ملفات وتقارير

هل أصبحت النخب والأحزاب في مصر "فعلا ماضيا"؟

فشلت الأحزاب والنخب السياسية في رهانها السابق على تحقيق الإصلاح بعهد المخلوع مبارك - أرشيفية
فشلت الأحزاب والنخب السياسية في رهانها السابق على تحقيق الإصلاح بعهد المخلوع مبارك - أرشيفية
ما زالت أكثر الأحزاب والنخب السياسية المصرية؛ تلزم الصمت حيال "تنامي" سياسة تكميم الأفواه، وتزايد محاكمات الرأي في البلاد، فيما جند بعضهم نفسه لتسويغ ممارسات النظام القمعية، التي طالت كل معارض، بغض النظر عن انتماءاته السياسية.

ودفعت مواقف النخب والأحزاب العديد من النشطاء والسياسيين؛ إلى وصفها بـ"المتخاذلة"، وأنها "باتت خارج نطاق معادلة التغيير والإصلاح"، بعد أن "فشل الرهان عليها بأن تكون صوتا للشعب، لا بوقا للنظام القائم".

اختفاء

ونفى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة، وجود "أحزاب سياسية حقيقية في مصر"، معللا ذلك بكون "السلطة لا تريد أحزابا قوية، ولا تصدر قوانين مشجعة على العمل الحزبي، بل إنها تقيده وتكبله".

وأضاف لـ"عربي21" أن "الأحزاب لا تنضج ولا تزدهر إلا من خلال مناخ ديمقراطي، وانتخابات حرة ونزيهة، وهو ما لم يحدث طوال عقود"، لافتا إلى أن الأحزاب التي يتحدث عنها "تختلف عن جماعة الإخوان المسلمين التي تعد جماعة عقائدية يمكنها الاستمرار في العمل في الظلام والسر"، على حد تعبيره.

وفي ما يتعلق بانزواء النخب السياسية عن المشاركة في القرارات السياسية والاقتصادية والأمنية المتعلقة بالرأي العام؛ قال نافعة إنه "لا توجد مشاريع سياسية أصلا مطروحة للنقاش"، عازيا قصور الأحزاب عن دعم كثير من قضايا الرأي والمعتقلين السياسيين إلى "عدم وجود مناخ ملائم في البلاد للحديث عن الحريات والحقوق".

تكلّس

من جهته؛ قال المتحدث باسم حزب مصر القوية، أحمد إمام، إن النخب السياسية "متكلسة الفكر، وليس لديها مرونة، وتأتي دائما في ذيل التغيير"، متهما إياها بـ"التزام الصمت إزاء عسكرة الدولة".

وعزا غياب الأحزاب السياسية إلى "قيام نظام السيسي بلفظ معظم حلفائه"، مشيرا إلى أن بعضهم "ما زال يكابر، مغفلا أن رهانه على نظام السيسي فشل، كما فشل رهان كثيرين في السابق على الإصلاح في عهد حسني مبارك".

وتابع: "لا يوجد مناخ سياسي في البلاد؛ يصلح لأن يقدم أي حزب نفسه كبديل وطني، فالدولة أقصت كل السياسيين وأحزابهم، سواء المؤيدة أو المعارضة، ولا يتم استحضارهم إلا في الإعلام للإساءة إلى مفهوم الحزبية والأحزاب".

الكبار والشباب

وأضاف إمام لـ"عربي21": "ثبت بالتجربة أن الشباب سباقون في قراءة المشهد؛ عن الجيل الكبير الذي تم تغييبه طوال 60 عاما، ما جعل قدرته على الاستقراء والمراجعات بطيئة، وغير دقيقة".

ولفت إلى أن "تلك الأحزاب الليبرالية والعلمانية أخذت وقتا طويلا قبل أن يدرك بعضها أن الرهان على الثالث من يوليو كان خطأ وخطيئة، ولا يزال بعضهم غير مدرك هذا، فيما أدركه الشباب مبكرا".

بدورها؛ وصفت الناشطة السياسية وعضو حركة 9 مارس من أجل استقلال الجامعات، ليلى سويف، من يراهن على النخب السياسية في أي وقت، بأنه "مخطئ".

وقالت لـ"عربي21" إن "النخب التي عاشت في عهد مبارك تأقلمت بدرجة أو بأخرى مع أجواء الفساد"، مضيفة أن "من هذه النخب من هاجر خارج البلاد، ومنهم من أصيب بلوثة في عقله".

وأوضحت أن "سقف توقعات الأجيال القديمة وآمالها؛ أقل بكثير مما يصبو إليه الشباب في التغيير"، داعية إياهم إلى "ترك الساحة، والاستراحة من عناء التغيير؛ لأنه بيد الشباب فقط".

خداع الجماهير

أما المتحدث باسم حزب الأصالة، حاتم أبو زيد؛ فقد وصف الحالة التي تعيشها الأحزاب والنخب السياسية في مصر، بـ"المزرية"، مضيفا أنها "تعكس وقوفها مع الانقلاب العسكري بدافع كراهيتها للتيار الإسلامي".

وقال لـ"عربي21" إن "تلك الأحزاب لم تكن معارضة قبل ثورة يناير، لتتحول إبان حكم الرئيس محمد مرسي إلى معارضة، ولكنها لم تكن مخلصة، ولا تقوم بدور المعارضة، وإنما كانت تخدع الجماهير"، متسائلا: "أين هذه الأحزاب الآن؟ لماذا اختفت في عهد الانقلاب".

وأضاف أن "ما يسمى بالنخب السياسية تقضي على نفسها بنفسها من خلال الإذعان إلى بيادة العسكر"، مشيرا إلى أن "جزءا كبيرا من هذه النخب ليست بمنأى عن الفساد، ولذلك لا يمكنها الاعتراض على أفعال العسكر وقراراته".

وقال رئيس حزب الكرامة، محمد سامي، إن تراجع دور الأحزاب واختفاء فعاليتها؛ يعود إلى "طبيعة القوانين الحالية التي تؤثر على عملها".

وأضاف لـ"عربي21" أن "الأحزاب السياسية فقدت الزخم الذي كان موجودا إبان حكم جماعة الإخوان المسلمين؛ لأنها حاليا تفتقد المشروع الذي يمكن أن يوحدها ويعيدها إلى سابق عهدها".

ورأى سامي أن الأحزاب والنخب باتت اليوم في موقف حرج؛ يمنعها من التعرض للسيسي بالنقد أو المدح، "فهي أمام خيارين؛ إما أن يقال إنها مع معسكر الإخوان، أو إنها تنافق السيسي!".
التعليقات (0)