كتاب عربي 21

المدسوس في خطاب دافوس

سيف الدين عبد الفتاح
1300x600
1300x600
رغم أن الأقنعة قد تعبت من السقوط، إلا أن المفتون بنفسه وبغيره لا يعي ذلك، ولا يكف كل يوم عن كشف المزيد من سوءاته وسيئاته، وأن يشهد على نفسه بأفعاله وأقواله ومن كل طريق. 

يقف أمام العالم في مؤتمر مفتوح، منتدى دافوس الاقتصادي، لا ليتحدث عن رؤاه أو سياساته أو حتى أحلامه، بل عن أساطيره وأباطيله وأوهامه. يتحدث عن (الحريات وحقوق الإنسان)، وعن (الشباب الذي يصنع المستقبل)، وعن (الإرادة الشعبية الحرة التي تصنع الحاضر)، وعن (إمكاناتنا الهائلة)، وكيف (واجهنا في مصر خطر محاولة فرض الرأي الواحد وإقصاء كل من يخالفه)، ... فعن أي شيء يا هذا تتحدث؟ وبأي وجه تتكلم؟!.

الست من صنعت شماعة (الإرهاب) المحتمل ثم المفتعل ثم المدفوع إليه دفعا والمصطنع في أحواله ومآلاته، حتى تحولت البلاد والعباد إلى ثكنة عسكرية كبيرة؟

إن حديثك في دافوس عن الحريات وحقوق الإنسان والإرادة الشعبية ترفضه وتنفر منه أبواقك الإعلامية في الداخل، التي تهاجم كل متحدث عن هذه الكلمات المخذولة؟ تلك كلمات صارت محل اتهام بالمؤامرة والعمالة، وكل من يتحدث بها فهو خائن متواطئ ضد الوطن، مهدد لأمنه القومي. 

ماذا تقول أنت لهؤلاء الموتورين؟ وماذا يقولون هم لك وأنت تقولها: (إن الجمود الفكري الناجم عن التطرف والغلو الديني أو المذهبي تزداد حدته جراء اليأس والإحباط وتراجع قيم العدالة بمختلف صورها. وبالتالي.. فإن جهودنا للقضاء على التطرف والإرهاب لابد أن تتواكب معها مساعٍ نحو مستقبل تملؤه الحرية والمساواة والتعددية.. ويخلو من القهر والظلم والإقصاء..)؟  والله لولا أنت صنمهم لوضعوك من جراء هذا الكلام على قوائم المطاردة والاعتقال!!.

هل حقا تعني ما تقول؟ وهل تعرف دولة في العالم تلقي بعشرات الآلاف من شعبها في السجون ثم تردد كلاما ككلامك؟

أين هذا من أحكام الإعدام والمؤبدات بحق المسنين والصبية والنساء والبنات؟ أين هذا من مرضى يحبسون في السجون ويمنع عنهم العلاج حتى يلتهمهم الموت كمدا وألما وقد بلغوا بالأمس 265 نفسا ستحاسب عليها أنت وقضاؤك وشرطتك لا محالة؟ 

تتحدث عن مواجهتك لمحاولة فرض الرأي الواحد.. فماذا فعلت أنت؟ كم من رأي يعبر عنه في إعلامك؟ وفي المجال السياسي والعام؟ كم من منافس لك ظهر؟ وكم من مخالف لك رفع صوته؟ أأنت تتحدث عن مستقبل تملؤه الحرية والتعددية، ويخلو من القهر والظلم والإقصاء؟ من ورطك في هذا الكلام؟ للأسف كعادتك: كذبت!

ثم أين حديثك في دافوس للقضاء عن الفقر –بوصفه حقا من حقوق الإنسان- من سياساتك وقوانينك وقراراتك التي تزيد المقهورين قهرا والمفقرين فقرا، بينما تخفف الضرائب والأعباء عن كاهل الأصدقاء والحلفاء من الأغنياء الأحباء؟ أين هذا وأنت ترفع الدعم عن الفقير ولا ترعى أصحاب معاشات ولا من لا يجدون قوت يومهم، ويخرج أتباعك ووزراؤك على الشرفاء من أصحاب المهن المحترمة يهزؤون بهم ويسخرون منهم ومن أبنائهم (ابن الزبال وابن الحلاق..)، وتمنح المحظوظين ابتساماتك الواسعة ولقاءاتك ووعودك المالية المفتوحة؟. 

إن أفواه المفقرين وبطونهم تقول لك: كذبت.. كذبت!

أنت في دافوس تقول: (فمــن غيـر المقبول أن يستمر الفقر سبباً لمعاناة جزء كبير من شعوبنا رغم الإمكانات الاقتصادية الهائلة التي تزخر بها دولنا).. وأنت في مصر تقول: مافيش.. ماعنديش.. مش قادر أديك، هاجيبلكم منين؟ هاتكلو مصر يعني؟ امشوا على الأقدام، امنعوا الخلفة بعد الثاني أو الثالث.. وتريد أن تضحي بجيلين لأجل نفسك لا من أجل الأجيال القادمة..

