدوحة بعد مفاوضات مع الأمريكان.

وقال "لقائي بالملا محمد عمر تم في شهر أبريل/ نيسان من عام 2001، وكنت قد رافقت في الشهر نفسه وفدا من حكومة طالبان في زيارة إلى الدوحة لتغطية نشاطات الوفد لصالح قناة الجزيرة، عدت مع الوفد إلى قندهار وكان مقررا أن يلتقي أعضاؤه بالملا عمر ليقدموا له تقريرا عن وقائع ونتائج الزيارة، فطلبت من أحد أعضاء الوفد أن يسعى في ترتيب لقاء لي مع الملا فوعد خيرا".

وبعد أن وافق الملا عمر استضافة علوني، يصف صحفي الجزيرة مكان اللقاء قائلا: "اتخذنا مجلسنا بانتظار قدوم الملا عمر ولاحظت وجود وسادة واحدة في الزاوية اليمنى بصدر القاعة ولم يكن في القاعة أي أثاث آخر من كراسي أو طاولات او مزهريات مما اعتدنا على رؤيته في مكاتب المسؤولين خارج أفغانستان، كما أن جدرانها كانت عارية من أية لوحات أو وسائل زينة".

وقال: "بعد بضع دقائق أقبل الملا محمد عمر برفقة شابين مسلحين ونهض الجميع واصطفوا للسلام عليه، وكان دوري الثالث أو الرابع في تحيته ومصافحته بعد بعض كبار السن من أعضاء الوفد وتولى وزير الخارجية وكيل أحمد متوكل مهمة تقديمي إلى الملا".

ووصف علوني شكل الملا عمر  وأشار إلى أنه كان "طويل القامة، أميل الى النحافة، بلحية سوداء كثة تخللتها شعرات بيضاء وشارب محفوف، حنطي البشرة، وكان يرتدي ثوبا افغانيا تقليديا يظهر عليه القدم بلون رمادي داكن، وأظنني لمحت رقعة أو إصلاحا في بعض جوانبه، ويلف رأسه بعمامة سوداء مما يلبسه طلبة العلم في أفغانستان، هيبة الرجل منعتني من إمعان النظر في هيئته وملامحه إلا حين جلس في الزاوية اليمنى من صدر القاعة وكانت جلستي على يساره وبذلك لم أكن أرى عينه اليمنى التي فقدها أثناء الجهاد ضد النظام الشيوعي".

وحول انطباعه الشخصي عن الملا قال علوني "أول ما لاحظته هو هيبة الرجل بين أتباعه وذلك من خلال طريقتهم في الحديث والتعامل معه، فقد شعرت في حضرته بأنني أمام حاكم حقيقي ورجل دولة رغم أن مظهره يتميز ببساطته الشديدة وربما كان أقل الحاضرين أناقة لكن حضوره طغى على الجلسة تماما".

وحول الإجراءات الأمنية المتبعة لمقابلة الملا عمر أكانت سهلة أم معقدة، أوضح أنه "لم تكن هناك إجراءات خارجة عن المألوف وفي حالتي كنت أرافق مجموعة من رجال الدولة لذلك لم نخضع ولو لتفتيش بسيط لكن ما رواه لي الأفغان هو أن بابه كان مفتوحا للقاءات خاصة مع العلماء ومع مسؤولين في الدولة وهناك لقاءات مع مواطنين عاديين يحضرون مجلسه في ساعات معينة ربما لمجرد السلام عليه، وكان لا يتغيب عن المناسبات العامة مثل صلاة الجمعة وصلاة العيدين، ويخرج بجولات في المدينة وما حولها بسيارة يقودها بنفسه وربما رافقه بعض المسؤولين بسيارة أخرى او سيارتين".

وتابع: "عموما فالملا محمد عمر لم يكن يحتاج الى حراسة شديدة فهو يعيش في ظل حاضنته الشعبية التي أيدته وأوصلته إلى السلطة، وهو أصلا لا يريد حراسات ولا مواكب رسمية ولا سيارات مصفحة وليس له أعداء بين أبناء شعبه سوى معارضيه في الشمال، ولابد من التذكير بأن أضخم إنجاز حققته حركة طالبان تمثل في إعادة الأمن الى أفغانستان".

هل ستتأثر طالبان في غيابه؟

يقول علوني: "إذا صحت الأخبار التي تقول أنه توفي منذ سنتين نستنتج أن الحركة كانت تدير شؤونها وشؤون المناطق المحررة وشؤون الحرب من دونه، وصمود حركة طالبان ومقاومتها للاحتلال الأمريكي طيلة هذه الفترة كان يحتاج إلى قيادة متماسكة وتنظيم محكم وهذه لن تعدم رجالا وقادة كبار سيتمكنون من قيادتها إذا حافظوا على المنهج نفسه خصوصا فيما يتعلق بوحدة الصف الداخلي بالإضافة إلى أن هذه الإنجازات تدل على وجود آليات معينة للعمل".

وأضاف: "أستغرب إذا كانت تخلو من آلية لاختيار القائد المناسب، وإذا كانت هناك مخاوف من التأثير السلبي لغياب الملا محمد عمر فهي نابعة من المؤامرات الخارجية، فمثلا المحاولات الباكستانية لجر الحركة إلى التفاوض والاتفاق مع الحكومة الحالية بشروط لا تلبي تطلعات الأفغان، لن تنجح هذه المحاولات إلا بشق صف الحركة ولن تعدم هذه المؤامرات من يخدمها، لكنني أرجح أن الحركة ستتمكن من توحيد صفوفها في ظل قيادة جديدة".

وأكد في ختام لقائه أنه مع كل ما قال آنفا في الرجل "أشعر أنني لم أوفه حقه ولا أجدني قادرا على ذلك، لكن إذا كان لا بد من وصفه بكلمات قليلة فهو رجل نادر المثال".
التعليقات (5)
السلمي
الأحد، 02-08-2015 11:54 ص
الله يرحمه ويرحم جميع اموات المسلمين
أبو عبد الإله
السبت، 01-08-2015 10:42 م
لله دره!!!!!
محمد المقبل
السبت، 01-08-2015 06:51 م
رحمه الله وغفر له وجعل مستقره في عليين
فهد المنصوري
السبت، 01-08-2015 03:18 م
لا أعلم لماذا تذكرت عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأنا أقرأ عن الملا محمد عمر
مطلق
السبت، 01-08-2015 12:41 م
الله يرحمه

خبر عاجل