اقتصاد عربي

باحث أمريكي: ما هي مفاجآت الاقتصاد الأردني المتوقعة

الأردن يعتمد على المساعدات الخارجية لتمويل مشاريع البنية التحتية - أرشيفية
الأردن يعتمد على المساعدات الخارجية لتمويل مشاريع البنية التحتية - أرشيفية
رأى مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن، ديفيد شينكر، أنه "على الرغم من التطورات في سوريا والعراق، فإن الأردن يثابر من أجل النهوض باقتصاده، كما أشار البنك الدولي وصندوق النقد الدولي".
 
ومع ذلك، يقول شينكر: "فإن المرونة الملحوظة للمملكة، واستمرارية الاستقرار في البلاد، ليست عوامل مضمونة على الإطلاق، ومن المرجح أن تصبح أكثر ضعفا مع تدهور الأمن الإقليمي". 

وحول الاقتصاد الأردني، كتب ديفيد شينكر تقريرا على الموقع الإلكتروني لمعهد واشنطن، دعا من خلاله إلى "استمرار الدعم الاقتصادي الكبير الذي تقدمه الولايات المتحدة ودول الخليج للأردن".

وقال الباحث في المعهد: "في الاحتفال باليوم العالمي للاجئين، الذي جرى في 20 حزيران/ يونيو، برز
الأردن بوضوح ولسبب وجيه، فوفقا للسلطات الأردنية، وصلت نسبة اللاجئين السوريين في البلاد في الوقت الحالي 21 في المئة من سكان المملكة. 

وتابع بأنه "على الرغم من أن اللاجئين يشكلون مصدر قلق كبير للأردن، إلا أن المملكة انشغلت بالقضايا الاقتصادية في الآونة الأخيرة، ففي الفترة 21 - 23 حزيران/ يونيو، استضاف الأردن اجتماعه السنوي لـ "المنتدى الاقتصادي العالمي" في منطقة البحر الميت، وجاء الاجتماع في أعقاب تقريرين نشرهما «البنك الدولي» و«صندوق النقد الدولي» على التوالي، وفيهما بعض التفاؤل حول الآفاق الاقتصادية للمملكة، الأمر الذي يدعو إلى الاستغراب".

واعتبر شنيكر أن "موضوع اللاجئين والتهديد الذي يطرحه تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، أحد التحديات الكبرى التي يواجهها الأردن، ورغم ذلك يبدو أن المملكة تحرز تقدما متواضعا نحو تحسين اقتصادها الضعيف بشكل دائم، وهو ما يشكل موضع ترحيب في منطقة محرومة من التطورات الإيجابية".

ولفت إلى أنه "لم يكن الاقتصاد الأردني أبدا قويا بشكل خاص، ولكن الانتفاضات الإقليمية التي شهدها عام 2011، وما أعقبها من تطورات، كان لها تأثير عميق على المملكة؛ فقد كانت الاضطرابات المتعددة المتعلقة بخط أنابيب الغاز الطبيعي الذي يربط بين مصر والأردن، ذات تأثير ضار بشكل خاص، الأمر الذي اضطر عمان إلى شراء النفط الخام الباهظ الثمن من الأسواق الحرة".

وواصل شنيكر قائلا: "وقد أدى ذلك إلى قيام عجز في الموازنة بقيمة ثلاثة مليارات دولار، أو ما يساوي 30 في المائة، في عام 2013. أضف إلى ذلك أن الحروب في كل من العراق وسوريا قلصت أيضا من حجم الصادرات الأردنية، وأعاقت تحويلات المغتربين، وقوضت قطاع النقل في البلاد. وفي الوقت ذاته، أدى وصول حوالي مليون لاجئ سوري إلى إنهاك البنية التحتية في المملكة، وارتفاع أسعار العقارات وتضييق سوق العمل المرهق في الأصل".

كما قال في تقريره إن "غياب الاستقرار في المنطقة أعاق السياحة في البلاد إلى حد كبير، ففي تشرين الثاني/ نوفمبر 2010، زار 142 ألف سائح المملكة، بينما لم يأتِ سوى 78 ألف سائح في نيسان/ أبريل 2015. وفي العام الماضي، كان عدد السياح الذين زاروا البتراء ربع ما كان عليه في عام 2010".