أما حديثك عن هذه الأجيال.. "الشباب".. فهو حديث العجب العجاب!! (والمستقبل ملك للشباب، ولن يرسم معالمه أحد سواه، من خلال طموحاته وقدراته. إن تعزيز دور الشباب لم يعد من قبيل الترف، وإنما أضحى ضرورة لا غنى عنها.. لاسيما في الدول والمجتمعات التي تضم نسبة كبيرة من الشباب بكل ما يمثلونه من أمل في المستقبل..). 

عن أي مستقبل تتحدث؟ وعن أي شباب تتحدث؟ إن كنت لا تدري يجيبك هؤلاء:

يجيبك ويكشف المدسوس في خطاب دافوس: شباب عرب شركس الذين لفقت لهم الاتهام، وأدنتهم بعيدا عن أدنى درجات العدالة، ثم أعدمتهم على عجل وقضيتهم لا تزال مفتوحة أمام المحاكم.. إن تصورك لهؤلاء الستة وقد قتلتهم عمدا، كان حريا أن يمنعك عن التلفظ بهذه الكلمة ثانية (الشباب). إن الكلمة ترتد عليك بصداها: كذاب.. كذاب!

يجيبك ويكشف المدسوس في دافوس: الطالب أنس المهدي الذي قتله بلطجيتك ليس في ميدان حرب، إنما في موئل علم، في جامعة القاهرة، التي يريد الظالمون جعلها جامعة القهر.. أربع رصاصات في جسده الطاهر ترد عليك: كذبت.. كذبت.. كذبت .. كذبت.

يجيبك ويكشف المدسوس في دافوس: طالب هندسة عين شمس إسلام عطيتو الذي كذبت 
شرطتك في تلفيق قصة قتله، وفضحها الشباب والأستاذ الحر كريم النفس الذي أبى إلا الكلام وشهادة الحق.. إن دماء إسلام تصرخ في وجهك: كذبت.. كذبت.

يجيبك ويكشف المدسوس في دافوس: شباب لا نعرف لهم عددا مختطفون لا يعرف لهم مكان، وشباب آخرون مطاردون في كل مكان، وشباب آخرون يموتون تحت تعذيب زبانية الشيطان، وشباب غيرهم يقتلون أنفسهم، وينتحرون يأسا وبؤسا بعد أن ضيقت عليهم منافذ الحياة وملأتها جورا وفقرا وفرقة وصراعا.. وشباب يرونك تأبى إلا أن تحطم رموزهم الشبابية والأخلاقية والوطنية المحبوبة فيما تفعله مع أمير قلوبهم: اللاعب الخلوق. 

أين أنت من إرهاب إعلامك للحركات الشبابية، واستضافتهم شبابا يخالفونك ويرونك مخطئا، فإذا بهم يتعرضون لتهديدات محسوسة ومدسوسة بأنهم يؤيدون الإرهاب ويعملون على تفكيك الجيش وهدم الدولة... إن أحكام اغتيال الحركات الشبابية باعتبار 6 أبريل والألتراسات الشبابية وأمثالها كيانات إرهابية تقول لحديثك عن الشباب: كذبت.. 

ثم إن اختيارك لوزير يفترض أن يكون مسؤولا عن العدالة في مصر، وهو إنما يحتقر الشعب وطبقاته، ثم حديثك عن حاضر يصنعه الشعب نفسه، يجعل كل ذي لسان يقول لك: كذبت.

إن الشباب في كل شبر في مصر لم يعد يرى فيك إلا مستبدا طاغيا، ومستخفا باغيا.. وكلما تحدثت عنهم واجهوك: (ضدك)..

وأخيرا إذا لم يكن في كل هذا الكلام ما يكشف لك المدسوس في خطاب دافوس، فاسمع لهذا الأعجمي رئيس برلمان ألمانيا (الذي انضم أخيرا إلى التنظيم الدولي للإخوان الإرهابيين)، وهو يقول لك بأعلى صوت: أفعالك تكذب أقوالك.. لقد قتلت واعتقلت وطاردت، باختصار يقول لك: لا يشرفني مقابلتك إذ حللت بأرضنا، لقد كذبت!.
التعليقات (5)
Tarek
الأربعاء، 27-05-2015 02:20 ص
احترامنا لك يزيد كل يوم
هشام
الثلاثاء، 26-05-2015 09:56 م
حسبنا الله
عبدو المغرب
الثلاثاء، 26-05-2015 09:46 م
لك الله ىا مصر =ان شاء الله الفرج قريب اتمنى ان يقرا الشباب المصري هدا المقال الكاشف لبهتان السيسي والفضح لاقواله واعماله
ضد التعريض والمعرضين
الثلاثاء، 26-05-2015 08:18 م
أرجل واحد فى مصر د.سيف الدين عبدالفتاح .هذا هو خلاصة القول
حمدى
الثلاثاء، 26-05-2015 02:44 م
هذا مايدور فى قلوبنا