قضايا وآراء

بنغازي.. هل انتهى الإرهاب؟

1300x600
1300x600
بيوت خالية.. أحجار مبعثرة.. طرق مقفلة.. ودخان القذائف يرسم لسماء بنغازي لونا أسود..
هكذا يبدوا الوضع في منطقة الصابري، إحدى أشهر وأكبر مناطق مدينة بنغازي، بعد عام كامل من القصف.

فمنذ أن اندلع القتال بين قوات الكرامة تحت قيادة اللواء المتقاعد "خليفة حفتر" ومجلس شورى ثوار بنغازي المُكون من كتائب الثوار السابقة، وتشكيل أنصار الشريعة، تضررت معالم بنغازي بشكل غير مسبوق، ونزح السكان بالآلاف عن مناطق القتال.

وسط المدينة الذي يعدّ أكثر الأماكن التاريخية في بنغازي دمر بشكل كبير، شارع عمرو بن العاص وشارع عمر المختار وسوق الحوت والشوارع المتفرعة منه، بالإضافة إلى الميدان الشهير ميدان الشجرة.

عمارة "بن هلوم"، تعد واجهة وسط المدينة لما تحمله هذه البناية من إرث تاريخي وموقع استراتيجي، فهي تقع مقابلة لميدان الشجرة، وفي نهاية الشارع التجاري عمرو بن العاص، تراها اليوم مقفرة مدمرة، بالكاد تقف على قواعدها.

كما أن هناك أحياء أخرى تضررت مثل منطقة الليثي والصابري والهواري والقوارشة وشارع فينيسيا الذي كان يعد أهم الشوارع التجارية في المدينة. 

- "خالد" 39 سنة يقول إنه ترك كل شيء في بيته بعد أن اشتد القصف، وبعد محاولات عديدة لدخول المنطقة وجد البيت خاليا من ممتلكاته مع أضرار كبيرة به.

بينما يبحث "مرعي" 43 سنة عن مكان غير المدرسة التي نزح إليها، ويقول إن "المكان ضيق ويجمعنا حمام مشترك، بالإضافة إلى الحر الشديد وكثرة البعوضمع دخول فصل الصيف، إن الأمر جدّ مأساوي".

بنغازي كانت قد شهدت خلال العامين الماضين سلسة اغتيالات عنيفة لم ينج منها العسكريون ولا الصحفيون ولا حتى النشطاء الشباب، وتم توجيه الاتهام إلى المجموعات التابعة لأنصار الشريعة في المدينة.

وفي تاريخ 15 أيار/ مايو العام الماضي، أعلن "حفتر" حربه على الإرهاب في بنغازي، تحت مسمى الكرامة، لكن القتال لم يقتصر على أنصار الشريعة فحسب، حيث شاركت كل تشكيلات الثوار السابقة في القتال ضد قواته مدعية أن "حفتر" يسعى لإعادة حكم العسكر إلى البلاد. 

أحد الخبراء الأمنيين الذي فضل عدم الكشف عن هويته، قال:" كان من الخطأ التعامل مع الجميع على أنهم إرهابيون، كنا نستطيع أن نستقطب مجموعات الثوار المعتدلة لتكون في صفنا قبل بدء العملية، لكن الهجوم على الجميع بما فيهم الثوار كلفنا الكثير، وجعل المعركة أكثر صعوبة".

الأمر الأخطر في هذه الأحداث كما يرى بعض الخبراء والبحاثين العسكريين، هو ظهور ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية في بنغازي، حيث يؤكد الخبراء في الجماعات المتطرفة أن أعداد مقاتلي الدولة ازداد بشكل كبير في المدينة، فهذه البؤر القتالية بيئة مناسبة لهم لدعوة المقاتلين من كل حدب وصوب، بحسب الخبراء.

ويري بعض المراقبين أن الدمار الذي لحق بالمدينة هو الأكبر في تاريخها، بل إنه أسوأ مما حدث في الحرب العالمية الثانية.

يقول الحاج "معتوق" الذي شهد تلك الحرب صبيا إن بنغازي لم تشهد هذا النزوح إبان تلك الحرب، رغم كثافة الغارات الجوية وعنفها في ذلك الوقت.

وتعيش المدينة واقعا مريرا تمثل في نقص الخدمات الأساسية كافة، فالميناء البحري الذي يعد شريان الحياة متوقف منذ أشهر، ناهيك عن إغلاق المطار. وتشهد المدينة انقطاعا للتيار الكهربائي لفترات طويلة، ونقصا في الوقود وغاز الطهي، فضلا عن انتشار القمامة في أحيائها.

اللجنة الوطنية للحريات وحقوق الإنسان، دقت ناقوس الخطر، وطالبت المجتمع الدولي بضرورة التحرك الفوري لوقف الاقتتال داخل المدينة، مؤكدة أن ما يحدث مخالف لاتفاقية جنيف الرابعة التي تدعوا إلى تجنيب المدنيين القتال. 

وفي هذا الوقت، تُجري أطراف النزاع السياسي جلسات للحوار تحت إشراف بعثة الأمم المتحدة في ليبيا وصفت بالماراثونية، تسعى إلى تكوين حكومة وفاق وطني، غير أن كل هذه الجلسات لم يتم فيها الإشارة إلى ما يحدث في بنغازي، الأمر الذي يطرح تساؤلا حول مصير ثاني مدن ليبيا، بعد كل هذا الدمار الاجتماعي، قبل العمراني.
التعليقات (1)
محمد الصلابي
الخميس، 30-07-2015 04:38 م
المدينة خسرت أيضاً نسيجها الإجتماعي المميز ،، حيث انقسم الكثير للاصطفاف وراء طرف وخلق عداوة مع الطرف الآخر وإلقاء التهم والتهجير وحرق البيوت وسلب الممتلكات والاعتقالات والتعذيب .

خبر عاجل