وذهب شنيكر بالقول إلى أنه "لا يشعر عموم الشعب الأردني بالتفاؤل بشأن اقتصاده. فوفقا لاستطلاع للرأي نُشر في حزيران/ يونيو، وأجراه "مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية" الذي يتخذ من عمان مقرا له، يعتبر 57 في المئة من الأردنيين أن الاقتصاد "سيئ" أو "سيئ جدا". وفي حين أن الشعور السلبي هو سائد وواضح على أرض الواقع، من الملاحظ أن تقييم المؤسسات المالية العالمية، التي تعتمد وجهة نظر من على بعد 30 ألف قدم، هي أكثر إيجابية بشكل ملحوظ".

ونوه إلى أنه "في التقرير الذي أجراه «صندوق النقد الدولي» في نيسان/ أبريل 2015 حول "الاتفاق الاحتياطي" مع الأردن، ذكر «الصندوق» أن المملكة "تثابر في بيئة إقليمية صعبة". وعلى الرغم من تأثير الأحداث في سوريا والعراق، أشار التقرير إلى أن "النمو لا يزال متماسكا، والتضخم منخفض، والعجز في الحساب الجاري في تقلص، والاحتياطيات الدولية عند مستوى مريح، والنظام المصرفي قوي". وكان تقرير «البنك الدولي» لربيع 2015 بعنوان "الاستمرار نحو الأمام على الرغم من التحديات" مفرطا إلى الحد نفسه في نظرته المستقبلية. فقد تنبأ «البنك الدولي» بأنه "من المتوقع أن يواصل الاقتصاد الأردني تماسكه بانتظام مع استمرار الإصلاحات"، على الرغم من أن التقرير قد حذر من أن "الأمن وأسعار النفط يشكلان مخاطر سلبية رئيسية".

وبين شنيكر أن "معدل النمو في الأردن الذي بلغ 3.1 في المئة في عام 2015، الذي زاد عن الـ 2.8 مما كان عليه في عام 2014، هو مثير للإعجاب دون شك. ومع ذلك، تواجه المملكة العديد من التحديات الاقتصادية المستمرة".

واعتبر أن "إحدى المشكلات الكبرى في البلاد هي خلق فرص العمل. ورسميا، تبلغ نسبة البطالة في الأردن 12 في المئة، على الرغم من أن الكثيرين يعتقدون أن الرقم الفعلي هو أعلى من ذلك بكثير. وتشكل بطالة الشباب وحدها نسبة عالية مذهلة تبلغ 30 في المئة. والأسوأ من ذلك، تبلغ المشاركة في سوق العمل في المملكة حوالي 36 في المئة فقط، وفقا للبنك الدولي".

وأوضح شنيكر أن " من المخاوف الاقتصادية، الدَيْن العام المتنامي للمملكة -معظمه على الصعيد المحلي- الذي يبلغ حاليا 32 مليار دولار، أو ما يقرب من 90 في المئة من "الناتج المحلي الإجمالي"، الذي يعدّ عاليا بالنسبة للبلدان النامية. كما وا يزال أداء "بورصة عمان" ضعيفا. إذ كان إجمالي القيمة السوقية في عام 2014، 25 مليار دولار، بانخفاض 30 في المئة عن عام 2005. 

وأشار إلى أن "الأردن ما يزال يعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية لتمويل مشاريع البنية التحتية المحلية، الأمر الذي يوفر العديد من فرص العمل. ففي عام 2015، ستتكفل دول الخليج مبلغ 736 مليون دولار من النفقات الرأسمالية للحكومة الأردنية التي تبلغ 1.4 مليار دولا، في الوقت الذي تعاني فيه منطقة الخليج من ضائقة مالية بسبب انخفاض أسعار النفط.

في النهاية، ختم شنيكر تقريره بالقول: "ليس هناك شك بأن المساعدات المالية التي تقدمها الولايات المتحدة ودول الخليج تساعد المملكة على اجتياز العاصفة الإقليمية. إلا أن هذه المساعدات ليست سوى تدبير مؤقت. فإذا استمرت الفوضى في سوريا والعراق، كما هو مرجح، فليس هناك شك بأن التهديدات التي سيتعرض لها الأردن ستأخذ في الازدياد".
التعليقات (0)