قضايا وآراء

تساهل مع تجار المخدرات.. ومحاربة لعلماء التربية

أحمد الشيبة النعيمي
1300x600
1300x600
عندما تغيب مؤسسات التوجيه والإرشاد والتوعية الدينية الواعية الوسطية التي يثق الناس في مصداقيتها، تغرق الأجيال في متاهات الضياع والانحراف ويبحث الشباب عن معنى لحياتهم في الملاهي والتسالي الفارغة فلا يجدون ما يشبع تطلعاتهم ويجيب عن أسئلتهم الوجودية وينحدرون نحو الخيارات الهروبية للانسحاب من الواقع والبحث عن عوالم خيالية في دهاليز عالم المسكرات والمخدرات...

وتأتي التقارير الدولية السطحية عن تصدر شبابنا لمستويات الشعور بالسعادة فينخدع بها البعض ويعتبرها من المنجزات، ولكن تقارير استهلاك المخدرات والهروب من الواقع تؤكد أن تقارير السعادة تتوقف عند القشرة الخارجية للمشاعر وتفشل في الكشف عن الجحيم الداخلي الذي يتوارى خلف محاولات الهروب إلى السعادة المتوهمة في عالم المخدرات والضياع..

فقد سجلت فرق التحريات ومكافحة المخدرات في القيادة العامة لشرطة دبي خلال الربع الأول من العام الجاري 314 قضية في حين كانت 285 قضية في الفترة نفسها العام الماضي وبلغ اجمالي الأقراص المضبوطة خلال خمس سنوات فقط 816 قرص في دبي فقط كما تشير التقارير إلى تزايد عدد المدمنين بالآلاف وفقا لصحيفة الاتحاد الصادرة في 28 يونيو 2015...

يأتي هذا التزايد في الوقت الذي تفرض فيها الأجهزة الأمنية حصارها على مؤسسات التوعية الدينية والتربوية والأخلاقية ويقبع الكثير من الدعاة ورجال التربية والإصلاح في السجون..

ويتزامن هذا الضييق على مؤسسات الدعوة والتزكية والتوعية الجادة ورجال الدعوة والإصلاح مع انفتاح غير منضبط اقتصاديا وسياحيا وثقافيا على الثقافات والفنون والبضائع الوافدة فتزداد مأساة الضياع ولا يجد الشباب محاضن التوعية المأمونة فيجدون أنفسهم فريسة سهلة لجلساء السوء الذين يهيؤون لهم سبل الانحراف ولا يجدون من يدلهم على الخير ...

إن تزايد أعداد المدمنين واستهلاك المخدرات نتيجة طبيعية للتضييق المتعمد على منابر الدعوة ورجال الفكر والتربية والتساهل مع تجار المخدرات والمظاهر المشجعة على الانحراف...
 ولا يمكن أن نزرع الشوك ونتوقع أن تكون الثمرة ورود ورياحين.

وما أحوج الدولة إلى مراجعة سياساتها واستبدال سياسة التضييق على الدعاة ورجال التربية والتزكية والتوعية الدينية بالتضييق على المخدرات وتجارها ومتابعة مروجيها. واستبدال سياسة الانفتاح على الثقافات والفنون والبضائع الوافدة بالانتفاح على الثقافة الإسلامية الأصيلة والتسامح مع علماء التربية والتوعية الدعوية...

ما أحوج شبابنا للشعور بمعنى الانتماء للهوية الإسلامية الأصيلة التي تمنحهم المعنى الأعمق لوجودهم بدلا من البحث عن هذا المعنى في سراديب الضياع والإنحراف...وما أحوجنا إلى  عودة المؤسسات الدعوية الوسطية و تظافر جهودها مع المؤسسات التعليمية والمؤسسات الثقافية في سبيل خدمة هدف مشترك ينسجم مع هوية الأمة ويساهم في إعداد الأجيال بمسؤولية ووعي مع التسلح بالمعرفة العميقة والثقافة الأصيلة وقبل كل ذلك نحتاج إلى إرادة سياسية تمتلك شجاعة الاعتراف بالأخطاء والقدرة على تصحيحها لحماية مستقبل الأجيال الواعدة..
التعليقات (0)