سياسة عربية

تهنئة "عسكرية" لرئيس الحزب الحاكم تثير جدلا واسعا بالجزائر

اعتبر محللون الرسالة تدخلا عسكريا في السياسة ومحاولة إنقاذ حزب بوتفليقة الذي تنخره الصراعات - أ ف ب
اعتبر محللون الرسالة تدخلا عسكريا في السياسة ومحاولة إنقاذ حزب بوتفليقة الذي تنخره الصراعات - أ ف ب
تتفاعل الساحة السياسية بالجزائر، بشكل لافت وسريع مع رسالة "تهنئة" بعث بها، الإثنين، نائب وزير الدفاع الوطني وقائد أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، للأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، بعد فوز الأخير، بانتخابات المؤتمر العاشر للحزب، الجمعة 29 أيار/ مايو الماضي.

وزكى المؤتمرون الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، رئيسا لحزب جبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم) في البلاد، وسعداني أمينه العام.

وقال الفريق قايد صالح قائد أركان الجيش في رسالته إلى عمار سعداني" إنه لمن دواعي سروري أن أتقدم إلى شخصكم بخالص التهنئة وأطيب الأمنيات بالصحة والرخاء بمناسبة تزكيتكم بالإجماع أمينا عاما لحزب جبهة التحرير الوطني، وأدعو الله أن يوفقكم في مهمتكم التي تتطلب الكثير من التضحيات".

كما قال صالح في الرسالة ذاتها " سيبقى الحزب القوة السياسية الأولى بالبلاد حاملا لهاجس خدمة المصالح العليا للوطن"، مضيفا أن " الحزب يبقى أكثر من أي قوة أخرى حاملا لذكريات تاريخنا المجيد".

وتواتر بالجزائر جدلا كبيرا بشأن الرسالة، التي يقول محللون إنها لا تخرج عن سياق عام لمرحلة سياسية جديدة ترتب أطوارها بالجزائر، من خلال "إنقاذ الحزب الحاكم" الذي تنخره صراعات منذ سنوات عديدة، في ظل مطالب المعارضة بإيداعه "المتحف"، كونه لم يعد يساير متطلبات المرحلة السياسية الحساسة التي تمر بها البلاد، ولم يعد قادرا على مواصلة الحكم.

وانتقد حزب "الحرية والعدالة"، مضمون الرسالة، وقال في بيان له، الثلاثاء إن " التهنئة التي بعث بها قائد الجيش إلى الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني تطرح تساؤلات مشروعة عن  التوجه الجديد لقيادة المؤسسة العسكرية في علاقاتها مع الأحزاب السياسية".

وقال قيادي بحزب جبهة التحرير الوطني، دون ذكر إسمه، في تصريح لصحيفة "عربي21"، الثلاثاء " إن رسالة التهنئة بروتوكولية بالدرجة الأولى، ولم نفهم لما كل هذه الضجة". لكن بيان حزب الحرية والعدالة، أكد أن " رسالة التهنئة لم تكن مجرد مجاملة بروتوكولية بقدر ما كانت رسالة  سياسية بامتياز تضمنت موقفا وأملت توجيها".

كما ورد بنص بيان الحرية والعدالة، الذي يرأسه وزير الإتصال الجزائري السابق، محمد السعيد "أن هذا السلوك غير المعهود لقيادة أركان الجيش الوطني الشعبي يتعارض تماما مع إحدى مهام الجيش الواردة في ذات الرسالة، وهي حماية استقرار الأمة"، وأضاف متسائلا " كيف يكون الانحياز السافر لتشكيلة سياسية معينة ضامنا للاستقرار أو أليس العكس هو الصحيح؟

ويرى عبد الرزاق مقري، رئيس "حركة مجتمع السلم"، المعارضة بالجزائر، أن " رسالة قائد أركان الجيش خطوة غير مسبوقة بالساحة السياسية "، وأفاد في تصريح لصحيفة "عربي21"، الثلاثاء " لم يسبق لمؤسسة الجيش أن تدخلت بشكل علني في شأن حزبي وهذا الموقف أبان للعلن ما يحاك في السر من أجل ترتيب مشهد سياسي يكون فيه حزب السلطة مدعوما".

 كما تابع "أن الترتيبات الأخيرة التي خضعت لها جبهة التحرير باعتبارها جهازا يراد التحكم فيه تحكما مطلقا من طرف جناح من أجنحة السلطة، وكان آخرها هذا الموقف المساند لقائد الأركان تدخل ضمن مخطط يعد لمرحلة مقبلة يراد فيها الإجهاز على الشيء القليل الذي بقي من مكتسبات الديمقراطية ".

و يعتقد مقري أن " هذا الموقف من قائد الأركان لا يخدم المؤسسة العسكرية حيث يجعل الكثير من الجزائريين لا يشعرون بالأمان تجاه مؤسسة بنيت بدماء الشهداء ينبغي أن تكون للجميع وعلى مسافة واحدة بين كل الأحزاب".

 ومن جانبه، يعتقد جيلالي سفيان، رئيس حزب"جيل جديد"، الحداثي، بالجزائر أن الأمور بدأت "تتضح بجلاء من خلال رسالة صالح لعمار سعداني، وقد أظهرت المؤسسة العسكرية ولاءها وهذا تدخل سافر في الشأن السياسي بالجزائر".

وأوردت مجلة "الجيش" الشهرية، بالجزائر، في عددها الأخير، الخميس الماضي، أن " الجيش حريص على القيام بمهامه الدستورية، بصون وحماية التراب الوطني وحماية الأشخاص و الممتلكات"، وذلك ردا على من ينتقد تدخله بالشأن السياسي.
التعليقات (0)